ميقاتي يستكمل عناصر مشروعه السياسيّ المستقبليّ

منذ تكليفه تشكيل الحكومة الجديدة يتحرك الرئيس نجيب ميقاتي في خطين متوازيين: الأول، معالجة العقد لتشكيل الحكومة كي تكون «حكومة قادرة على مواجهة تحديات المرحلة المقبلة». والثاني، إعادة ترتيب أوضاعه الداخلية وتشكيل فريق سياسي وإعلامي يواكب تحركاته ونشاطاته المختلفة.
وقد عمد الرئيس ميقاتي إلى ضم شخصيات جديدة الى فريقه السياسي، وبدأ التحرك في اتجاهات عدة لمواجهة الحملة الشعبية والسياسية والاعلامية التي تعرض لها منذ قبوله بتكليف تشكيل الحكومة تحت عناوين مختلفة.
أما على الخط الحكومي، فهو يعمل «بجد ونشاط» ويفتح جميع الخطوط، وقد كان حريصاً في البداية على إشراك «قوى 14 آذار» في الحكومة، وعندما لم يتجاوبوا مع دعوته ووضعوا شروطاً قاسية وغير عملية، بدأ البحث عن تشكيل حكومة تكون قادرة على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية وعلى تقديم «صورة جديدة» للواقع السياسي اللبناني وقد اتخذ قراراً واضحاً بعدم الخضوع للضغوط والتحلي بالصبر لحلحلة كل العقد.
والرئيس ميقاتي ينطلق في مشروعه السياسي من قاعدة شعبية وسياسية عمل لبنائها بهدوء خلال السنوات الماضية، وهو يحمل رؤية واضحة في العمل السياسي تركز على اعتماد «الوسطية والاعتدال» منهجاً في التحرك رغم حرصه على العلاقة والتعاون مع جميع الأطراف.
فما هي أسس المشروع السياسي المستقبلي الذي يعمل الرئيس نجيب ميقاتي لتحقيقه؟
وما هي نقاط القوة والضغط التي يتسم بها أداء الرئيس ميقاتي؟ وهل سينجح في مشروعه؟
أُسس المشروع السياسي
بداية، ما هي الأسس التي ينطلق منها الرئيس نجيب ميقاتي في مشروعه السياسي؟
مصادر مقربة من رئيس الحكومة المكلف تقول «إن الرئيس نجيب ميقاتي بدأ العمل السياسي منذ أكثر من عشر سنوات بعد النجاحات التي حققها على الصعيد الشخصي في مشاريع الأعمال، وخصوصاً في عالم الاتصالات، وهو حرص منذ البداية على العمل بهدوء لخدمة المجتمع سواء عبر «جمعية العزم والسعادة» التي أنشأها، أو من خلال المواقع والمناصب التي تبوأها».
وتذكِّر المصادر «بأن ميقاتي تولى رئاسة الحكومة في أصعب ظرف بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري واستقالة الرئيس عمر كرامي، وقد نجح في تحقيق كل المهمات التي حددت لتلك الحكومة الانتقالية، سواء على صعيد إجراء التغييرات الإدارية والأمنية بعد استقالة القيادات الأمنية والقضائية السابقة، أو لجهة اجراء الانتخابات النيابية مع تعهده وتعهد جميع أعضاء الحكومة آنذاك بعدم الترشح للنيابة، وقد اجريت الانتخابات النيابية في أفضل الظروف».
وتضيف المصادر «ان الرئيس ميقاتي يعمل من أجل تعزيز منهج الوسطية والاعتدال على الصعيد اللبناني عامة وعلى الصعيد الإسلامي بشكل خاص، وهذا المنهج ليس جديداً على مسيرته السياسية، بل هو جزء أساسي من المشروع الذي عمل له خلال السنوات الماضية، ولذلك يسعى الرئيس ميقاتي اليوم لإعادة تصويب اتجاه الأمور بعيداً عن التجاذبات السياسية والطائفية والمذهبية، وهو يدرك حجم المخاطر والتحديات التي يواجهها، خصوصاً بعد الحملة القاسية التي تعرض لها منذ تكليفه تشكيل الحكومة، ولكنه يعمل بصمت وهدوء وهو يتواصل مع العديد من القيادات والكوادر السياسية، اضافة إلى العلاقة مع معظم القوى السياسية الإسلامية كالجماعة الإسلامية التي تطورت العلاقة معها مؤخراً بشكل إيجابي وكبير، مع ان العلاقة معها كانت جيدة أساساً».
