في انتظار الربيع العربي

أنا مسرورة وفخورة بالشباب الذين فرضوا التغيير في تونس ومصر. إنه حقاً حلم يتحقّق عندما نشهد هذه الموجة من الثورات والانتفاضات العربية التي تجتاح المنطقة. لكنني قلقة حيال الخطوات المقبلة الضرورية لبناء دول ديموقراطية ومستدامة تلبّي طموحات وتطلّعات الشباب الذين جازفوا كثيراً لتحقيق الحرّية والمساواة مع باقي العالم.
وأنا قلقة أيضاً على النضالات الأخرى التي تدور الآن والنضالات التي قد تنشأ في المستقبل. فالثوّار في ليبيا يواجهون غضب عقيد عاجز عن التخلّي عن السلطة. والشباب يتحدّون الرقابة والعنف في البحرين وسوريا واليمن. والأردنيون يطالبون بالإصلاح بأصوات تعلو أكثر فأكثر يوماً بعد يوم.
فيما تمرّ المنطقة في هذه الصحوة العربية بحماسة وترقّب شديدَين، يحين الوقت المنتظر لحلول الربيع الحقيقي.
سوف يأتي الربيع العربي…
عندما نشجّع الشعوب على التفكير نيابة عن نفسها، والتعبير عن نفسها بحرّية من دون تهديدها بالسجن أو الاضطهاد أو المضايقة.
عندما نشجّع تدفّقاً حراً للمعلومات وإعلاماً مستقلاً يسائل الحكومات ويحاسب المسؤولين.
عندما نعامل الجميع ولا سيما منهم العمّال المهاجرين باحترام ونحمي حقوقهم الانسانية وندافع عنها تماماً كما نحمي حقوقنا وندافع عنها.
عندما لا ننظر إلى الآخرين أو نتحدّث معهم بازدراء لأنهم ينتمون إلى دين أو عرق مختلف أو لأن لديهم توجّهاً جنسياً مختلفاً.
عندما نكسب سمعتنا بالاجتهاد في العمل بدل شرائها بكل وقاحة أو انتزاعها من طريق الرشوة.
عندما تبدأ الدول العربية بالتباهي على أساس من يملك أكبر عدد من المتخرجين أو من الاختراعات أو من الكتب المنشورة، وليس أطول مبنى أو أكبر ملعب أو أكبر صحن حمص.
عندما تكون أخلاقيات العمل لدينا على مستوى كلمة الشرف التي نقطعها.
عندما يعني الإصلاح ان ندرك أننا جزء من المشكلة وان نتنحى جانباً بدل إحاطة أنفسنا بأشخاص يهتفون بإسمنا وترويج أنفسنا أكثر فأكثر.
عندما نوظِّف أشخاصاً مؤهّلين وليس أفراد العائلة أو الأصدقاء لأنهم الوحيدون الذين نثق بهم.
عندما نتوقّف عن التصفيق للقادة والهتاف لهم حتى عندما يكونون الأسوأ على الإطلاق.
أنضمّ إليكم في الاحتفال بالثورات وأبطالها والإشادة بهم. ولكن يجب ألا ننسى أن أمامنا الكثير من العمل الجاد وتقع على عاتقنا مسؤولية كبيرة بأن نُقدِّم للعالم صورة حقيقية عمّا نحن عليه، وما نناضل من أجله.
سيحلّ الربيع العربي عندما نقرّر أن نعمل بكدّ وننجح ونكون منارة تُلهِم الآخرين.
سيأتي ربيع العرب عندما نربّي أجيالاً مثقّفة ومتعطّشة الى المعرفة تتمتّع بحرّية التعبير عن نفسها وعن أفكارها وكلّها ثقة بأن مستقبلها مشرق وحافل بالفرص.

السابق
جعجع استنكر “الحملة على المستقبل والجراح
التالي
الخليل يسأل عن مستشفى حاصبيا