نفايات النبطية الطبية: الكلاب تأكل فضلات أجسادكم

(خاص الموقع)
 تتوزع في منطقة النبطية خمسة مستشفيات، يقارب عدد الأسرة في كلّ المئة، إضافة إلى الكثير من مؤسسات الرعاية الصحية والمختبرات الطبية، وعيادات الأسنان والعيادات البيطرية و الصيدليات.
وفي ظل أزمة النفايات العادية في المنطقة، التي تنتظر الإنتهاء من إنشاء مركز لفرز النفايات، يجري العمل على بنائه حاليا، تعيش المنطقة أزمة النفايات الطبية الناتجة عن هذه المراكز وعن الحلول المتبعة للتخلص منها؟

لم تتناول الدراسات واقع النفايات الطبية في منطقة النبطية الا ما قلّ منها. حتى المستشفيات الرئيسية في المنطقة لا تملك شرحا واضحا للحلول التي تلجأ إليها للتخلص من هذه النفايات، والتي تعرّفها الأمم المتحدة و البنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية بأنها "معدية أو سامة أو محرقة، تتراكم في الجسم أو لا تتراكم، وتسبب الحساسية أو السرطان".‏
 الأكثر خطورة في هذه النفايات هي تلك الآتية من المستشفيات، وعلى رأسها النفايات المعدية التي تحوي البكتيريا، الفيروسات، الطفيليات، والفطريات. أما الأنواع الأخرى فتصنف ضمن المواد المشعة، النفايات التشريحية ( او الأعضاء غير المميزة) والأدوية المنتهية الصلاحية.
تنص المادة الثانية من المرسوم 8006 على ضرورة "تحديد أنواع نفايات المؤسسات الصحية وكيفية تصريفها"، وعلى تنظيم إدارة نفايات المؤسسات الصحية المعرف عنها في المادة الأولى من هذا المرسوم وذلك بغية الحفاظ على سلامة البيئة والحرص على المصلحة العامة. إذ يجب إدارة نفايات المؤسسات الصحية بطريقة تخفف الخطر على الصحة، وتشجع إعادة استعمالها (reuse ) وتدويرها (recycling) واستردادها (recovery) وتنظم جمعها ونقلها والتخلص منها ضمن برنامج ادارة بيئية سليمة.
من هنا يؤكد مدير شركة الجنوب، التي تتولى عملية جمع النفايات في اتحاد بلديات الشقيف، محمد عبد الرحيم قبيسي، أن "مسؤولية النفايات الطبية ليست من مهام الشركة، علما أن معظم العيادات الطبية والمختبرات في النبطية ترمي نفاياتها في المستوعبات العادية الموضوعة في الشوارع العامة"، وتقوم الشركة بنقلها الى مكب كفرتبنيت بشكل عادي، مشيرا إلى أن العديد من المستشفيات لا تملك حلولا فعلية لنفاياتها، و تقوم بنقلها الى أماكن مجهولة من دون أي رقابة تذكر.

أما مستشفى النبطية الحكومي فتتبع نظام الفرز من المصدر، إذ تتوزع الأكياس الملونة ثلاثة ألوان: أحمر، أصفر وأسود، ضمن أروقتها، بعد دورات تدريبية أقامتها المستشفى للعاملين فيها، بإشراف إختصاصين بيئيين، ولكن المشكلة الحالية التي أثارت الإستنكار من قبل الجمعيات البيئية في النبطية، هي عملية حرق النفايات الطبية في محرقة خاصة بالمستشفى، علما أنها تراعي الشروط البيئية المتفق عليها في وزارة البيئة. مدير المستشفى الدكتور حسن وزنييقول إنّ "هذا الحل هو الأفضل حاليا، بدلا  من عدم معالجتها بتاتا"، مشيرا إلى "اتفاق تعاون بيننا وبين وزارة البيئة من خلال برنامج دولي اختير من خلاله مستشفى النبطية الحكومي ومستشفى ثان في مدينة صيدا، لجعلهما مستشفيان مثاليان، يراعيان المعايير العالمية وتحديدا في مسألة النفايات الطبية". ويكمل شارحا "وضعنا أجهزة معقمة في الغرف تعتمد تقنيات حديثة، وتقوم بتعقيمها مباشرة من دون اللجوء الى عملية تخزين لهذه النفايات، لتوفر جهدا ووقتا إضافيا تستغرقه عملية الفرز والتخزين"، معلنا عن "بدء استعمال الصور الإلكترونية في المستشفى بدلا من الصور المشعة التي كانت معتمدة".

هذا وتلجأ المستشفيات الأخرى إلى حلول بديلة ومؤقتة ولا تفي بشروط السلامة العامة، علما أن عملية تعقيم الكيلوغرام الواحد من النفايات الطبية تبلغ تكلفته المادية ستون سنتا أمريكيا، حسبما يشير المختص البيئي في شركة "آرك اون سيال"، داني العبيد، مقدرا كمية النفايات الناتجة عن كل سرير في المستشفى بـ"كيلوغرام يوميا".وتتولى الشركة معالجته بتقنية، الـ" autoclave"، التي تعتمد على تعقيم النفايات بالبخار ثم فرمها وتقليص حجمها وطمرها في أماكن مخصصة، إلى جانب عمليات تعقيم أخرى لم تجد نفعا على المدى الطويل، مثل تقنية التعقيم بالسوائل، وهي تقنية تتسبب بمشكلة بيئة أخرى لأنها تإستخدم الكلور أو مواد مشابهة. كما أنّه يوجد عملية التعقييم بالمايكروويف، وهي ناجحة لكنها مكلفة ولا يمكن اعتمادها لكميات كبيرة من النفايات.

حاليا تسعى بعض المستشفيات الى حلول جدية، ومنها مستشفى حكمت الأمين – النجدة الشعبية، كما يقول مديرها الدكتور علي الحاج علي: "هناك مشروع تعاون مع شركة متخصصة بهذا المجال، بعدما افتتح مركز معالجة قريب نسبيا، في مدينة صيدا، وسننقل هذه النفايات ونعالجها هناك بعد إجراء دورات تدريبية للموظفين في المستشفى على عمليات الفرز والتخزين".
 
من جهة أخرى يحمل الدكتور حسن حريري، وهو  طبيب أسنان، مسؤولية مراعاة شروط السلامة العام للأطباء في المختبرات وعيادات الأسنان: "إذ يعفون النفايات التي تخرج من عياداتهم ولا يصنفونها على أنها خطرة، وبسهولة فيمكن توضيبها في صندوق مخصص لها، بعدما يغطونها، وتحديدا الأبر، لتفريقها عن النفايات العادية".

يبقى أنّ العديد من أبناء النبطية يربطون وجود عدد كبير من الكلاب في المدينة بعدم معالجة النفايات الطبية، وتجميعها في مناطق غير مأهولة من حارة كفرجوز أو إلى جوار بعض المستشفيات. ما يجعلها، وهي بقايا من أ<ساد السكان ومن فضلات دمائهم، وجبات شهية للكلاب الضالة. 

السابق
ثورة سرّية
التالي
الحوت: لم أتخذ أي أي قرار لإلغاء أية رحلة إلى أبيدجان