نقاط القوة والضعف
لكن ما هي نقاط القوة والضعف في مشروع الرئيس ميقاتي وفي أداء فريق عمله السياسي والإعلامي؟
تقول مصادر دبلوماسية مطلعة «ان الرئيس نجيب ميقاتي يتمتع باحترام وتقدير كبيرين لدى معظم الجهات الدولية والعربية، وان معظم الدبلوماسيين الأجانب والعرب أو الشخصيات الأجنبية التي تلتقي بالرئيس ميقاتي، يعبرون عن ارتياحهم لأدائه ومواقفه ومقارباته لمختلف الموضوعات، وانه رغم الصعوبات والتحديات التي يواجهها فهو يحاول الوصول الى معالجات عملية ومتوازنة من خلال قاعدة «تدوير الزوايا».
وتضيف المصادر «ان حجم العلاقات الدولية والعربية للرئيس ميقاتي اضافة إلى شبكة العلاقات المرتبطة بنشاطاته المالية والاقتصادية يمكن ان تساعده كثيراً في تسهيل مهماته، رغم ان بعض الأوساط الأجنبية والداخلية تحاول الضغط على ميقاتي عبر الأبواب المصرفية والمالية».
وتقول بعض الشخصيات السياسية التي تتواصل مع فريق العمل السياسي للرئيس ميقاتي «ان رئيس الحكومة المكلف أحاط نفسه بمجموعة من الشخصيات الأكاديمية والفعاليات الاجتماعية وفريق عمل سياسي يحظى بالاهتمام والتقدير لدى معظم الأوساط السياسية، وهو يتابع كل التفاصيل والملفات بشكل دقيق، وكل ذلك يشكل نقاط ايجابية في أداء الرئيس ميقاتي وفريق عمله».
وبموازاة ذلك تتحدث الأوساط المقربة من ميقاتي عن بعض الأمور التي يمكن ان تشكل عقبات أو نقاط ضعف في وضع الرئيس ميقاتي ومشروعه السياسي ومنها:
1- الظروف السياسية التي تزامنت مع تكليفه تشكيل الحكومة واستناده الى أكثرية نيابية متنوعة ولدى جميع اطرافها طموحات ومشاريع سياسية مستقبلية ما يؤدي إلى عرقلة عمله ووضع بعض القيود على أدائه السياسي والحكومي.
2- الأجواء المذهبية التي سادت وتسود الوضع اللبناني في هذه الفترة والتي تتطلب معالجة هادئة وان كانت التطورات الداخلية والخارجية لا تساعد كثيراً في معالجة هذه الأجواء.
3- حجم المتطلبات الداخلية والخارجية من الرئيس ميقاتي وصعوبة التوفيق بين كل هذه المتطلبات على الصعيد العملي، فالرسائل الايجابية التي يرسلها الرئيس ميقاتي الى جميع الأطراف لا تكفي وحدها، بل لا بدّ من مقاربات حقيقية وعملية سواء لملف المحكمة الدولية أو سلاح حزب الله أو الأوضاع الاقتصادية أو المشاريع الاصلاحية للنظام أو كيفية مواجهة الحرب المالية التي تشن على لبنان.
4- ان الرئيس ميقاتي عمل خلال السنوات الماضية على اعطاء الأولوية لمنطقة الشمال عامة ولطرابلس على الأخص، سواء لجهة الخدمات أو فريق العمل الذي يعتمده، لكن المشروع السياسي الذي يحمله ومهماته الحالية تتطلب توسعة الاهتمام على الصعيد الوطني العام، ما يتطلب فريق عمل شاملاً ولا يقتصر دوره على منطقة دون أخرى هذه بعض النقاط التي ينبغي أخذها في الاعتبار، والرئيس ميقاتي الذي نجح سابقاً في رئاسة الحكومة في أصعب فترة في لبنان، سيكون قادراً على مواجهة التحديات المقبلة.

السابق
طورسركيسيان: لا امكانية لولادة الحكومة
التالي
حبيش: نصرالله حدد سياسة لبنان الخارجية ما أدى الى اهتزاز العلاقة اللبنانية ـ البحرينية