الاخبار: جنبلاط: الأكثرية الجديدة فشلت فشلاً ذريعاً

أنذر زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي من سمّاهم المتحاصصين وبعض من «لا يبحث سوى عن مصلحته المباشرة» بأنه لن يستمر بتغطية موقفهم بعد الآن، متهماً الأكثرية الجديدة بأنها فشلت فشلاً ذريعاً في تأليف الحكومة
في ما يشبه الانتفاضة على أداء حلفائه الجدد، أو بعضهم حصراً، أطلق النائب وليد جنبلاط صرخة في وجه معرقلي تأليف الحكومة، حملت رسائل في أكثر من اتجاه، وقاربت التلويح بما هو أكثر من مجرد التحذير والتنبيه ودعوة المتحاصصين إلى الاستفاقة.
صرخة جنبلاط التي جاءت في موقفه الأسبوعي لجريدة الأنباء، كادت تقارب كلامه الانتقالي في 2 آب 2009، لولا أنه بدأها بتأكيده «أن الاستمرار في تأييد بعض الشعارات العبثية التي سبق أن أعلنتها الأكثرية السابقة لم يكن ممكناً»، ثم أردف «ولكن في الوقت ذاته، لم يعد منطقياً استمرار الحزب التقدمي الاشتراكي وجبهة النضال الوطني في تغطية هذه الحال من المراوحة والفراغ والتعطيل ضمن ما يسمّى الأكثرية الجديدة التي أثبتت أنها فشلت فشلاً ذريعاً في تأليف الحكومة الجديدة». وبعدما ذكّر بأن الأكثرية الثانية أجمعت على تسمية الرئيس نجيب ميقاتي، ورأى أن الأخير لبّى معظم مطالب مختلف الأطراف قدر المتاح، سأل: «لماذا هذا الترف في التعطيل ووضع العقبات تلو العقبات على الرغم من كل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية التي تلاحق المواطنين وتحاصرهم في كل مكان؟». وأعلن أن الحزب التقدمي وجبهة النضال «من موقع الالتزام بقضايا الناس والعمال والفلاحين والكادحين، يرفضان الانجرار إلى لعبة الحصص الوزارية التي لا تزال تعطّل التأليف منذ ما يزيد على مئة يوم، ويريان أن مصلحة البلاد لا تتحقق من خلال تولّي هذا الطرف لتلك الحقيبة أو العكس، بل من خلال تخطّي المصالح الفئوية الضيقة والذهاب نحو واقع جديد، اتضح أن ما يسمّى الأكثرية الجديدة أعجز من أن تستولده في ظل انقساماتها الراهنة وتجاذباتها المستمرة التي لا تنتهي».

وختم ملخّصاً موقفه بالقول: «إن الاعتبار الأساسي الذي بنى الحزب على أساسه موقفه السياسي هو حماية الاستقرار والسلم الأهلي، وإذا كان البعض من القوى السياسية لا يبحث إلا عن مصلحته المباشرة، فإننا لا نستطيع الاستمرار في تغطية هذا الموقف بعد الآن، فالسقوط في هذه الدوامة هو إسقاط للبلد برمّته، فحبذا لو يستفيق المتحاصصون».

وفي ما يعكس ضيقه وتخوفه من تداعيات الفراغ الحكومي قال جنبلاط لـ«الأخبار»: «إذا كان الواحد مش قادر يأمّن حماية المقاومة وحماية خاصرة سوريا والأمن الداخلي والاقتصاد، فهذه مصيبة، وساعتها لا يُلام سعد الحريري».
وكان جنبلاط قد زار أمس رئيس الجمهورية ميشال سليمان، عارضاً معه التطورات الراهنة، ولا سيما ما يتعلق منها بموضوع تأليف الحكومة. كذلك التقى مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، في إطار جولة على المرجعيات الدينية سيستكملها تباعاً، واصفاً القمة الروحية الإسلامية ـــــ المسيحية المرتقبة بأنها وقفة تاريخية لتأكيد العيش المشترك. وعلم أن لقاءه وقباني كان بهدف الإعداد لافتتاح مسجد في صوفر، وللتشجيع على الحوار السنّي ـــــ الشيعي.
ولفت أمس أن صرخة جنبلاط تزامنت مع قول عضو كتلته النائب علاء الدين ترو، في حديث إذاعي: «لا نرى مانعاً في إعادة طرح مسألة تأليف حكومة شراكة وطنية، ولو كانت الحكومة التي ستتألف من الأكثرية الجديدة ورئيس الجمهورية والرئيس المكلف، دستورية».

