بارزيغاز: السعودية ارتكبت خطأ استراتيجياً في البحرين

لطالما كانت العلاقات الإيرانية العربية متأرجحة، ولم ترق يوماً الى مستوى الثبات، فالحذر والشك كانا سمة متبادلة بين الطرفين، ولم تبددها يوماً محاولات التقارب على مدى عقود. وما ان انطلقت شرارة الثورات العربية، حتى وجدت إيران نفسها معنية بما يجري.

فالأحداث في سوريا، لا يمكن فصلها بشكل أو بآخر عما يجري في المنطقة، غير أن لسوريا موقعها وعلاقاتها الاستثنائية مع إيران، ما جعلها تتصدر سلّم الاهتمامات من قبل المراقبين وصناع القرار في المنطقة والعالم. إذ ان تداعيات نتائج الحراك فيها يلامس مباشرة، الموقف الإيراني من قضايا المنطقة وفي مقدمتها قضايا الصراع العربي الإسرائيلي ومحور الممانعة، الذي أثيرت حوله أسئلة كثير تتعلق بمدى قابليته للصمود في حال انهيار النظام في سوريا.
أما في البحرين، فقد نجح الحكام هناك في إخراج التظاهرات عن سياقها الطبيعي بإعطائها بعداً مذهبياً، قد يحرق بشرارته المنطقة ككل إذا لم يتم إطفاؤها.
ينطلق البورفسور كاياهان بارزيغاز من مركز الشرق الأوسط للدارسات الاستراتيجية، الذي شارك في أعمال المؤتمر الاقليمي الاول الذي نظمه الجيش اللبناني حول القضايا الاقليمية الناشئة: التحديات والرؤى المستقبلية في فندق المونرو، في رؤيته للموقف الإيراني والثورات العربية، بالإشارة الى تعاطف إيران الكبير مع مطالب الشعوب العربية، وكانت منذ البداية تراقب تقدمها، وتنظر بقرب لما يجري من شمالي أفريقيا، فالشعب الإيراني برأيه "لديه رؤية إيجابية لها، لأنها تتوافق مع مطالب الشعبين في التطور والعملية الديموقراطية".

وأضيف بارزيغاز: هذه التغيرات أضعفت الموقفين الإسرائيلي والأميركي، فالشعوب الآن أكثر سيطرة على حكوماتها من قبل، وهذا التحول الديموقراطي سيأتي بحكومات تخضع لمطالب الشعب، وبالتالي سيقرب إيران من هذه البلدان. فالحكومات السابقة التي أصابها التغيير كانت على عداء مع إيران لموقفها المعارض للمشاريع الأميركية والصهيونية.

واعتبر أن على الحكومات التي ستتشكل في المستقبل، العمل على إعادة صياغة العلاقات العربية الإيرانية، على أساس المصالح المشتركة.
وهذا بدوره سيزيد في ضعف المشروع الأميركي في المنطقة، ويضع بارزيغاز سماح مصر بمرور الفرقاطتين الايرانيتين قبل أسابيع عبر قناة السويس، في خانة الإشارات الأولى لهذا التقارب.

لا يرى بارزيغاز الشرق الأوسط المقبل إسلامياً، "لكن التغيرات بنظره والحكومات المقبلة، إذا أذعنت لمطالب شعوبها، ستشكل مزيجا من الوطنية والعقائدية. وهذا بدوره سيشكل انتصارا على صعيد المنطقة ككل، وإيران كونها دولة محورية هي معنية به وستستفيد منه، كما انه سيشكل أيضا انتصارا لتركيا ومصر، وستنزع هذه التغيرات العقلية العدائية ضد إيران.

بدد بارزيغاز الشكوك بعدم تأثير الحراك في سوريا على محور الممانعة الذي يشمل (سوريا وإيران وحزب الله وحماس نظرا للعلاقة الاستراتيجية المتينة بين سوريا وإيران، فهم بحاجة بعضهم الى بعض، معربا عن اعتقاده انه إذا تصاعدت الأحداث في سوريا، فستنظر إيران الى مطالب الشعب فيها بالطريقة نفسها التي تعاملت من خلالها مع الثورات العربية.

ولفت الانتباه الى انه ليس هناك من خوف، أقله في الوقت الحاضر، على انهيار هذا المحور مهما كانت التغيرات وشكل الحكومات التي قد تأتي في سوريا، في ظل التشارك في القيم والمصالح الاستراتيجية، فهناك تهديد خارجي مشترك ممثلاً بالكيان الصهيوني.

وحول الموقف الأميركي من الأوضاع في سوريا، أشار الى أن الولايات المتحدة تراقب باهتمام بالغ مدى تأثير ما يحصل وما هو حجمه وأبعاده، لذلك لم تتمكن من أخذ موقف حاسم، وأحد أسباب هذا الترقب هو أن سوريا لاعب أساسي في عملية السلام، وهناك حذر من أي حكومة قد تأتي مستقبلا وتكون أكثر عداء لها ولإسرائيل.

وتوقف بارزيغاز عند خصوصية الملف البحريني بالنسبة الى إيران، نافياً أن يكون تدخلها في هذا البلد بسبب الانتماء المذهبي كما يتهمها البعض. وأكد أن السعودية بتدخلها هذا بغطاء أميركي، تكون قد ارتكبت خطأ استراتيجيا كبيرا لأنه سيزيد العدائية بين السنة والشيعة في المنطقة، نتيجة ردة فعل الشعب الإيراني الذي سيطلب من حكومته التصرف.

وبحسب بارزيغاز فإن إيران تريثت في التعامل مع هذا الملف بسبب بعده التاريخي، وتحركها لن يكون مباشراً، كما يأمل البعض، لتقع في فخ الفتنة السنية الشيعية، بل سيقتصر التدخل على استخدام الطرق الدبلوماسية الفعالة، من خلال العمل على إدانة السعودية في المحافل والمؤسسات الدولية.
 

السابق
الجنسية والكوتا لمنع التمييز ضد المرأة
التالي
“اليونيفيل” تتّصل بالسلطات المحلية تمهيداً لانتشار 520 إيرلندياً ببنت جبيل