“الموت البطيء” منظومة مبرمجة في خدمة الاحتلال

يرى باحثون في شؤون الأسرى أنه بالنظر قليلا إلى 207 أسرى استشهدوا في سجون الاحتلال منذ عام 1967 حتى اليوم، ولزملائهم الذين استشهدوا بعد خروجهم من السجن، يمكن تتبع منظومة كاملة تسمى «الموت البطيء» تتبعها المؤسسة «الإسرائيلية» ضد الأسرى الفلسطينيين منذ لحظة اعتقالهم وحتى إطلاق سراحهم.

ولعل أبرز معالم تلك المنظومة تبدأ بالضرب المبرح فور الاعتقال الذي يجري بإرهاب شديد، يتبعه تحقيق قاسٍ في زنازين الاحتلال قد يستمر لأسابيع وفي بعض الأحيان لأشهر وفي أحيان أخرى لسنوات، خصوصا مع قادة العمل الوطني وقادة المقاومين المسلحين.

ويعتبر الأسير رائد أبو حماد آخر الأسرى الشهداء في سجون الاحتلال والذي سقط نهاية العام الماضي، ليرتفع عدد الأسرى الذين استشهدوا في سجون الاحتلال إلى 207 شهداء منذ احتلال عام 1967.

تلك المنظومة لا تتوقف عند ذلك الحد، «بل تتواصل في اختيار الغرف التي يقبع فيها الأسرى في زنازين الاحتلال فهي غير صالحة للاستخدام البشري، والطعام الذي يتناولونه في أغلبه غير صحي، إضافة إلى الإهمال الطبي لأمراض بسيطة تتفاقم للتحول إلى مزمنة، قبل أن تؤدي إلى وفاة الأسير في السجن أو بعد خروجه«.

وتستمر فصول تلك المنظومة بذهاب الأسير للعلاج في سجن يدعى «مستشفى الرملة» حيث يتلقى علاجا بسيطا هناك في زنزانة انفرادية وهو مقيد اليدين في السرير الذي ينام عليه، فيما يجري التفنن في تعذيب الأسرى في المستشفيات «الإسرائيلية» بإجراء عمليات جراحية دون تخدير كما حدث أخيراً مع الأسير أنس شحادة’.

كما تستمر فصول منظومة «القتل البطيء في سيرها لتصل إلى حد حرمان الأسرى من الحصول على الدواء في حال توفير الفحص الطبي لهم الذي قد يستمر انتظاره لسنوات، كذلك ترفض السماح لأي طبيب من خارج مصلحة السجون «الإسرائيلية» بالحضور لعلاجهم«.
مستشفى للعقاب!

ولعل نقل الأسرى المرضى إلى ما يسمى مستشفى سجن الرملة لتلقي العلاج، عبر مركبات شحن كبيرة، وهم مقيدي الأيدي والأرجل وبظروف صعبة، من أبرز الأخطار التي تهدد حياة المئات من الأسرى المرضى، إضافة إلى أنه في أغلب الأحيان يكون المريض في المستشفى مقيدا بالسرير بسلاسل حديدية، وأحيانا تجرى للأسرى عمليات جراحية وهم بهذا الشكل.
تتزامن هذه الإجراءات مع تصاعد وتيرة الفتاوى «الإسرائيلية» الصادرة عن رجال الدين اليهود المطالبة بقتل الأسرى الفلسطينيين، والتي كان آخر الفتوى التي صدرت عن أعلى مجلس قضائي يهودي ويدعى «السنهدرين» والتي تبيح لليهود قتل كل الأسرى الفلسطينيين في السجون.

ولعل محطة «التجارب» تعتبر واحدة من أخطر فصول محطات الموت البطيء لأسرى محررين يعانون من أمراض ورثوها عن السجون، وهناك الآلاف من الأسرى المحررين الذين لم يشتكوا من أي مرض أثناء فترة تواجدهم في السجن، بل ظهر عليهم المرض بعد تحررهم بأشهر أو سنوات كما تؤكد المؤسسات الحقوقية، بسبب أمراض ورثوها عن السجون وآثارها المدمرة على الصحة أو لربما بسبب تجارب الأدوية أو مكوثهم فترات طويلة في سجون ومعتقلات قريبة من مفاعل ديمونا، وهذه الأمراض لم تظهر عليهم في السجن بسبب عدم إجراء فحوصات شاملة ودورية لهم، وظهرت بعد تحررهم.

إعدام بطريقة أخرى
وأفاد المدير التنفيذي لمركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية «حريات» حلمي الأعرج، أن رئيسة لجنة العلوم البرلمانية «الإسرائيلية» سابقاً «داليا ايزيك» كشفت النقاب في تموز 1997 عن وجود ألف تجربة لأدوية خطيرة تحت الاختبار الطبي تجري سنوياً على أجساد الأسرى الفلسطينيين والعرب، وأضافت في حينه أن بين يديها وفي حيازة مكتبها ألف تصريح منفصل من وزارة الصحة «الإسرائيلية» لشركات الأدوية «الإسرائيلية» الكبرى لإجراء تلك التجارب».

في السياق ذاته، أكدت رئيسة شعبة الأدوية في وزارة الصحة «الإسرائيلية»، آمي لفتات، أمام الكنيست في الجلسة ذاتها، «أن هناك زيادة سنوية قدرها 15% في حجم التصريحات التي تمنحها وزارتها لإجراء المزيد من تجارب الأدوية الخطيرة على الفلسطينيين والعرب في السجون كل عام».

هذا وكان قد كُشف في وقت سابق عن طريق أسير حاصل على شهادة بكالوريوس بالتمريض وهو أكرم سلامة، أن إدارة ما يسمى «مستشفى سجن الرملة» تُعطي الأسرى المرضى أدوات سامة وخطيرة وقاتلة غير عابئة بآثارها وتوابعها المدمرة.

السابق
النظام في سوريا: إيه في مؤامرة
التالي
البيرق: سليمان اكد للاسد الدعم الرئاسي للاستقرار في سوريا