عن شركة وهمية لا تعالج مجارير صيدا

(خاص الموقع)

منذ اسبوعين كنت اتمشى قرب جامع الزعتري في صيدا، عندما لفتتني مياه "مجرور”تنسال الى البحر. فوجئت بذلك، خصوصا بعد الاعلان عن تركيب محطات لضخ مياه الصرف الصحي الى محطة المعالجة في سينيق، لاكتشف بعد ذلك ان معظم مياه الصرف الصحي ما تزال تصب الأوساخ في البحر، بغزارة حينا وببطء حينا آخر.

زرت محطة معالجة مياه الصرف الصحي في سينيق مرتين. تجولت في ارجائها. لم اجد اي دليل على العمل. الصمت يلف المكان. الابنية مقفلة. حديد الابواب علاه الصدأ. الامكنة المفتوحة لا توحي ابدا ان عملا يجري في المحطة.

دخلت الى احد المباني، تجولت داخل غرفة متسخة، بعضها ممتلئ بآلات قديمة وباغراض مختلفة، واحد المباني يحوي خزانين للمازوت يبدو ان المازوت لم يزرهما ابدا.

المقاولون العرب

منذ اكثر من ثلاثة اشهر نظم احتفال حضره رئيس بلدية صيدا محمد السعودي والسفير الياباني للاعلان عن بدء تشغيل المحطة. ودفعنا الى النظر للمشروع بصفته انجازا تم تحقيقه.

بدأ العمل بمشروع معالجة مياه الصرف الصحي منذ 10 اعوام بقرض ياباني، على ان تقوم شركة "المقاولون العرب”بتنفيذه، تلك التي يقول مسؤولها في الموقع، المهندس حازم عبد الغفار، انها انجزت الجزء الاساسي منه شارحا ذلك: “مشروعنا يرمي الى اقامة محطات ضخ وشبكات تربط القرى المحيطة بصيدا بالمحطة الاساسية، وقد انجزنا بناء المحطات، وهي عبارة عن محطة رئيسة هنا في سينيق وثلاث محطات فرعية، الاولى في الغازية، الثانية عند مقبرة اليهود والثالثة عند مرفأ الصيادين في المدينة. وكان من المفترض ان تتسلم المحطات الثلاثة وزارة الطاقة، لكنها امتنعت عن الاستلام حتى الآن. اما الشبكة فما زال امامنا 4 اشهر لانجازها وربطها بالمحطات".

ويضيف عبد الغفار: "علاقتنا مع مجلس الانماء والاعمار، الذي بادر الى تكليفنا بتشغيل المحطات لمدة سنة وبالتعاون مع البلدية لقاء مبلغ 300 الف دولار اميركي. وقد بدأنا بالتشغيل في شهر تشرين الأول من العام 2010، وينتهي عقدنا في آخر شهر أيلول من العام 2011. عندها اما ان يعاد تكليفنا بالتشغيل او تتسلم وزارة الطاقة المشروع برمته".

وعن عمل المحطة في الوقت الراهن، يجيب عبد الغفار: ”قامت بلدية صيدا بتوصيل الشبكة القديمة الى المحطات، ونحن نستقبل ونعالج المياه التي تصلنا". وهو يصر على ان التشغيل يتم على مدار الساعة، لكنه يستدرك: "يتوقف العمل عندما يخف السيل القادم، وعندما يصل بغزارة نعالجه ونرميه في البحر على مسافة 1800 متر".

بلدية صيدا

تتعارض آراء المسؤولين في بلدية صيدا مع رأي مهندس “المقاولون العرب“، وتلتقي في بعض النقاط، لذلك التقينا رئيس الدائرة الهندسية في البلدية المهندس زياد الحكواتي الذي بادر الى القول: "مضت اكثر من عشر اعوام على بدء تنفيذ المشروع من قبل المقاولون العرب وهي فترة طويلة اكثر من اللازم، والمشروع يحوي بناء محطة رئيسة وثلاثة فرعية، هذا صحيح، وتم انجازها، لكن عند التشغيل تبين انها في حاجة الى صيانة وترميم. كما يحوي المشروع بناء سبعة خطوط للمجاري تمتد من كفرفالوس شمالا الى عنقون جنوبا، وهذه لم تنجز حتى الآن. والمشكلة ان لا سلطة للبلدية على الشركة المنفذة والتي تقتصر علاقتها بمجلس الانماء والاعمار".

