وليامز قلق من تكرار مارون الراس

ردَّ الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان مايكل وليامز، على الانتقادات الإسرائيلية لتصريحاته التي دان فيها الاستخدام المفرط للعنف من جانب الجيش الإسرائيلي في بلدة مارون الراس الحدودية ضد المتظاهرين، الذين قال إنهم بدوا غير مسلحين، فأوضح أن البيان الذي «أدليتُ به يوم الإثنين كان قائماً على التحاليل التي أجريناها في شأن الأحداث وتقرير قوات يونيفيل حول الأحداث نفسها، وعلينا ألا ننسى أن مروحية اليونيفيل كانت تحلّق في الجو خلال هذه التظاهرة، كما كان (قائد قوات الأمم المتحدة) الجنرال ألبرتو أسارتا على اتصال دائم عبر الهاتف مع الجيشيْن اللبناني والإسرائيلي. لذلك، أنا أتفهم مخاوف الجانب الإسرائيلي، ولقد خرق المتظاهرون الخط الأزرق، الأمر الذي يشكل بحد ذاته خرقاً للقرار 1701، غير أنهم لم يخرقوا السياج الحدودي التقني».

وأضاف وليامز في تصريحات أدلى بها لـ «الحياة» ، رداً على سؤال: «لم يخرقوا السياج الحدودي التقني، هذه وجهة نظري. لقد قام البعض بقطع الأسلاك، أظن أن بعضهم كان يحمل قطاعة أسلاك، لكنني لا أظن أن أحدهم أقدم على عبور السياج، أو أن السياج انهار بالكامل». وأشار إلى أن السياج التقني يقع جنوب الخط الأزرق، أي أن الأشخاص عبروا الخط الأزرق ثم توجهوا نحو السياج التقني.

ورداً على سؤال عما إذا كانت حوادث من هذا النوع تثير مخاوف من حرب أو مواجهات عسكرية، قال وليامز: «أشك في نشوب حرب بالمعنى التقليدي للكلمة».

وأضاف: «يقلقني إمكان تكرار الأحداث التي وقعت يوم الأحد الماضي، ويكفي ما شهدناه من وقوع العديد من القتلى بشكل مأسوي. أنا أتفهم استياء الفلسطينيين، إلا أنني أرى أنه يجب أن يُسلَّط التركيز على المسألة نفسها، أي مثلاً على إقامة الدولة الفلسطينية، والتي ستنظر فيها الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول (سبتمبر) هذه السنة. وأخشى إذا تصاعدت حدة العنف، تقويضَ الهدف الرامي للاعتراف بإقامة الدولة الفلسطينية».

وتابع: «أما بالنسبة الى لبنان، فتُعتبر الصعوبات شديدة جداً، لا سيما في غياب الحكومة في الوقت الحالي، بعد مرور ما يزيد على أربعة أشهر. وكما تعلم، فانطلاقاً من المحادثات التي أجريتها مع القادة السياسيين في الأسابيع الماضية، لا أرى للأسف أيَّ اختراق وشيك للأزمة، وهذا أمر يقلقني فعلاً». وأضاف:» واجهنا أولاً مشكلة الخط الأزرق التي تحدثنا عنها، وثانياً تأثير الأزمة السورية، وثالثاً هناك المشاكل الداخلية، والمشكلة التي تثير قلقي الشديد في الوقت الحالي هي الاقتصاد، فنحن نقترب من موسم السياحة، وكل المعلومات التي اطلعتُ عليها والمحادثات التي أجريتُها تشير إلى أن موسم السياحة سيكون ضعيفاً للغاية، وأن الحجوزات في الفنادق والرحلات الجوية متدنية جداً، ومعظم السياح يأتون من العالم العربي. ويظهر عنصر آخر، هو قضية الدراجين الأستونيين التي لم تُحَلّ، فيوم الإثنين المقبل يكون قد مضى شهران تحديداً على اختطافهم. ويشكل ذلك للأوروبيين عائقاً واضحاً وكبيراً، للأسف، أمام فكرة توجُّههم إلى لبنان للسياحة. إذاً، لدينا مجموعة من الأسباب، هي: الخط الأزرق، والأزمة في سورية، والمسائل الداخلية، وكلها عناصر أظنها تجعل تشكيل الحكومة أمراً ملحّاً. لقد حاولنا تقديم الدعم، بطريقتنا الخاصة المتواضعة، إلى المساعي التي يبذلها نجيب ميقاتي لتشكيل الحكومة، وأنا آسف جداً لعدم نجاح هذه المساعي، لأنني أظن أن المخاطر التي يواجهها الشعب اللبناني تتفاقم يوماً بعد يوم».

