بانتظار عودة الحريري؟

لا يزال البعض يعتقد بأن سعد الحريري سيعود إلى موقع رئيس الحكومة مجدداً، بعد فشل الأكثرية الجديدة في التوصل إلى تشكيلة حكومية مقبولة من رئيس الجمهورية. أمس، قبل الظهر، كان رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي ينتظر لقاء حسين الخليل وعلي حسن خليل، العائدَين أخيراً من دمشق. وبحسب ما هو مفترض، فإن الأمور تتجه نحو الأفضل.

الإشارات التي يتلقّاها ميقاتي من سوريا تشير إلى تمنيات سوريا ورئيسها بالإسراع في تأليف الحكومة في لبنان، من دون الدخول في التفاصيل.
ولكن من يعرفون دمشق جيداً يتحدثون عن إصرار لدى القيادة السورية على عدم تعرّض ميشال عون لنكسة، والحفاظ على موقعه، وفي الوقت نفسه عدم إحراج حزب الله.
في هذا الوقت، تمكّن وليد جنبلاط من إطلاق تحذير جدّي، وفي أكثر من اتجاه؛ الأول تجاه الأكثرية الجديدة التي بدأت بالتعثّر منذ لحظة تشكلها كأكثرية، وباتت تثبت فشلها أكثر من أي أمر آخر، وها هو ميشال عون يتحدّث في بعض مجالسه عن عدم ممانعته العودة إلى ممارسة دور المعارضة، من دون أن يلتحق بقوى 14 آذار طبعاً، ولكن من دون أن يعطي أصواته النيابية لمصلحة أيّ حكومة.

وكان وليد جنبلاط قد أطلق في موقفه الأسبوعي لجريدة «الأنباء» النار على حكومة التكنوقراط. ولكن رصاصة الرحمة على هذا الخيار جاءت من سمير جعجع الذي أيّدها، ليل الاثنين الماضي.
ومن ناحية ميقاتي، فإن حكومة تكنوقراط وحكومة الأمر الواقع قد أصبحتا من الماضي. ولم يعد من خيارات إلا الذهاب إلى مفاوضات لتأليف حكومة وفق ما اتفق عليه الرئيس المكلف والأمين العام لحزب الله في آخر لقاء بينهما (الذي أعلن ميقاتي عدم حصوله)، والتقسيم الفعلي هو 17 ما بين حزب الله والتيار الوطني الحر والمعارضة السابقة، و13 لميقاتي وجنبلاط ورئيس الجمهورية.

وفي الوقت الضائع عبثاً في مفاوضات معقدة ولولبية لتأليف حكومة محلية تدير الأزمات من دون أن تعطي أي جديد، هناك من لا يزال يعتمد على الدعم الأميركي للعودة إلى السلطة في لبنان، ألا وهو سعد الحريري.
وفي المعلومات أن الدبلوماسية الأميركية قدمت إلى نظيرتها السورية خريطة طريق، تحت عنوان تخفيف الضغط عن سوريا في ظل الأزمة الحالية التي تعصف بها، وعزل الحراك الشعبي.
وكعادة الأميركيين الذين يمتطون أي حراك شعبي ويحاولون إمرار مصالحهم على حساب تضحيات المواطنين والمطالبين بالحرية في أي مكان من العالم، كذلك هم يفعلون في سوريا. فبعدما أرسلوا ما يرغبون في رؤيته دفعة واحدة عبر وسيط أمني سعودي، هذه المرة وضعوا خريطة طريق أمام الحاكم في سوريا.

وتتلخص هذه الخريطة في المطالب الآتية:
ــ الحدّ من التدخل الإيراني في البحرين، والعمل على تراجع إيران عن أي دعم للحراك الشعبي في البحرين.
ــ الضغط على المالكي في العراق لتمديد بقاء القوات الأميركية، والموافقة على خطة حماية القنصليات الأميركية في العراق، التي تزمع واشنطن إبقاء نحو 90 ألف جندي أميركي لحمايتها في مختلف المدن العراقية.
ـــ عودة المفاوضات السورية الإسرائيلية المباشرة.
ـــ عودة سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة في بيروت.
وتوحي واشنطن بأنه مقابل هذه المطالب فإن الدبلوماسية الأميركية ستمارس الضغط على القوى المعارضة في سوريا، وستغضّ الطرف عن ممارسات النظام في قمع التظاهرات في المناطق السورية، وسيُمنح النظام السوري تسهيلات دولية في ما يتعلق بموقفه من الحراك الداخلي.
الجواب السوري كان في النقطة الأولى أن إيران لا تصعّد من موقفها في البحرين منذ أسابيع طويلة. وفي النقطة الثانية أن ليس لسوريا الكثير في المالكي كي تتمكن من ممارسة أي ضغط عليه. أما المفاوضات، فإن الموقف السوري منها هو نفسه، وهي لا تزال عالقة في الإطار غير المباشر نفسه. أما في بيروت، فإن سوريا «تلتزم بعدم التدخل في شؤون بيروت السياسية منذ أعوام عدة».
الجواب السوري السلبي كان في نظر الأميركيين يعني «افتعال مشكلة لا الرغبة في التوصل إلى حلول».
ولكنّ العباقرة المراهنين دائماً على الغرب يعتقدون بأن التأخر في تأليف الحكومة في لبنان يأتي بانتظار حل شامل للملف السوري، وأن دمشق لن تجرؤ على تأليف حكومة للأكثرية الجديدة في لبنان، بل ستعود خائبة إلى الخيار القديم، وستعيد السلطة إلى سعد الحريري.
صدّق أو لا تصدّق، هناك من ينتظر عودة سعد إلى الحكومة.

السابق
الراي: رفْع جنبلاط “البطاقة الصفراء” يؤجج..”عضّ الأصابع” في لبنان
التالي
النهار: كلمة سرّ سورية تحرّك التأليف