وكانت المواقف من تأليف الحكومة قد بقيت على حالها أمس، فرفض النائب نبيل نقولا القول إن العقدة في حقيبة الداخلية، معتبراً أنها «موجودة في نهج تأليف الحكومة ككل»، وقال إن تحميل المسؤولية للرئيس المكلف ورئيس الجمهورية لا ينطلق من الكيدية، بل «هو للحثّ على تأليف الحكومة في أسرع وقت ممكن».

ولفتت أمس مواقف بارزة من جانب حزب الله، فالنائب نواف الموسوي الذي شدد على أن تأليف الحكومة بات واجباً وطنياً، رأى أن من يراهن على صدور القرار الاتهامي «من أجل العودة إلى الوراء لتأليف صيغة جديدة تعيد إنتاج الماضي فإنه واهم»، مؤكداً الإصرار «على المضي إلى الأمام في عملية التغيير، ولن نقبل بمساومة ولا بابتزاز، لا في عملية التكليف ولا في عملية التأليف». وفي اتهام غير مباشر لطرف واحد، وضع النائب علي المقداد قضية خطف الأستونيين والبناء العشوائي «وكل ما حصل بعد تغيّر الأكثرية النيابية» في إطار «عمل مبرمج» لإفشال الأكثرية الجديدة. أما عضو شورى الحزب الشيخ محمد يزبك، فحمّل مسؤولية تأخير الحكومة لمن وصفه بـ«الأمين على الوطن والدولة والدستور»، في إشارة إلى رئيس الجمهورية دون تسميته، وكذلك للرئيس المكلف الذي دعاه إلى مصارحة الشعب بما يعوق التأليف.

في الطرف المقابل، رأى الوزير حسن منيمنة أن تأليف الحكومة رهن بتطورات الوضع في سوريا، فيما تحدث النائب رياض رحال عن مسؤولية ميقاتي تجاه المواطنين حتى لو لم يكن مقيّداً بمدة زمنية للتأليف، ودعاه إلى الاعتذار إذا وجد «أنه يدور في حلقة مفرغة». وإذ اتهم النائب أنطوان زهرا فريق الأكثرية الحالية بأنه يكابر ولا يقرّ بعجزه عن تأليف الحكومة، رأى أن الحل يبدأ بالإقرار بأن وزارتي الداخلية والدفاع يجب أن تُتركا لرئيس الجمهورية والرئيس المكلف «المنوط بهما قانوناً تأليف الحكومة». أما حزب الكتائب فاستغرب ما وصفه بـ«تردّد المعنيين بالتأليف»، في الأخذ باقتراحه تأليف حكومة إنقاذ وطني «إلا إذا كانت لديهم صيغة أخرى. وفي هذه الحال، لماذا لا يقدمون على اعتمادها».

لكن من تفرقهم السياسة والحقائب، جمعهم الموت أمس، فسار خلف نعش الأمين العام السابق للجماعة الإسلامية الشيخ فيصل مولوي، في طرابلس، الرئيس المكلف مع ممثل رئيس حكومة تصريف الأعمال وممثل الذي كاد أن يكلف الرئيس عمر كرامي، وفدا حزب الله وحركة أمل وممثل جنبلاط مع نواب كتلة المستقبل، وسفراء إيران والسودان والعراق… وكل هؤلاء بإمامة المفتي قباني.

وإذا كان تفسير تنوّع الحضور في التشييع، يكمن في أن الراحل نجح قدر الإمكان في إبعاد الجماعة أثناء توليه أمانتها العامة، عن الاصطفاف وراء أي من 8 أو 14 آذار في أشد سنوات الاحتدام، كان من اللافت حضور ممثلين عن قيادات من تنظيم الإخوان المسلمين وفروعه في مصر والعالم، وتحويل الجماعة الإسلامية للجنازة إلى استعراض قوة لها، في خطوة تتزامن مع استعادة التنظيم دوره وحضوره في أغلب دول المنطقة هذه الأيام.

السابق
اللواء: العودة إلى صيغة الـ 14 وزيراً كمخرج … قبل قرار ميقاتي الأخير
التالي
أوساط ميقاتي لـ “السياسة”: يدرس مجموعة خيارات ولن يقبل استمرار الابتزاز