الاخبار: فيلتمان يحلّ في بيروت ضيفاً ثقيلاً

ليست قوى الأكثريّة الجديدة بحاجة إلى من يُعرقل «جهودها» لتأليف الحكومة. فما لديها يكفيها للتعطيل: التواصل بينها مقطوع، وليس ثمة من يحاول أداء دور توفيقي، وكل فريق يرفع سقف مطالبه يوماً بعد آخر. وسط ذلك، أطلّ جيفري فيلتمان الذي لا يُتَوَقّع منه خير كثير

عام 1974، غنّى الشيخ إمام قصيدة الشاعر أحمد فؤاد نجم الشهيرة: «شرّفت يا نيكسون بابا، يا بتاع الووتر غيت» بعد زيارة الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون للقاهرة، التي جرت بحفاوة مبالغ بها من الرئيس المصري أنور السادات. اليوم، يمكن بيروت أن تغنّي، «شرّفت يا فيلتمان بابا يا بتاع الويكيليكس»، رغم أنّ مساعد وزيرة الخارجية الأميركية جيفري فيلتمان لن يلقى حفاوة علنية تُذكَر في لبنان اليوم. وخلال جولته على السياسيين، التي تؤكد مصادر متابعة لها أنها ستشمل الرؤساء الثلاثة، لن تكون للعارف بما تخفيه صدور السياسيين اللبنانيين، محطة في مقر رئاسة مجلس النواب، إذ إن الرئيس نبيه بري رفض تحديد موعد لفيلتمان، «لأن جدول مواعيد دولة الرئيس مقفل تماماً، وسيكون مشغولاً بين بيروت والجنوب. وبالتالي، لن يكون قادراً على استقبال الضيف الأميركي»، على حد قول أكثر من مصدر. وكانت دوائر السفارة الأميركية قد طلبت موعداً لفيلتمان من بري قبل أيام، منعاً لتكرار ما حصل في الزيارة السابقة، عندما طُلِب الموعد لحظة وصول فيلتمان إلى مطار رفيق الحريري الدولي، فلم يستجب بري للطلب. لكن طلب الموعد قبل أيام هذه المرة لم يشفع لفيلتمان الذي لن يكون مرغوباً فيه في عين التينة. وكما في عين التينة، كذلك في الرابية، إذ اعلن رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون أمس أنه لم يتبلّغ بزيارة فيلتمان الذي «حصل على مئة جواب سلبيّ منّي خلال زياراته السّابقة عندما كان لا يزال سفيراً في لبنان».

وبحسب المعلومات المتداولة، فإن فيلتمان سيلتقي كلّاً من رئيس الجمهورية ميشال سليمان، ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، إضافة إلى رئيس كتلة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط ورئيس كتلة المستقبل النيابية فؤاد السنيورة ومستشار الرئيس سعد الحريري الوزير السابق محمد شطح. ومن المنتظر أن يجري فيلتمان لقاءً تلفزيونياً عبر شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال يُبث مساء اليوم. وفيما سبّب توقيت زيارة الضيف الأميركي «نقزة» لدى قوى الأكثرية الجدية، لم تبدُ قوى 14 آذار منبهرة بها. وفيما أكّدت مصادر الطرف الأول أنّه لا يمكن فصل الزيارة عن ملف تأليف الحكومة، لفتت مصادر رفيعة المستوى في تيار المستقبل إلى أن زيارة فيلتمان تتمحور حول ملفّي «الأحداث في سوريا والمفاوضات الفلسطينية ــــ الإسرائيلية»، وخصوصاً غداة الموقف الأميركي المستجد من القيادة السورية. وأشارت المصادر ذاتها إلى أنّ جدول جيف لا يتضمن حتى الآن (مساء أمس) لقاءات مع شخصيات حزبية من قوى الرابع عشر من آذار، فيما تحدّثت مصادر أخرى عن أنه سيتناول كل القضايا المثارة في المنطقة، من البحرين إلى فلسطين. ولفتت مصادر سياسية إلى أن فيلتمان سيتناول مع المسؤولين اللبنانيين قضية الحدود الجنوبية، بعد المجزرة الإسرائيلية في مارون الراس يوم الأحد الماضي. ومن المنتظر أن يحذّر فيلتمان من قيام مسيرات جديدة على الحدود، بعدما وردت معلومات عن إمكان إقامة عدد كبير من اللاجئين الفلسطينيين صلاة ظهر الجمعة المقبل في المنطقة الحدودية.

حكومياً، لا تزال مشاورات تأليف الحكومة مجمّدة، «كما لو أنّنا لسنا في بلاد بلا حكومة»، على حدّ قول أحد السياسيّين المعنيين مباشرة بالمشاورات، مؤكّداً أنّ أيّ تطوّر لم يُسجّل خلال الأيّام الماضية. «ولا ضربة» ضربها الوسطاء بعد زيارة معاونَي رئيس مجلس النواب نبيه بري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، النائب علي حسن خليل والحاج حسين الخليل، للرئيس نجيب ميقاتي. وبحسب مصادر معنيّة بالمشاورات، فإنّ اللقاء كان سلبياً جداً. فلا الخليلان حملا مبادرة جدية، ولا ميقاتي طرح عليهما حلّاً للأزمة الحكومية. بل إن الرئيس المكلّف كان أكثر تشدّداً في مواقفه من السابق»، بحسب تعبير سياسي مطلع على أجواء المشاورات. وقال النائب ميشال عون أمس إن تأليف الحكومة بحاجة «إلى رجال لديهم شجاعة في وقت لا نشهد فيه ارتياحاً على أكثر من صعيد، بل قلقاً أمنياً واقتصادياً على مستوى العالم».

وفيما بقيت المراوحة سيّدة الموقف الحكومي، استمرت الأحداث التي تشهدها سوريا محور متابعة سياسية في لبنان، وخصوصاً بالنظر إلى العدد الكبير من النازحين السوريين من مدينة تلكلخ الموجودين داخل الأراضي اللبنانية. وأكّدت مصادر رفيعة المستوى في تيار المستقبل لـ«الأخبار» أن قيادة التيار أعادت التعميم على مسؤولي التيار ونوابه بعدم الإدلاء بتصريحات علنية معادية للنظام في سوريا. قال نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم إن «أمَلَ من يستخدم لبنان منصة للإضرار بسوريا في محنتها وفي واقعها الحالي سيخيب»، مشيراً إلى أن «المشروع الأميركي في المنطقة بأسرها سيخيب».

وكانت لافتةً أمس الجولة التي قام بها وفد من السفارة الأميركية في بيروت في منطقة الحدود اللبنانية ـــــ السورية الشمالية، من الجهة اللبنانية. ورافق الوفد عدد من رؤساء البلديات العكارية.

السابق
الجمهورية: هجمة دبلوماسيّة… والتأليف في الخطوط الخلفيّة
التالي
الحياة: مشاهدات في بيروت عن ثورات العرب