وليامس: الفرص تضيع والمخاطر تكبر

حرّك موقف مفاجئ في حدته من الاكثرية الجديدة لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط أمس ركود الرتابة السياسية التي باتت تحكم أزمة تأليف الحكومة من دون إمكان الجزم بما اذا كان هذا الموقف سيؤدي الى احداث اختراق في هذه الازمة.
غير أن موقف جنبلاط اكتسب أهمية ودلالة بارزتين في الشكل والمضمون من حيث اعتباره “انذارا” متقدما أو دق جرس الانذار للأكثرية ورفض تغطيتها طويلا في المراوحة التي تطبع الازمة الحكومية. فمن ناحية الشكل جاء موقف جنبلاط بعد زيارتين قام بهما أمس لرئيس الجمهورية ميشال سليمان ولمفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني، علما ان الزيارة الثانية أثارت اهتماما سياسيا واسعا وعدت خطوة اضافية على طريق اعادة العلاقات الطبيعية بين جنبلاط والمراجع الاساسية في الطائفة السنية، خصوصا انه يمحض رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي دعما قويا. وبدأ خطوات متدرجة لاعادة تليين العلاقة مع رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري.

أما مضمون الموقف الجنبلاطي، فتميز باعلانه للمرة الاولى أنه “لم يعد منطقيا استمرار الحزب التقدمي الاشتراكي وجبهة النضال الوطني في تغطية هذه الحال من المراوحة والفراغ والتعطيل ضمن ما يسمى الاكثرية الجديدة التي أثبتت أنها فشلت فشلا ذريعا في تأليف الحكومة الجديدة”. وإذ لوحظ ان جنبلاط حرص على التأكيد أن ميقاتي “لبى معظم المطالب السياسية لمختلف الاطراف قدر المتاح”، انتقد “الترف في التعطيل ووضع العقبات تلو العقبات على رغم كل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية التي تلاحق المواطنين وتحاصرهم في كل مكان”.

وبدا موقفه بمثابة رمية حجر ثقيل في بركة الاكثرية الجديدة، إذ أثار مساء اجتهادات متناقضة. كما ان بعض أطراف قوى 14 آذار طرح تساؤلات عما اذا كان هذا الموقف ظرفيا أم يمهد لاستدارة سياسية جديدة.
لكن جنبلاط سارع عبر “النهار” الى نفي كون موقفه يدخل في اطار تحول عن السياسات الاخيرة التي ينتهجها. وأوضح ان “ما أقدمت عليه هو لتثبيت التحالف الموضوعي مع ثوابت المقاومة ودعم الخاصرة السورية لأن أمن سوريا في مأزق ونتمنى ان تتجاوزه في اقصى سرعة لذلك لا بد من تأليف حكومة في لبنان برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي”.

وسئل عن حديث البعض في فريق 14 آذار عن تحوله عن الاكثرية الجديدة، فأجاب: “بعض هذا الفريق يراهن على حكومة تكنوقراط ومن خلال جنونه يراهن أيضاً على تحولات في سوريا. أقول لهؤلاء ان ما يقدمون عليه ويسعون اليه هو مغامرة، وهم يعلمون أن أمن لبنان من أمن سوريا. أما بالنسبة الى الاصلاحات والوعود التي أطلقها الرئيس بشار الأسد، فالمطلوب تحقيقها”.

في غضون ذلك، علمت “النهار” أن الرئيس ميقاتي أجرى مساء أمس اتصالاً بالنائب جنبلاط وشكر له موقفه وتشاورا في مجريات الأزمة الحكومية.
كذلك علم أن المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لـ”حزب الله” حسين الخليل عادا من زيارتهما الأخيرة لدمشق بدعوة الى الاسراع في تأليف الحكومة. وأفادت معلومات ان الاتصالات التي أجريت أمس بين عدد من اطراف الأكثرية تركزت على مزيد من الاقتراحات لحل عقدة وزارة الداخلية لكنها لم تفضِ الى أي نتيجة.

جعجع

في المقابل، رأى رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع ان “حزب الله” وسوريا “يريدان حكومة مواجهة فيما يريد رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف حكومة على صورتهما وتعبر نوعاً ما عن الواقع اللبناني”.
وإذ أعرب عن اعتقاده “أن هناك من يريد وزارة الداخلية للسيطرة على الوضع الأمني على البلاد”، وصف دفاع العماد ميشال عون عن المقاومة بأنه “مجرد تموضع سياسي”. ولاحظ جعجع في حديث الى محطة “أم تي في” مساء أمس أن النائب جنبلاط “بدأ يضيق ذرعاً بالوضع ولكن لا أعرف ما اذا كان سيؤدي الى تغيير موقعه”. وقال إن “الفريق الآخر ليس فريق بناء دولة”. ولفت الى ان “الحل الوحيد على المدى المنظور هو حكومة تكنوقراط ولا حاجة لدعوة الأحزاب اليها”، مستبعداً تماماً تأليف حكومة وحدة وطنية في ظل الانقسام الحاصل.

وليامس

وسط هذه الأجواء الداخلية استرعت حركة الممثل الخاص للأمم المتحدة في لبنان مايكل وليامس انتباه المراقبين وخصوصاً من حيث تكرار دعواته الى الاسراع في تأليف الحكومة. وأوضح وليامس أمس لـ”النهار” أن تحركه يأتي في ظل خوف كبير لديه من “أن تضيع الفرص وتكبر المخاطر من دون وجود حكومة في لبنان”. ولم يخف أن من الأسباب التي توجب الاسراع في تأليف الحكومة “أسباباً أمنية” أيضاً. لكنه تحدث عن “تقدم جدي أحرز في موضوع انسحاب اسرائيل من شمال بلدة الغجر”، معتبراً أن الحكومة الجديدة ستتلقى هدية الانسحاب الاسرائيلي بعد التوصل الى اتفاق في هذا الشأن”.

السابق
الانباء: لبنان في دوامة الفراغ الحكومي والبطريرك يرفع الصوت
التالي
مصدر سوري لـ”البناء”: اعترافات خطيرة تُثبت تورّط شخصيات عربية مع الموساد