الراي: رفْع جنبلاط “البطاقة الصفراء” يؤجج..”عضّ الأصابع” في لبنان

ساهم الموقف الاخير لرئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط، والذي حّذر فيه الاكثرية الجديدة من انه لن يغطي عرقلتها او عجزها عن تأليف الحكومة، في كشف نقطة بارزة في المشهد السياسي اللبناني في عز احتدام الازمة الخطيرة التي تضرب سورية منذ اسابيع.

ذلك ان هذا الموقف الجنبلاطي اضاء في جانب اساسي منه، ولو في شكل غير مباشر، على تفلت قوى الاكثرية وعدم انتظامها عند خطوط سياسية عريضة على الاقل، مما يعني بوضوح، في رأي اوساط واسعة الاطلاع، ان انعكاسات عميقة غير مرئية لمجريات الازمة السورية بدأت ترتدّ على اوضاع الفريق السياسي الموالي لدمشق في لبنان.

وتعتبر هذه الاوساط لـ «الراي» ان جنبلاط الذي تدين قوى الاكثرية الجديدة له بانه وفر لها امكانات اسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري وتكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة الجديدة في 25 يناير الماضي، عرف كيف يسدد «ضربته» السياسية والاعلامية الجديدة لحلفائه الجدد قبل يومين، من دون ان تبلغ حدود الانقلاب عليهم كما فعل مع حلفائه القدامى في قوى 14 آذار.

اذ ان جنبلاط اراد التدليل على قدرته على ان يبقى في موقع وسطي حتى من ضمن تحالفه مع قوى 14 آذار. لكن تحذيره بدا موجهاً بصورة حصرية الى زعيم «التيار الوطني الحر» النائب العماد ميشال عون ومن خلفه «حزب الله».
وتقول الاوساط ان الايام الاخيرة اتسمت بتصاعد القلق الديبلوماسي لدى سفراء اجانب في بيروت من مؤشرين خطيرين: الأول محاولات ربط الوضع اللبناني بالتدهور الحاصل في سورية مما يُخشى معه من محاولات قد لا تقتصر على عرقلة تأليف الحكومة وتمتد الى مجالات امنية. والثاني يتصل بالوضع الاقتصادي والاجتماعي اذ يُخشى ان تشهد البلاد مزيداً من الازمات مع غياب حكومة فعالة ومسؤولة.

وكان الملف الحكومي دخل منعطفاً جديداً، تظهّرت معه ملامح «خطوط تماس» داخل قوى الاكثرية الجديدة، عبّر عنها، من جهة، دفاع «حزب الله» عن عون ووضعه كلام جنبلاط في خانة «التأفف الموقت»، في موازاة انقتاد زعيم «التيار الحر»، رئيس «التقدمي»، في مقابل ثبات الأخير على «سخطه» من ضمن تموْضعه الحالي، مكتفياً برفع «بطاقة صفراء» سرعان ما تلقّفها ايجاباً ميقاتي والرئيس ميشال سليمان في حين قاربها رئيس البرلمان نبيه بري بـ «تَفهُّم» واعتبرتها اوساطه محاولة حضّ على الاسراع في التفاهم.

وفي حين يفترض ان يصدر غداً عن القمة الروحية المسيحية – الاسلامية في بكركي، بيان يؤكد على التداعيات السلبية لعدم تشكيل الحكومة على مختلف الصعد ويدعو المسؤولين الى الاسراع بتأليفها مع المطالبة باستئناف هيئة الحوار الوطني لبلورة الاستراتيجية الوطنية للدفاع والتمسك بالطائف، ورفض كل اشكال التوطين واستنكار التعرض لدور العبادة في المشرق العربي ولا سيما المسيحية منها، برز اتصال ميقاتي ليل الاثنين بجنبلاط حيث شكره على موقفه، علماً ان الزعيم الدرزي يتهيأ لزيارة دمشق مجدداً غداً للقاء معاون نائب الرئيس اللواء محمد ناصيف.

وفي غمرة كثرة القراءات بين سطور «الصرخة» التي أطلقها، سارع جنبلاط الى نفي تحول موقفه عن السياسات الاخيرة التي ينتهجها، موضحاً ان «ما أقدمت عليه هو لتثبيت التحالف الموضوعي مع ثوابت المقاومة ودعم الخاصرة السورية لأن أمن سورية في مأزق ونتمنى ان تتجاوزه في اقصى سرعة ولذلك لا بد من تأليف حكومة في لبنان برئاسة نجيب ميقاتي».

وسئل عن حديث البعض في فريق 14 آذار عن تحوله عن الاكثرية الجديدة، فرأى أن «بعض هذا الفريق يراهن على حكومة تكنوقراط ومن خلال جنونه يراهن أيضاً على تحولات في سورية، وما أقوم به، تنبيه الحلفاء والاصدقاء في الموقع الوطني والمقاوم باننا لا نستطيع ان نستمر في هذه الحال من العبث والفوضى».

وفي حين استغربت اوساط عون موقف جنبلاط «فاذا كان مترفعا الى هذه الدرجة، فليتخل عن وزارة الاشغال اولا، وليتراجع عن المطالب التي قدمها، والتي لم يسبق له ان قدم مثلها في الحكومات السابقة لا حول نوعية الحقائب ولا عددها»، نُقل في بيروت عن قطب بارز في قوى 8 آذار «ان جنبلاط يحاول وضع قدم احتياطية في المقلب الأميركي، ويحاول إرضاء الأميركيين وفي الوقت نفسه لا يقطع مع السوريين».

اما الموقف البارز فجاء على لسان رئيس كتلة نواب «حزب الله» محمد رعد الذي رأى «ان ثمة من يعرقل على الاكثرية الجديدة جهودها لتأليف الحكومة، لكن الاكثرية تقوم بواجبها ومن حقها ان تمارس اختياراتها بما يحفظ نهجها».
وشدد على «ان ما يطالب به العماد ميشال عون هو حقه الدستوري الذي لا نقاش فيه»، معتبرا كلام جنبلاط «مسألة تأفف مؤقتة».

واعتبر، مستشار بري، النائب علي حسن خليل، «اننا لسنا أمام مشهد جديد من الاصطفافات، ولسنا امام خريطة جديدة في العلاقات الداخلية»، معتبراً ان «كلام جنبلاط هو حض على التشكيل ودعوة الى تجاوز التفاصيل».
ووسط هذا المشهد، اوضح رئيس الهيئة التنفيذية لحزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في حديث الى تلفزيون «ام تي في»، ان «حزب الله وسورية يريدان حكومة مواجهة لكسر بروتوكولات المحكمة وتغطية سلاح حزب الله، بينما الرئيسان سليمان وميقاتي يريدان حكومة على صورتهما ومثالهما».

السابق
“حماس” والخروج من أسر المحور الإيراني – السوري
التالي
بانتظار عودة الحريري؟