الخطة الأمنية البقاعية في أول امتحان: اشكال في جرود العاقورة-اليمونة

جرود العاقورة
مع تفعيل الخطة الامنية في منطقة بعلبك- الهرمل سُجل انتشار كثيف للجيش اللبناني مع تسيير دوريات مؤللة على نطاق واسع مع تدابير امنية مشددة، الا ان الخلافات العشائرية المزمنة التي تلبس لبوسا طائفيا عادت فجأة أمس من بوابة الخلاف التاريخي حول مشاعات مشتركة بين جرود بلدتي اليمونة (الشيعية) والعاقورة (المسيحية).

وفي التفاصيل فقد حدث أمس اشكال أدى الى توتر بين اهالي بلدة اليمونة التي يقطنها آل شريف من جهة، وبلدة العاقورة المجاورة لها بسبب مشاعات مشتركة بين البلدتين حولها خلاف تاريخي منذ ثلاثينات القرن الفائت استدعى تدخّل السلطات الروحية والزمنية حينها على أرفع مستوياتها.

وبحسب رئيس بلدية العاقورة في حديث لصحيفة الجمهورية “دخل مسلحون من آل شريف من بلدة اليمونة الى أراضي جرود العاقورة مزودين اسلحة رشاشة، واعتدوا على عنصرين من شرطة البلدية كانا في دورية على متن الية مدنية تابعة للبلدية فتم تعطيلها وسلبوا الشرطيين هواتفهما الخلوية”.

“جنوبية” تواصلت مع احد اهالي اليمونة من ال شريف على اطلاع بالاشكال الذي وقع، ووقفت على تفاصيل الخلاف التاريخي الذي لم تتمكن الدولة من ايجاد حل دائم له.

اقرأ أيضاً: غياب الدولة في بعلبك الهرمل(1): الأمن في عهدة العشائر !

المصدر المحلي من بلدة اليمونة اكد لـ”جنوبية” ان “جذور المشكلة تعود الى العام 1880، حيث ساد حينها قانون الولاية للفصل بين كل من قرى المغيرة وتنورين والعاقورة وبشري، وبعد نشوب عدة خلافات بين الاهالي حول احقية الاستفادة من المشاعات الحدودية الفاصلة بين تلك القرى، شكل ما يعرف بـ “طريق الوسط” نقطة خلاف حول أحقية الملكية بين طرفي النزاع، اذ صدرت عدة قرارات عبر مراحل تاريخية مختلفة وكل طرف احتكم الى مرجعيته دون الوصول الى حل”.

واشار المصدر الى ان “ابناء العاقورة وتنورين استفادوا من الانتداب بعد هزيمة الدولة العثمانية وسارعوا الى الالتفاف على الكثير من القرارات والاحكام الصادرة حينها” مضيفا” قد صدر في العام 1936 عن اللجنة التحكيمية المشاعية برئاسة القاضي عبدو ابو خير حكما قضائيا مبرما، يقضي باحقية العاقورة بالاراضي المشاعية المختلف عليها، واعتبره اهالي اليمونة حينها مجحفا ومنحازا حتى العام 1952 حيث الغي القرار بموجب تسوية وفق شعار “لا غالب ولا مغلوب”.

صحافة

واكد المصدر ان “قرار الحكم المبرم او “القرار الفتنة” ادى الى سقوط قتلى وجرحى في الاعوام 1938 و1950 و1952 و1954 و1967، ذهب ضحيتها اكثر من 40 بريئا بين قتيل وجريح من الطرفين”.

وقال المصدر “بقي ما عرف بـ”طريق الوسط” قمم الجبال اي مقلب الماء هو الحد الطبيعي بين البلدتين” وتابع “ان الحكم المبرم الذي تتمسك به بلدية العاقورة غير واقعي ومبني على تلاعب فاضح وخطأ فادح، اذ ليس عند اهالي العاقورة ما يثبت انهم اشتروا هذه البقعة من اي جهة بل اغتصبوها بفعل القوة”.

واضاف “ظلت تحرشات بلدية العاقورة مستمرة وكأنها تريد الدفع بالوضع الى الإنفجار وتظهيره اعلامياً للإستفادة من العهد، فقامت بالامس بإيفاد دورية الى القطعة المختلف عليها والتي كان قد حرمها الجيش سابقاً على كلا الطرفين، فتصدى لهم ابناء اليمونة ومنعهوهم من اكمال مهمتهم وابلغوهم ان هذه الارض مجبولة بدماء اجدادنا ولن ندعكم تسلبونا اياها، وعلى اثرها عادت الدورية بعدما اصيبت سيارتهم ببعض الطلقات النارية”.

البيرق

رئيس بلدية العاقورة من جهته، عقد مؤتمرا صحافيا طالب خلاله “بوقف الاعتداءات الميليشياوية وبتسليم المسلحين المعتدين الى القضاء وعلى رأسهم “المحرض” رئيس بلدية اليمونة” وقال “نترك للقضاء ان يأخذ مجراه القانوني”.

اقرأ أيضاً: غياب الدولة في بعلبك الهرمل(3): معابر تهريب تهدّد الخطة الأمنية

واذ اعتبر رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ان اصل الخلاف ليس سياسيا او طائفيا بل عقاريا بحتا، دعا عضو تكتل “لبنان القوي” النائب شامل روكز، إلى “وضع حدّ للتعديات في منطقة جرود العاقورة، ابتداء من المؤسسة العسكرية ومرورًا بالمنحى القضائي” مشدّدًا على أنّ “ممنوع حدا ياخذ حقو بإيدو” والموضوع ليس طائفيًّا، بل هو تعدٍّ بكلّ ما للكلمة من معنى، ويجب وضع حدّ له إنطلاقاً من المؤسستين العسكرية والقضائية”.

وعلمت “جنوبية” ان حالة من النقمة والغضب تسود بين اهالي بلدة اليمونة وتجري التحضيرات للرد على ما اعتبروه افتراءا وتزويرا للحقائق، فيما تعمل فعاليات البلدة على امتصاص المشكلة وتهدئة الاهالي منعا لأي اشتباكات يذهب ضحيتها ابرياء مجددا.

رئيس بلدية اليمونة طلال شريف خص موقعنا باول تصريح ورد حول الوضع والتطورات الحاصلة، وفي اتصال معه قال “سنعقد مؤتمرا صحافيا يوم الجمعة المقبل عند الساعة 11 في بلدية اليمونة نوضح فيه ملابسات المشكلة التي اثارها رئيس بلدية العاقورة، معتبرا ان “ما قاله لا يمت الى اصل المشكلة بصلة بل كانت غايته اثارة النعرات الطائفية والمذهبية من جهة واشعال الفتنة من خلال التشهير بشخصي وبأهالي بلدتي ووصفهم بالميليشيات وقد وصل به الغرور الى جعل رئاسة الجمهورية ومؤسسات الدولة مسخّرة لبلدية العاقورة” وقال شريف “اتوجه الى القضاء ونحن نريد اخذ حقنا تحت سقف القضاء والقانون والدولة”.

السابق
بسبب خوفه من هزيمة منتخب بلاده: مارادونا ينفعل ويفقد وعيه
التالي
الدستور اللبناني يُفشل تهديد جميل السيّد للرئيس الحريري