وسئل: «هناك إشاعات حول موقف «يونيفيل» وبعض الدول المشاركة فيها في شأن ما حصل في مارون الراس. وتشير بعض المعلومات إلى أن بعضاً من الدول المشاركة في قوات «يونيفيل»، أو حتى «يونيفيل» بحد ذاتها، قد تعيد النظر في عدد جنودها، أو في طبيعة مهماتهم وما شابه، فأجاب:» أعتقد أن من المبكر التحدث بهذا الموضوع، فلم يمرّ على مأساة مارون الراس أكثر من أيام قليلة، ولكنك تتطرق إلى مسألة أشمل، وهي الضغوط التي ترزح تحتها الدول الأوروبية المشاركة في قوات يونيفيل، والتي تشمل فرنسا وإيطاليا وإسبانيا، وأيضاً ألمانيا، على رغم كون مشاركتها أقل من غيرها، لا سيما الضغوط المالية، إضافة إلى أن العديد منها التزم إرسال قوات إلى أفغانستان».

واضاف: «من جهة أخرى، نقترب من الذكرى الخامسة لحرب 2006، وأعتقد أن بعض الحكومات الأوروبية ووزارات الدفاع بدأت تطرح السؤال التالي: كم سيدوم التزامنا؟ لدينا أخبار جيدة في هذا السياق، فقد ذهبنا إلى برلين وتحدثنا إلى الحكومة الألمانية في شأن مشاركتها، وقد أكدت لنا أن التزامها قوي وسيمتد من دون شك للسنة المقبلة. أما بالنسبة إلى الآخرين، فقد تساءل وزير الدفاع الإيطالي حول مشاركة بلاده في قوات يونيفيل، ليس لسحب قواته، بل لجهة تقليص عددها، فالإيطاليون كما أعتقد لديهم أكبر كتيبة منفردة، وعلى غرار كل الحكومات، فإن حكومتهم تعاني، كما ذكرتُ، ضغوطاً مالية وأخرى تتعلق بالتزامها في أفغانستان، وهذا أمر يقلقني، وهو أحد الأسباب التي تدفعني إلى زيارة أبرز العواصم الأوروبية بشكل منتظم. لذا، زرت برلين في أيار (مايو)، وباريس في آذار (مارس)، وآمل الذهاب إلى روما خلال الأسابيع المقبلة، لأننا نريد في الوقت عينه أن نشكر الحكومات على مساهماتها، وأن نشجِّعها على المضي قُدُماً في التزامها على رغم كل الضغوط. إلى ذلك، لا يمكن أن يعتمد لبنان إلى الأبد على وجود هذه القوات على أراضيه، فمنذ اعتماد القرار 1701، لا نزال نعتقد أن وقف الأعمال العدائية سارٍ، على رغم وجود بعض المشاكل، كما حصل يومَ الأحد الفائت، والحادث المؤسف الذي شهدته العديسة العام الفائت، ولكني أعتقد أن هذا يشكل مصدر خيبة للأمم المتحدة وللقوات المشاركة، بحيث لم نتمكن من الانتقال من وقف للأعمال العدائية إلى وقف دائم لإطلاق النار. نعلم أنه سيكون من الصعب للغاية إبرام معاهدة سلام بين لبنان وإسرائيل من دون إبرام معاهدتين مشابهتين بين إسرائيل وكل من الفلسطينيين والسوريين، ولكننا كنا نأمل بحصول وقف دائم لإطلاق النار، إلا أنه كان من الصعب تحقيق هذا الأمر، ولهذا السبب يشعر بعض العواصم الأوروبية بالقلق في شأن مدة بقائها في الجنوب».

السابق
على المقاومة أن تختار
التالي
السفير: خطوة أميركية كبرى إلى الوراء في تحديد أولويات التسوية الفلسطينية