ويضيف الحكواتي: "المحطات مسؤولية وزارة الطاقة التي لم تتسلمها حتى الآن، لذلك بادرت البلدية وقامت بانجاز 8 وصلات فرعية الى المحطات لأننا رأينا أنه من الضروري البدء بتشغيل مركز المعالجة، وهذه الوصلات تم إ،جازها بقدرات البلدية الذاتية، لنكتشف لاحقا ان المحطة الرئيسة تتوقف عن العمل عندما ينقطع التيار الكهربائي".

وعن عقد التشغيل يشرح الحكواتي: "بعد مطالبة البلدية إتفق مجلس الانماء والاعمار مع شركة المقاولون العرب لتشغيل المحطة وشراء مازوت وصيانتها وترميمها لقاء 300 الف دولار في سنة. ولكن الشركة لا تقوم بواجباتها الا بعد الملاحقة من طرفنا".

ويشكك بعمل محطة المعالجة 24 ساعة يوميا: "دائما هناك اعطال، لا نعرف اذا كانت المحطة تعمل او لا تعمل، اذ لا سلطة لنا على الشركة المنفذة". وحول المياه المنسابة من "المجارير" قرب جامع الزعتري يوضح الحكواتي الامر قائلا ان "هذه المجارير هي عبارة عن مجرى مياه طبيعي، لذلك من الطبيعي ان ينساب قليلا من مياه الصرف الصحي الى البحر".

لكن احد اعضاء المجلس البلدي، وهو رفض ذكر اسمه، يشكك برواية "المقاولون العرب": "هناك شكوك حول طريقة تنفيذ المشروع والشبكة، واتساءل: هل يمكن مد مجرور اساسي في مجرى مياه طبيعي كنهر سينيق؟ وكيف يمكن صيانته في الشتاء عنما تغمره مياه النهر؟".

ولم يوافق العضو المذكور على رواية عبد الغفار عن معالجة المياه الآسنة وضخها الى البحر: "أعتقد ان تحليل ومراقبة نهر سينيق بشكل دائم يكشف كيف ان مياه الصرف الصحي تضخ الى مجرى النهر وليس الى البحر".

وزارة الطاقة

يحاول مصدر في وزارة الطاقة شرح اسباب رفض الوزارة استلام المحطات: "نحن الآن في الجنوب مسؤولون عن مياه الشفة، ينقصنا العدد الكافي من الموظفين لتسيير امورنا، فكيف نستلم شيئا لا قدرة لنا على متابعته. صحيح نظريا أننا مسؤولون ولكن من اين نأتي بالامكانات؟".

هكذا، ومنذ اكثر من 10 اعوام، يجري العمل على انجاز مركز معالجة مياه الصرف الصحي في منطقة صيدا، ولم ينته العمل فيه بعد. وزارة الطاقة ترفض تسلم ما تم انجازه بحجج مختلفة. لا سلطة للبلدية على الشركة المنفذة. وصلات البلدية لا تعمل بشكل جيد، والمحطات في حاجة الى صيانة وترميم دائمين. وبالطبع هناك شكوك حول عمل المحطات، واذا كانت مشروعا حقيقيا يعمل ام وهميا لا يعمل؟

الا يستدعي ذلك تشكيل لجنة فنية للتحقق؟

سؤال برسم بلدية صيدا.

السابق
العرب: مقتل شخصين في إحباط تمرد بسجن لبناني
التالي
أوتوستراد الزهراني.. الله ينوّر عليكم