أيام صعبة قادمة في الطريق الى جنوب افريقيا

في كل يوم يمر حتى ايلول، بعد نحو خمسة اشهر، سيشتد التوتر ومعه ايضا النشاط في الساحة السياسية المحلية والدولية. لشعب اسرائيل، كقاعدة، ليس مهما ما يحصل، اذا حصل شيء ما، في اشهر الخريف. فطالما كانت صواريخ "غراد" تتفجر في الشارع المجاور وليس فوق رؤوسنا مباشرة، فلن يكون موضوع اعلان الدولة الفلسطينية على رأس فرحتنا.
ايلول؟ زمن طويل جدا؟ في الشرق الاوسط خمسة اشهر هي خلد. فهل تنبأ احد ما قبل ثلاثة اشهر بأن مبارك سينحى عن كرسيه بل ويقدم الى المحاكمة؟ خمسة اشهر؟
وبالفعل، لن يحصل أي شيء في ايلول، باستثناء، ربما، اعلان 140 دولة، عضو في منظمة الامم المتحدة عن الاعتراف بدولة فلسطينية على اساس خطوط 67. وسيمر يوم ويومين، اسبوع واسبوعين، ولن يحصل شيء في الساحة المحلية والدولية. وسيكون بيننا كثيرون ممن سيسخرون، يهزأون، يضحكون على رؤوس الاشهاد ويذكرون تلك المقالات التي هتفت "ذئب، ذئب"، وبالطبع سيعلقون على الاعواد أنبياء الغضب والمتشائمين. وسيقولون: "الكلاب تنبح والقافلة تمر" (بين قوسين: هذا يذكر القدامى من بيننا بالايام والاسابيع التي سبقت حرب يوم الغفران. كيف ضحكنا على المصريين العاجزين وتحذيرات السادات في أنه سيكون مستعدا لان يضحي بمليون جندي).
اعتراف 140 دولة بدولة فلسطينية، في ايلول القريب القادم، هو مجرد بداية مسيرة يحتمل جدا أن تستغرق اشهر بل وربما سنين، حتى اعلان الاستقلال، دون مراعاة مشاكل اسرائيل وامانيها. الفلسطينيون سيشيرون دوما الى كتلة الـ 140 دولة وربما أكثر، ومن أيد ذاك الاعتراف الدولي سيجد صعوبة في أن يؤيد مطالب اسرائيلية عادلة لامن الدولة.
يوجد في داخلنا من يؤمن برحمة السماء: فها هي "الرباعية" اوشكت على الانعقاد – والغت الجلسة التي كان يمكن لها أن تلحق ضررا شديدا باسرائيل. "يد الرب"، كما سيقولون. "الحمد لله"، سيقول آخرون.
نحن ابطال كبار في استشراف الامس. فها هي محاولة مثيرة للشفقة لمحلل للشؤون العربية لشرح المستقبل – لماذا سينجو مبارك من الثورة ولن يسقط – كادت تلتقي في ذات اليوم بنبأ عن استقالته.
بعد محاولة التخمين بان شيئا لن يحصل في اعقاب قرار ايلول في الامم المتحدة، هاكم تخمين آخر: رغم مساعي الجمهوريين وربما ايضا الجالية اليهودية (وليس الحكماء والفهيمون من بين ابنائها)، سينتخب براك اوباما لولاية ثانية كرئيس. اوباما، كما سبق أن قلنا، يرى الشعب الفلسطيني كصورته – ضعفاء ومضطهدين من ابناء العرق الابيض، ذاك العرق المغرور الذي غدر به وبابناء عائلته. في الولاية الثانية ليس لديه ما يخسره وهو ايضا لا يحتاج الى اصوات يهود امريكا. اوباما، كما يمكن أخذ الانطباع، يرى نفسه كرسول الرب على الارض وبشرى السلام في الشرق الاوسط، ويحتمل ان بصفته هذه سيرغب في الدخول الى صفحات التاريخ.
ماذا يستطيع، اذا اراد لا سمح الله، العمل ضدنا؟ الجواب على هذا السؤال وغيره أقترح أن نوجهه، مثلا، اللواء عيدو نحوشتان قائد سلاح الجو. اللواء نحوشتان سيشرح لمن يرغب في أن يسمع، بان كل برغي وكل وسيلة قتالية في سلاح الجو عندنا، في منظومة المضادات للطائرات، في قبة حديدية هو برغي امريكي – وبدونه لا شيء. اوباما لن يتجرأ على ان يتركنا لمصيرنا؟ يمكن في هذا الشأن ان نسأل مشورة حسني مبارك. فهو بالذات مطلع.
في الساحة السياسية الاسرائيلية، في الائتلاف ايضا يفهمون جيدا باننا نقترب من "ايام عصيبة". وسيكون هناك من يقول اننا "نقترب من المصيبة". في الفضاء يمكن منذ الان أن نلحظ سحب الخطر، الظلام القريب – وفقط زعيم واحد او اثنين يصران على القول ان "يوما ربيعيا امامنا".
"لا تصلوا لتكونوا جنوب افريقيا"، قال ذات مرة رئيس وزراء جنوب افريقيا دي كلارك، لسياسي اسرائيلي، "وذلك لانكم لن تصلوا مثل جنوب افريقيا".

السابق
عندما يقع قتل في أيدينا
التالي
هبة من ماليزيا وبروناي لمدرسة بنت جبيل الفنية