لا إلغاء للقمة العربية بل إرجاؤها حتى أيلول

أدت المشاورات العربية التي أجريت في الساعات الأخيرة، الى التفاهم على تحديد موعد لانعقاد اجتماع استثنائي للجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية في الخامس من أيار المقبل لبت مصير القمة العربية التي كانت ارجئت من 28 آذار الماضي الى 11 أيار، والتي باتت الآن بحكم المؤجلة، لا سيما ان لا استعدادات عربية للمشاركة، وان الوقت تجاوزها عملياً، ولم توجه الدعوات لحضورها.

ويهدف الاجتماع الى إنجاز مسألتين، استناداً الى مصادر ديبلوماسية عربية بارزة. الأولى اتخاذ موقف عربي على مستوى وزراء الخارجية في شأن القمة، بعدما جرت مطالبات عدة: إما بإلغائها كما حصل من مجلس التعاون الخليجي، وذلك على خلفية موقف رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي من الوضع في البحرين. وإما بتأجيلها نظراً لارتباك الدول العربية بالنسبة الى ما يحصل داخل حدودها ومع شعوبها. ولعل الموقف الذي يبدو ان هناك شبه إجماع حوله، هو تأجيل القمة وليس إلغاءها. لكن هذا التأجيل يتم تدارس موعده، إذ ثمة ميل لأن يكون في أيلول المقبل، إذ لا مجال ذلك بسبب الظروف العربية والغموض في صورة الموقف خلال الشهرين المقبلين، ثم هناك العطلة الصيفية، وشهر رمضان المبارك وعيد الفطر. لذا يعتبر موعد أيلول الأكثر واقعية حتى الآن. ولعل هذا الموعد يتزامن مع اتضاح الموقف في الأوضاع العربية، مع ان مصير الثورات يحتاج الى وقت لاتضاحه وقد يطول أكثر من أشهر معدودة. لكن قد تكون هناك فرصة لانعقاد القمة.

والهدف الثاني للاجتماع، هو اختيار أمين عام جديد للجامعة العربية. وهو ما كان سيحصل لو انعقدت القمة، وهو من مسؤولياتها لا سيما وان مهمة الأمين العام الحالي عمرو موسى تنتهي في منتصف أيار. والمطروح هو ان ينتخب الوزراء العرب اسماً مرشحاً لهذا المنصب. والعمل جارٍ حالياً على ان يعطي القادة العرب تفويضاً لوزراء الخارجية للقيام بهذه المهمة بدلاً منهم لتعذر انعقاد القمة. وقد دُرست الحالة القانونية لمثل هذا المقترح، وتم الاستنتاج ان لا مانع من القيام بهذه الخطوة. وهناك مرشحان اثنان لهذا المنصب، الأول: مصري وهو مصطفى الفقي، والثاني: قطري وهو الأمين العام السابق لمجلس التعاون الخليجي عبد الرحمن العطية.

ويتم تأجيل القمة مرة ثانية، وسط تخوف، من استمرار تأجيلها وتعذّر انعقادها، حتى في أيلول المقبل، وذلك لأسباب عدة لعل أبرزها:
ان الوضع العربي الحالي لن يشهد حسماً واضحاً في غضون أشهر لكي يسهل عقد القمة. وهناك ثلاثة احتمالات، إما تمكّن المتظاهرين من إزاحة النظام وذلك يتطلب وقتاً ليس قليلاً لإعادة تكوين السلطة، وهذا لا يتم في شهر أو شهرين، وإما أن تتجه الأمور الى نزاع متواصل بين السلطة والمتظاهرين يصعب معه الحسم لهذا الطرف أو ذاك كما يحصل في ليبيا، وإما ان تحصل انقسامات داخل الدول التي يتم التظاهر فيها لوصول الأمور الى مرحلة يصعب فيها الحسم بالنسبة الى الحكم. الأمر الذي سينعكس صعوبة في انعقاد القمة.
ان تكوين السلطة يحتاج الى وقت، ما ينعكس على تمثيل الدول في القمة لان الانتخابات التي ستنبثق عن الثورات ليست سريعة، ما قد يؤدي لاحقاً الى انتظار عربي لإرساء السلطة قبل تحديد موعد جديد للقمة.
ان انعقاد القمة يحتاج الى دول مستقرة تكون قد عملت على وضع سياساتها الخارجية لا سيما ما يتصل بالسياسة العربية. وهذا ما يحتاج الى سلطة قائمة. ففي الدول التي نجحت فيها الثورات لم تستقر بعد أوضاع السلطة فيها ولا سياساتها الخارجية، وفي الدول حيث النزاعات لا تزال قائمة، المشكلة تبدو أصعب. ما قد يؤثر مجدداً على انعقاد القمة.
إزاء هذا الواقع، من الممكن ان يعاد تأجيل القمة، خصوصاً في ظل صعوبات عرض المواضيع أمامها للبحث، والتباينات الحاصلة في شأن دعم الحكم أو دعم الشعوب، وليس مستبعداً ان يستمر التأجيل الى موعدها العادي في آذار 2012.

السابق
الخوف اللبناني
التالي
أيّ «هُويّة» للحراك من أجل الديموقراطية؟