من المطار إلى الضاحية: سلطة حزب الله ترحب بالحوثيين!

هل تؤدي الزيارة إلى أزمة جديدة تعرقل تشكيل الحكومة اللبنانية؟!

لم تنتهِ تداعيات زيارة الوفد الحوثي إلى الضاحية الجنوبية والتقائه بأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، فهذه الزيارة التي لم يقابلها أي تعليق لبناني رسمي حتى اللحظة، أثارت مواقف خارجية، فتساءل وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش “كيف تتفق سياسة النأي بالنفس والتي يحتاجها لبنان لتوازنه السياسي و الإقتصادي وموقعه العربي والدولي مع إستقبال حسن نصر الله لوفد من المتمردين الحوثيين؟ سؤال نتمنى من لبنان أن يتعامل معه”.

وأضاف مغرداً عبر صفحته الخاصة تويتر:

“أزمة اليمن وحربها من الأولويات التي ترتبط جوهريا بمستقبل أمن الخليج العربي وإستقراره وليست بالموضوع الثانوي لنا، وفِي هذا السياق لا يمكن للبنان أن يكون محطة لوجستية أو سياسية للحوثي وتجاهل التعامل مع الموضوع سيفاقم تداعياته”.

في المقابل علّق السفير اليمني في لبنان عبد الله الدّعيس على هذه الزيارة في تصريح إعلامي أشار فيه إلى أنّ “حزب الله لا يمارس سياسته كحزب لبناني مستقل بل ينفذ سياسة إيران”.

وفيما لا يعد هذا اللقاء الأوّل من نوعه بين حزب الله وأنصار الله (الحوثيين)، إلا أنّ اللافت أولاً هو الإعلان عنه من قبل حزب الله على عكس اللقاءات السابقة، وتوثيق بعض مجرياته، واللافت أكثر من ذلك هو الموقف الغائب للدولة اللبنانية التي نأت بنفسها عن أي تعليق.. إذ لا موقف ولا استنكار!

في سياق آخر، يأتي هذا اللقاء في ظروف ملبدة تعرقل عملية تشكيل الحكومة اللبنانية، ليبقى السؤال: ما مدى تأثير قدوم الوفد علنية على مسار التأليف؟ وعلى الموقف الخليجي عموماً والسعودي خصوصاً من الدولة اللبنانية!

الصحافي والمحلل السياسي راشد فايد يؤكد في حديث لـ”جنوبية” أنّه “بصرف النظر إن كان هذا اللقاء سيعرقل أم لا، وأنا لا أعتقد أنّه سيعرقل، ولكن سيزيد من شقة الخلافات بين اتجاهات سياسية في البلد، إذ اعتدنا أن يكون للسيد نصرالله وحزبه مواقف متناقضة يتخذون منها ما يناسب خدمة مشروعم السيلسي أو مشروع ايران السياسي، فهو مثلاً يطالب بمبايعة نظام بشار الأسد في سوريا كعربون ود مع النظام الجديد ويلح على هذا الأمر وكأنّ لبنان سيقضى عليه إن لم تتم زيارة رئيس الحكومة إلى سوريا، فيما نرى أنّ الأردن حالته مع النظام في سوريا كما حالة لبنان ولم يتجه رئيس الوزراء في الأردن أو أي مسؤول أردني إلى لقاء راس النظام السوري”.

 

وتابع فايد “هو يطلب ذلك ولكن لا يفكر يوماً بالاعتذار من المملكة العربية السعودية ومن الإمارات وبقية دول الخليج، هذه الدول التي استفزها ويستفزها باستمرار في كل خطاباته السياسية ضارباً بعرض الحائط مصالح لبنان والشعب اللبناني واللبنانيين الذين يعملون في هذه الدول، لاسيما أنّ هذه الدول قد ساهمت باستمرار في انهاض الاقتصاد اللبناني ودعم الليرة اللبنانية سواء بالقروض الميسرة أو بالهبات المالية أو بوضع أموال في المصرف المركزي بفائدة منخفضة”.

وأضاف فايد: “لا نرى في استقبال الحوثيين في بيروت سوى تأكيد لهوية حزب الله الإيرانية وانتسابه إلى مخطط إيران وما يسمى الهلال الفارسي في المنطقة، والإعلان عن هذه الزيارة بهذه الطريقة هو وجه آخر للدعوة لمصالحة النظام السوري، وللتأكيد على الانتماء الاستراتيجي للمشروع الإيراني”.

وفيما يتعلق بغياب الموقف الرسمي اللبناني، أشار الصحافي والمحلل السياسي راشد فايد في الختام إلى أنّ “اللبنانيين يمرّون بمرحلة استسلام للوقائع وعدم رغبة في مواجهتها، وأنا أعتقد أنّ رئاسة الجمهورية لن تتدخل، لاسيما وأنّ الناطق باسم الحوثيين قد يكون أتى بصفته مواطن يمني ودخل إلى المطار بطريقة عادية، مع التأكيد أنّه مع حزب الله ما من طريقة عادية، فهو يتحكم بالمطار وبالتالي لا أستبعد أن يكون قد تمّ استقباله على باب الطائرة، فالحزب لن يفوت الفرصة هذه المرة في إظهار مظاهر السطوة على سلطة الدولة”.

