جمع العملات: “ملكة الهوايات وهواية الملوك”

يجمع الشاب عمر العانوتي بعضا من العملات الورقية اللبنانية الجديدة منها والقديمة الى جانب عملات عدد من الدول العربية وذلك على طاولته الخاصة في أحد المقاهي الصيداوية، فتلفت انتباه زبائنه لهواية بدأها قبل سنوات قليلة لم يبلغ فيها بعد مبتغاه ان يجمع العملات النادرة أيضا.

تختلف نظرة مقتني وعشاق جمع العملات القديمة، فالبعض يعتبرها مجرد هواية والبعض الآخر تجارة مربحة تدر دخلا كبيرا على أصحابها وعشاقها يزيد ثمنها كلما مر عليها الوقت ومثل الذهب لا يتراجع سعرها أبدا، والبعض الثالث ثقافة تزيد من معلوماتهم عن دول العالم لأنها كالوثائق والمراجع التاريخية التي تتعرف من خلالها على عصور مختلفة وعلى التطورات التي تمر بها الدول من خلال العملة، غير ان هذه الهواية في لبنان ليست رائجة وينقصها الكثير من الحضور، فما هو موجود مجرد هواية فردية.
بيد أن العانوتي الذي يطلق على هذه الهواية لقب "ملكة الهوايات وهواية الملوك" ينظر الى جمع العملات اللبنانية كونها رمزا وطنيا وان فقدت قيمتها الشرائية أمام العملات الاجنبية، الا انه يعتز بقيمتها المعنوية، اذ انه ابان الحرب الاهلية ويوم كان القتل على الهوية بين "غربية" و"شرقية" بقيت ليرة لبنان وحدها رمزا عمليا لوحدة الوطن وخارج لعبة التقسيم، تصرف في لبنان كله ومن قبل كل فئات اللبنانيين وطوائفهم ومذاهبهم دون تردد، بينما كان البعض يحرص على تدوين ارقام او كلمات على الورقة النقدية كتعبير عن موقف سياسي او اجتماعي او كتذكار انها مرت من بين يديه علها تعود اليه ذات يوم".
خطوة مسيرة
يقول العانوتي "ما جمعته قليل قياسا على الهاوين والعشاق ولكنها خطوة في مسيرة الالف ميل، بل هي مجرد فكرة لتشجيع زبائن المقهى على المشاركة في الهواية من خلال وضع عملات يملكونها على الطاولة لنشكل معا ثقافة مشتركة"، موضحا "ان هناك صعوبة في اقتناء العملات النادرة، اذ ليست في لبنان معارض خاصة لها او اسواق او بسطات كما هي الحال في عدد من الدول العربية والغربية.
ويؤكد العانوتي العائد من قطر بعد رحلة عمل امتدت اسابيع فقط، "لقد حرصت على الاحتفاظ بأنواع مختلفة من العملة القطرية وأضفتها الى المجموعة الصغيرة، ناهيك عن انني اطلب من كل معارفي المسافرين تزويدي حين العودة بعملة الدولة التي زاروها"، ليخلص الى الاستنتاج "بهذه الطريقة اجمع الانواع المختلفة من العملات وان كانت بمعظمها حديثة، لقد بات السفر سهلا وكثير من الناس يغادرون لبنان للسياحة ثم يعودون فأستفيد من الامر".
ويوضح "لم اشتر ايا من العملات الموجودة، لا من سوق للبيع ولا عبر الانترنت لأن الأسعار تكون عالية والمساومة غير موجودة كما في الواقع عندما تكون أمام التاجر وجها لوجه"، داعيا في ذات الوقت الى "تشجيع هذه الهواية عبر اقامة معارض خاصة مثلما حال جمع الطوابع وغيرها".
إصدارات وعتب
ولكن اعتذار العانوتي سرعان ما يتراجع امام الاصدارات المتسارعة للعملة اللبنانية، فيقول بالامس اصدر البنك المركزي عملات جديدة من فئات المئة والخمسين الفا والالف، بات لدينا ثلاثة انواع واشكال من الالف اللبنانية وحدها في زمن قصير قياسا على اصدار العملات وتواريخها، بينما اختفت فئات أخرى من الخمس وعشرين الف ليرة وبقيت الخمسون والعشرة والخمسة شواهد حية، متمنيا "ان تعود الليرة اللبنانية لتحكي من جديدة بعدما فقدت قيمتها الشرائية امام الازمة الاقتصادية والغلاء وارتفاع الاسعار حيث بات اللبناني يقبض بيمينه ويصرف بشماله وكأنه لم يقبض شيئا او انه كان في حلم".
الهاوي والتاجر
يشتري الهاوي عادة العملات القديمة بهدف جمع مجموعة خاصة به، وكثيرا ما يشتري ونادرا ما يبيع، ويكون لديه هاجس دائما بالبحث عن القطع التي تنقص مجموعته الخاصة او تلك العملات التي صدرت في مناسبات خاصة، بينما التاجر يعتمد على شراء هذه العملات، ثم إعادة بيعها بسعر جديد وهي تجارة مربحة بالطبع، ويمكن أن تربح في عملة واحدة مبلغا كبيرا، بخاصة عندما تكون هذه العملة نادرة.

السابق
توقيف مطلوبين بعد يوم امني جنوبا
التالي
بهية الحريري:نقبل بعضنا بعضا ونختلف في الرأي لكن تحت سقف لبنان