حماس ونحن والعالم كله

ان دخول عملية برية في غزة اليوم يجب أن يوزن بصورة واسعة مع تناول مجموع مسارات التطورات في المنطقة. لا يحل الاكتفاء بنقاش ذي قطبين يبحثون فيه اسرائيل وحماس وحدهما. ومع ذلك لا يحل ان نهمل احد اهدافنا المركزية الا وهو الافضاء آخر الامر الى القضاء على حماس.
في الصعيد "التبادلي" بيننا وبين حماس لا ينبغي ان نزن مصالحات في جانب الاهداف البعيدة الامد. فحماس تريد الاستمرار على العمل في القضاء علينا ونحن نريد الاستمرار على البقاء مع النماء والرفاهة. لهذا فالحديث عن لعبة حاصلها صفر حلها احد أمرين: إما ان تعترف حماس بوجودنا (ويبدو أن هذا لن يحدث)، وإما ان يقضى عليها. لولا التطورات الاخيرة في منطقتنا لاشرت على بنيامين نتنياهو وايهود باراك بالدخول في عملية رصاص مصبوب اخرى تكون غايتها اسقاط حماس في قطاع غزة. لكن التطورات الاخيرة في المنطقة تقتضي في رأيي جعل المعادلة بيننا وبين حماس معركة متعددة الاقطاب.
ينبغي تخمين ان حماس تعمل تابعة للايرانيين وربما حتى للسوريين. وربما يكون السوريون والايرانيون الذين يشعرون بان الشعب يهددهم وهو الذي يريد الحرية، معنيين باشتعال الوضع على الحدود بين اسرائيل وقطاع غزة. ان اشتعالا كهذا سيوحد الرأي العام في ايران وسوريا على اسرائيل ويخفف التوتر مع السلطة.
في مقابلة ذلك ليست حماس معنية بعملية كبيرة للجيش الاسرائيلي لانها تخاف ان يمضي السكان على حسب "الموضة السارية" ويتمرضوا عليها. مع ذلك حماس معنية بالسير قريبا من الهاوية. ان حزب الله الذي يخاف "تمرد" سكان لبنان عليه، يمتنع في هذه اللحظة الى العمل على مجابهة اسرائيل لكن هذا قد يحدث في اللحظة التي تصبح معضلته فيها البقاء او الفناء. ان الاردن ومصر في هذه اللحظة في موقف حساس . فالنظام العسكري في مصر يريد الحفاظ على استقرار نسبي في الدولة. ويريد الملك الاردني الحفاظ على سلطته الى قمع بالقوة. لهذا يفضلان في هذه اللحظة الحفاظ على مضاءلة الظهور في السياق الاسرائيلي. ان اشتعالا في غزة او على الحدود الشمالية سيضطر الاردن ومصر الى شحذ موقفهما من اسرائيل وان تعرضا موقفا معاديا لها والا فستجابهان رعاياهما على خلفية قومانية ايضا ومن المحقق ان هذا لا يريحهما.
الاتراك موجودون قبيل انتخابات ولهذا يراقبون ما يجري هنا بقلق. ان تركيا التي تريد على نحو اساسي على الحفاظ على علاقات اقتصادية باسرائيل قد تجد نفسها تقطع العلاقة بالقدس اذا وقع ههنا اعمال عدائية بقدر كبير. واسرائيل لا تريد هذا بطبيعة الامر.
ان الولايات المتحدة واوروبا اللتين اخذ وزنهما يقل في الشرق الاوسط ليستا في هذه اللحظة عنصرا مؤثرا في المنطقة؛ فالولايات المتحدة متورطة مع نفسها فلا تعلم من تؤيد ولاية مصلحة، وحربها المروجة خارجيا من أجل حرية الشعوب في الشرق الاوسط تُرى نفاقا.
ليس من الممكن ان تساعد الولايات المتحدة "محاربي الحرية في ليبيا" من جهة وتقمع التمرد بالقوة في البحرين من جهة اخرى (لو أن وكالة الاستخبارات الامريكية سُئلت ما هو الوضع الذي تفضله لاجابت بصراحة ان يعود القذافي ليحكم ليبيا وان يصمد الاسد في سوريا وان يكون النظام العسكري في مصر قويا ومستقرا من غير انتخابات حرة).
بحسب هذه المعطيات، كنت اوصي حكومة اسرائيل بعدم الرد بعملية واسع في غزة أو على الاقل لا في هذه اللحظة. مع ذلك ينبغي اعمال طريقة مؤلمة جدا اساسها المس بقادة في القطاع أي الاغتيالات المركزة واستعمال وحدات منتخبة مع اقلال ظهورها من أجل القضاء على اهداف حماس والجهاد الاسلامي.
كذلك ينبغي الامتناع عن كل تصريح يتعلق بالعمليات. يجب علينا أن ننشىء وضع نشاط سري غامض مع اقصاء شامل في وسائل الاعلام. هذه طريقة تحدث عند حماس والمدنيين ذعرا وخوفا من المجهول. وفي الحدود الشمالية ينبغي تدريب القوات على شحذ الحواس والانتظار. يجب على الجيش الاسرائيلي عامة ان يعجل دورات تدريبه كي يكون مستعدا لكل تطور وكي يكون قادرا على الردع خاصة.
(سما الاخبارية)

السابق
“تأثيـر الغفـل”: العلـم يثبـت جـدوى الـدواء الوهمـي
التالي
روائح النابلسي تعرقل طريق الغازية – الجنوب