إقرأ أيضاً: تورط إيران وحزب الله في تدريب الميليشيات الحوثية في صعدة

في السياق نفسه أوضح الصحافي والمحلل السياسي غسان جواد عند سؤاله عن إمكانية أن ينعكس هذا اللقاء سلبياً على تشكيل الحكومة والداخل اللبناني أنّه “من المفترض أنّ كل الأطرف اللبنانية لديها علاقات إقليمية؛ وكل طرف من الأطراف السياسية اللبنانية يجيّر هذه العلاقات لمصلحة لبنان بإطار سياسة ربط النزاع القائمة والتي تقول أنّ هناك اختلاف في تشخيص القضايا والملفات الإقليمية ولكن علينا أن نتعايش سياسياً من أجل مصلحة البلد، انطلاقاً من هذا المعنى ليس من المفترض أن تؤثر هذه الزيارة سلباً على تشكيل الحكومة إلا إذا كانت السعودية تريد أن تمارس نفوذاً في لبنان على حساب الدولة اللبنانية والقول بأنّ لبنان ساحة صافية تتحكم فيها السعودية”.

وتابع جواد في حديث لـ”جنوبية”: “إذا أردنا أن نستذكر بعض الوقائع، ففي عامي 2012 و2013، تمّ استقبال ممثلين عن الجيش الحر وتحدثوا في 14 شباط في ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري، في حينها لم نعترض ولم يكن هناك رفع أصوات، وقد يكون هناك حالياً أشخاص معارضين متواجدين في لبنان دون أن نعتبر أنّ هذا الأمر يؤثر على الاستقرار اللبناني وعلى الانتظام وعلى تشكيل الحكومات وما إلى ذلك”. لافتاً إلى أنّه “إذا كان هناك من يريد عرقلة تشكيل الحكومة ومن يبحث عن ذريعة ليعرقل أكثر، فإنّه بالطبع قد يستفيد من هذه الزيارة، مع العلم أنّ موقف حزب الله من اليمن معلن ومعروف”.

وعن سبب إعلان الزيارة في هذا التوقيت بالذات، أشار جواد إلى أنّ “هذه الزيارة تأتي بعد مجزرة مدرسة ضحيان والتي انتفض لها العالم جميعه وهناك في الكونغرس الأوروبي والأمريكي والبنتاغون وحلفاء السعودية صرخة، الزيارة تأتي في هذا السياق بعد هذه المجزرة، وتأتي كذلك في إطار العلاقات الثنائية بين حركات المقاومة في المنطقة من أنصار الله إلى حزب الله. من هنا ليس لدي قناعة بأنها بتوقيت مقصود، وقد تكون حتى مقررة سلفاً”.

وأضاف عند سؤاله عن تعارض هذا اللقاء مع سياسة النأي بالنفس التي يلتزم بها لبنان: ” سياسة النأي بالنفس تعني أنّ الدولة اللبنانية تنأى عن الصراعات العربية، وحزب الله ليس الدولة اللبنانية هو حزب مشارك في الدولة، وبالتالي لا تناقض مع هذه السياسة، فالوفد لم يتلقِ أي شخصية رسمية ولا أي وزير من حزب الله حتى”.

غسان جواد

وفي تعليق على الموقف الذي أعلنه الوزير الإماراتي أنور قراقش من هذه الزيارة وانعكاساتها، قال جواد: “برأيي لو يهتم الوزير الإماراتي بشؤون الإمارات أفضل فمئات الشركات قد أغلقت في الإمارات بسبب حرب اليمن، هذه الحرب التي أثرت على الاقتصاد الإماراتي بشكل مباشر”، معتبراً أنّ :”القول بأنّ لبنان قد تحول إلى منصة معادية للمملكة غير صحيح، إذ هناك جهات سياسية تختلف مع المملكة وتمارس حقها باستضافة من تشاء في بلدها، الحزب في النهاية لم يستقبل الوفد لا في الإمارات ولا في السعودية، ولكن بالمحصلة هناك مشروع كبير قد خسر في المنطقة أي في العراق في سوريا في اليمن. وتعويض هذه الخسارة لا يكون بالاستقواء على لبنان واستضعاف الدولة اللبنانية”.

إقرأ أيضاً: زيارة الحوثيين إلى لبنان واجتماعهم بنصرالله رسالة تطيح بسلطة الدولة والنأي بالنفس

وفي الختام أكّد الصحافي والمحلل السياسي غسان جواد أنّه “عندما استقبلت السعودية مجاهدي خلق لم يسألها أحد، فكل طرف يستقبل وفق رؤيته وتحالفاته السياسية. أما فيما يتعلق بالدولة اللبنانية فإنّ أي طرف فيها لم يستقبل جهة معادياً للمملكة”.

السابق
محمد العوطة: من حملة انسانية الى تسييس مقيت…
التالي
عيد الأضحى والوحدة المفقودة بين المسلمين