ما الأبقى: السلاح أم الوطن ؟

لا نريد ساحة في مقابل ساحة حتى لا يتحول لبنان ساحة. ولا نريد المزايدة في العدد، لأنه متحرك وفق الاهواء والرغبات والمغريات والضغوط الاجتماعية والاقتصادية والطائفية، وخصوصاً ضغط السلاح، وهو البالغ الاثر على سكان الاطراف، حيث اكثريات تمتلك السلاح، في مقابل اقليات تفتش عن الاستمرار بكرامة الحد الادنى.
ولكن ايضاً لا يمكننا تجاوز ساحة الحرية امس، ساحة 14 آذار 2005، ساحة الجماهير المطالبة بزوال الوصاية والاحتلال، ساحة المطالبين بدولة السيادة والحرية والاستقلال.
المشهد أمس كان قوياً. الوافدون من كل المناطق والأحياء لا ينشدون مالاً ومصالح، بل تحرِّكهم عواطفهم وايمانهم بقضيتهم، قضية لبنان اولاً. انه توق الناس الى التحرر من كل قيد، الداخلي قبل الخارجي، الشقيق قبل العدو، والاقليمي قبل الدولي، لأن الفئة الاولى، اي الداخلي والشقيق والاقليمي، اكبر اثراً واكثر ضرراً.
 جماهير 14 آذار امس كانت هادرة الصوت، كان ينقصها "التيار الوطني الحر" الذي كان فاعلاً في 2005 بمطالبته بنزع السلاح، والحزب التقدمي الاشتراكي الذي اضطر ان ينقلب على مواقفه وفق أهواء سيده.
شعب 14 آذار لبى النداء، ونزل الناس الى الساحة التي اشتاقوا اليها. رفعوا الاعلام اللبنانية، هيَّصوا وصفقوا وهتفوا للبنان الذي يحلمون به ويتوقون اليه. هؤلاء ينظرون بقلق الى ما بعد 14 آذار 2011، يتطلعون الى قادتهم عساهم لا يتراجعون، لا ينكفئون، لا يساومون، لا يهادنون، لا يفاوضون على حسابهم، وعلى حساب شهداء ثورة الارز.
أعداد الجماهير امس اكدت الانقسام اللبناني، وفي المقابل افهمَتْ من يعنيهم الامر، ان لا سلطة السلاح، ولا التهديد والوعيد، ولا الاستقواء ببعض الخارج قادرة على سحق ارادة شعب.
من هنا نقول لمن يراقب، ولمن يريد مصلحة لبنان، ولمن يدّعي ذلك ايضاً، ان الحلول لكل المشكلات والملفات العالقة والشائكة لا تُفرض بالقوة على شعب بأكمله، او على نصف شعب. وان الامور تحتاج فعلاً الى طاولة حوار افشلها المعنيون منذ مراحلها الاولى، عندما امتنعوا عن دعم تطبيق مقرراتها في شأن السلاح الفلسطيني. فكيف يمضي الحوار الى استراتيجية دفاعية فيما المرحلة الاولى، الاكثر سهولة في المبدأ، متعثرة.
قد يقول قائل: "وماذا سيفعلون لاحقاً؟ وهل ان تظاهرة تزيل السلاح؟…"، يجيبه آخر: "وماذا ستفعلون لاحقاً، وهل ان تظاهرة مقابلة او حملات اعلامية مضادة تحمي السلاح، وتصون الوحدة الوطنية، وترفع المقاومة الاسلامية الى مقام المقاومات الوطنية، ام تحاصرها اكثر فأكثر، كما هي الحال في الزاوية؟".
كلنا نعلم ان السلاح باق، لكن السؤال الصعب على الاجابة: "هل ان الوطن باق في وجود السلاح المثير للجدل وللانشقاق والانقسام؟ وما هو الأبقى والانفع، السلاح ام الوطن؟".
 

السابق
النصف ناقصاً واحداً
التالي
“الجمهورية”: بري نصح ميقاتي بالإسراع في تأليف الحكومة