بَين معارضة الأهالي وإصرار بلديّات النبطيّة

عملت معظم البلديّات الجنوبية على استكمال العمل في مجال تحسين البنى التحتية لجهة شبكة الصرف الصحّي، بدعم مستمر من الاتحاد الأوروبي وبالتعاون مع مجلس الإنماء والإعمار.

فقد استُكملت الدراسات كلّها لإقامة ثلاث محطّات تكرير للصرف الصحّي قرب بلدات يحمر وزوطر وكفرصير، ووافقت بلديّة يحمر على إقامة مشروع الصرف الصحّي في محلة البيساريّة، على بعد ثلاثة كيلومترات من نهر الليطاني، الأمر الذي رفضه عدد من أهالي البلدة وشكّلوا لجنة متابعة، محذّرين من مخاطر هذا المشروع على النواحي البيئية

والصحّية، فضلا عن أنّه سيؤدّي إلى تلوّث نهر الليطاني بالمياه الآسنة، وطالبوا بإيقاف هذا المشروع والبحث عن بدائل، لِما فيه مصلحة البلدة وتطويرها.

المشروع الذي بوشر العمل به منذ أيام، ينوي الاتحاد الأوروبّي تمويله بـ 8 ملايين يورو. وفي هذا الإطار، يقول رئيس بلديّة يحمر قاسم عليق لـ "الجمهورية": "إنّ محطة التكرير التي ستقام غرب البلدة، سيتمّ من خلالها تحويل مياه الصرف الصحّي إلى مياه صالحة للريّ، وهذا مشروع حضاريّ يمكّننا من تكرير مياه الصرف الصحّي لتصبح صالحة لريّ مزروعات البلدة"، مُعلنا أنّ وزارة البيئة وافقت على هذا المشروع الذي لن تكون له تأثيرات سلبيّة على التنمية أو على نهر الليطاني.

إذاً، تصطدم بلديّات يحمر الشقيف، والزوطرين الشرقية والغربية الواقعة شمالي نهر الليطاني بمعارضة أهليّة على إقامة مشروعين متشابهين، لكن منفصلين، لتكرير مياه الصرف الصحّي بمنحة مقدّمة من السوق الأوروبّية المشتركة عبر مجلس الإنماء والإعمار.

ويمكن للأهالي أن يعترضوا، من خلال عرائض وبيانات موقّعة، على مواقع المشروعين وآلية تشغيلهما، إذ يقتربان من ملامسة مجرى نهر الليطاني، في وقت تجدهما البلديات المعنية الحلّ الناجع في ظلّ انتشار مئات "الجوَر" الصحّية.

وإذ يدعم موقف الأهالي، اعتراض مصلحة مياه الليطاني على وجود مشاريع لتكرير الصرف الصحّي في النطاق المحذور والتي يمكن أن تؤذي آبار التغذية المحاذية للنهر، ويشرح عليق أنّ المشروع الممنوح لبلدة يحمر "هو البديل الأنجح في ظلّ هذا الانتشار الواسع للبؤر الصحيّة، التي تحدث مشاكل متفاقمة جرّاء تسرّبها إلى سطح الأرض، وكذلك إلى المياه الجوفيّة التي تردف، حتما، مجرى نهر الليطاني والينابيع القريبة منه".

وإذ أمل بيان موقّع باسم أهالي يحمر الشقيف "التوقف عن السير في هذا المشروع والبحث سويّا عن بدائل أخرى، والتعاون والتفاعل مع هذا المطلب الأهلي، بعد تعداد المخاوف من آلية تنفيذ المشروع وتشغيله، فضلا عن تأثيره على فرص التنمية السياحية في محيط نهر الليطاني، مع أنّ الكلفة المالية للمشروع لا تناسب فعاليّته"، تساءل عليق: "لماذا التداول في شأن هذا المشروع الذي ما يزال سرّيا بين البلدية والجهة المانحة والمنظمة؟"، داعيا "إلى إشراك الأهالي في النقاش لإيجاد مشاريع بديلة أكثر نفعا وأقلّ ضرَرا، أو بالأحرى من دون أيّ ضرر".

من جهتهم، يطالب أهالي زوطر الشرقية الذين انتقل المشروع المماثل إلى نطاق بلدتهم العقاري، بعد رفض أهالي زوطر الغربية تنفيذ المشروع في نطاقهم الجغرافي في أرض تابعة لوقف الرهبنة المارونية، "التوقف عن تنفيذ المشروع في الموقع المقترح، في العقار الرقم 387 في خلة الدقيقة القريبة من يحمر، والبحث سويّا عن بدائل أخرى".

ويعدّد المهندس طارق مصطفى إسماعيل الأسباب التي دعت الأهالي إلى هذا الموقف، ومنها "اعتماد المشروع على الباكتيريا والطحالب لتنقية المياه المبتذلة. ومن المعروف أنّ النشاط البكتيري يتقلّص، وربّما يتوقف في الطقس البارد، ما سيوقف، حتما، عملية التكرير، وستبقى المياه المبتذلة متدفّقة، وستصل إلى النهر ومياه الينابيع الجوفيّة، خصوصا أنّ البلدة تتغذّى من مياه نبع علمان المتصل بالنهر".

ويعتبر إسماعيل وجود المشروع في نقطة لا تبعد أكثر من 500 متر عن مجرى النهر "تماما على نحو مشروع يحمر، في منطقة شبه جرداء، سيسهم في وصول سريع للمياه الآسنة إلى مياه الخزّانات الجوفيّة، إذ إنّ تصريف المياه حسب المشروع، يعتمد على امتصاص الأشجار والحرارة العالية المفترضة (أكثر من 25 درجة)، صيفا وشتاء".

ويوافق أهالي زوطر الشرقية على تنفيذ المشروع في منطقة تبعد عن مجرى نهر الليطاني، "إذ نرى في إنشاء نظام للصرف الصحّي مشروعا حيويّا وضروريّا".

وبين استمرار معارضة الأهالي وإصرارهم على الأضرار الصحّية للمشروع، خصوصا على مجرى نهر الليطاني، وتمسّك البلدية، ومعها مجلس الإنماء والإعمار بتنفيذه، تبقى صحّة الأهالي، ومعها ضرورة الحفاظ على بيئتنا ومياهنا الجوفيّة، رهنا بما ستسفر عنه التداولات والمباحثات بين الطرفين، لعلّها تتوصل إلى الحلّ الأنسب والأفضل، خدمة للمجتمع.

السابق
هل ينجو الشباب من مخاطر موجة “ريجيم”
التالي
طيران معاد وغارات وهمية فوق الجنوب وصولا الى اقليم الخروب