بن لادن وأزمة العقل الإسلامي

بعد إعلان الرئيس الأميركي أوباما في 2 مايو الجاري عن مقتل زعيم تنظيم القاعدة والمسؤول الأول عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر، أسامة بن لادن في مدينة أبت آباد الباكستانية على أيدي وحدة القوات الخاصة الأميركية «نيفي سيل»، اعتبر أهالي ضحايا برج التجارة العالمي هذا اليوم عيدا لهم وارتفعت فيه شعبية أوباما لتصل إلى 57% في الأوساط الأميركية، بينما تباينت ردود أفعال المسلمين حول ذلك النبأ.

اعتبر زعيم حماس إسماعيل هنية وعبدالباري عطوان وشيخ الأزهر د.أحمد الطيب أن مقتل بن لادن وإلقاءه في البحر إهانة للمسلمين، بل راح حامد العلي ومبارك البذالي يعتبرون بن لادن شهيد الأمة فقد كتب الزميل مبارك صنيدح في الزميلة «الوطن» يوم 5 الجاري: «لقد اعتبرت إسرائيل قتله نصرا للحرية والعدالة، رحم الله الشيخ أسامة بن لادن فلقد كان لغزا حير الكثيرين حتى بعد اغتياله وإلقاء جثمانه في البحر خوفا من أن يكون له قبر على الأرض يكون شاهدا على حياة مجاهد سطر حياته للدفاع عن الإسلام والمسلمين سواء أصاب أو أخطأ في الاجتهاد».

لا أعرف لماذا تفرح إسرائيل بمقتل بن لادن؟، فالقاعدة لم تسجل عملية واحدة في إسرائيل أو حتى في سفاراتها أو مصالحها المنتشرة في دول العالم بل كان معظم ضحايا التنظيم وهم بالآلاف في أميركا والعراق وباكستان واليمن من الأبرياء والمدنيين والكتابيين والمسلمين.

أنا لست فرحا بمقتل بن لادن، فموته لا يعني تجفيف منابع الإرهاب، فالأمة الإسلامية – لله الحمد- ولادة بأعداء الإنسانية ممن شوهوا صورة الإسلام دين السماحة والعدل، فالعقل المتشدد مازال مريضا فلابد من عملية جراحية مؤلمة حتى يتشافى، فالمهم الآن أن نقف على الأسباب والعوامل التي تدفع شبابنا إلى الانخراط في أجندة تلك الجماعات المتطرفة لمعالجتها، وهي:

٭ سيطرة الخطاب الديني المتشدد على عقول الكثير من المسلمين وخصوصا فكر سيد قطب (أعدم عام 1966).

٭ «إسقاط الأنظمة العربية الحاكمة ومحاربة الكفر وتطبيق الشريعة الإسلامية».

٭ عدم كفاءة وعصرية مناهج التعليم في بلداننا فالمسلمون بعضهم لا يميز بين الكفار وأهل الكتاب، بين اليهود والصهاينة، بين المسيحيين والصليبيين، بين الدولة الدينية والمجتمع المدني، بين الفكر والزندقة.

٭ انغماس الشباب المسلم في التشاؤم والغيبيات وتبني النظرة السوداوية للحياة فما إن تتحدث مع بعضهم إلا ويكلمك عن عصر الفتنة وانتشار البدع والكفريات في المجتمع وعن الأعور الدجال وخروج المهدي.

٭ شيوع الثقافة الإسلاموية العدائية للشعوب والتبريرية للقتلة والمجرمين، فارهابي يفجر نفسه ويقتل أبرياء يقال عنه اجتهد فأخطأ فله أجر.

٭ ادعاء كل فرقة من فرق الإسلام امتلاكها للحقيقة فهي وحدها الفرقة الناجية وما سواها باطل فهذا ما جعل المسلمين يرفضون الحوار والتعايش مع المخالف.

٭ ترك المتطرفين يسرحون ويمرحون في أوطاننا بلا محاسبة، يمارسون غسيل الدماغ لعقول الناس، فدكتور يحاضر في البحرين عن كيفية تدمير البيت الأبيض بمادة الأنثراكس، وشيخ آخر يعلم المصلين كيفية صناعة المفخخات، والحكومات نائمة في العسل.

٭ الخطاب الإسلامي الراديكالي مع الأسف لا يميز بين السياسة الأميركية الداعمة لإسرائيل والشعب الأميركي أو الشعوب الغربية.

٭ بقاء القضية الفلسطينية عالقة بلا حل مع الصمت الدولي تجاه القتلة والإرهابيين من أمثال شارون وأولمرت وليفني بلا محاسبة شجع الشباب المسلم على تبني روح الانتقام.

٭ غياب الديموقراطية الحقيقية وثقافة الحوار والتسامح وانتشار الفقر في دول العالم الثالث يدفع بشبابنا إلى التطرف للخلاص من الدنيا والخلود في الجنة عن طريق الانتحار.

ولا حول ولا قوة إلا بالله في أمة تسعى إلى استعداء شعوب العالم وهي في أمس الحاجة لهم.

السابق
“الحزب” بدأ يعدّ عكسياً لميقاتي
التالي
أسرار خطرة وراء “الكتيبة” الإعلامية