شهاب ينصح عون:عليك دعوة بوتين الى خيمة!

احمد عياش

المعلومات التي توافرت حول اللقاءات التي شهدها لبنان وسويسرا في الايام الماضية على خلفية ملف النازحين السوريين تضمنت تنبيها دوليا للحكم من مغبة الاستمرار في مقاربة هذا الملف خارج سياق ما تقرر في مؤتمر بروكسل الاخير كي لا يجد نفسه أمام مأزق سيعود عليه بعواقب وخيمة .
من أبرز هذه اللقاءات ذلك الذي جمع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مع ممثلي “مجموعة الدعم الدولية للبنان”.في هذا اللقاء ،كما علمت “النهار”،برز تحذير دولي من مغبة مقاربة ملف النازحين السوريين بالطريفة التي إعتمدتها وزارة الخارجية فكان رد الرئيس عون انه” يطلب فقط ان لا يتم ربط عودة السياسي بالحل السياسي الذي ربما تأخر 30 عاما.فكان جواب ممثلي المجموعة ان هذه العودة ليست مرتبطة بالحل”، بل بما أعلنته بعد اللقاء المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان برنيل دالر كارديل من تأكيد على “الطبيعة الموقتة لوجود النازحين السوريين في لبنان.
ما رافق ولا يزال ملف النازحين السوريين من جدل يبدو متواضعا قياسا على مجموعة الملفات التي تصدّرت واجهة الاهتمام في الاونة الاخيرة .فقبل ملف النازحين إنشغل لبنان بملف التجنيس ثم أنشغل بعده بما اوردته صحيفة “واشنطن تايمز” حول مطار رفيق الحريري الدولي وتحويله الى “قاعدة لعميات النظام الايراني”! وفي رأي المراقبين ان الخيط الذي يصل بين هذه الملفات وفي قلبها الفساد هو ان الدولة في لبنان ليست موجودة .فأي مصير ينتظره هذا البلد في مرحلة بالغة الدقة في المنطقة؟
تقفز الى الواجهة تجربة الرئيس الراحل فؤاد شهاب الذي يعود اليها الباحثون عن بارقة أمل في الزمن اللبناني الراهن.وفي حوار ل”النهار” مع رئيس مؤسسة فؤاد شهاب الوزير السابق شارل رزق تتسارع الاسئلة حول ما يمكن إستخلاصه من تجربة عاشها لبنان بين عاميّ 1958 و1964.

إقرأ أيضاً: الحريري يبدأ مشاورات تأليف الحكومة..وصراع عوني – قواتي حول الحقائب

يقول رزق:”لبنان خاضع لقوى إقليمية التي هي تتغير أيضا .فسوريا بالنسبة لإيران اليوم مثلما كان لبنان بالنسبة لسوريا أيام الرئيس حافظ الاسد.حتى أن إيران تحسب حاليا حساب روسيا ما جعل هناك مزاحمة بين القوة الروسية والقوة الايرانية في سوريا وهذه معطى جديد .هذا يعني أن إيران ليست القوة الوحيدة في سوريا وهو ما يطلق شيئا من المرونة إذا ما عرف لبنان أن يستفيد منها “.
أضاف :”مشكلتنا في لبنان الان، ان الدولة ليست هي الدولة.ففي لبنان قوة محلية تسيطر على كل مرافق الدولة !”
يروي رزق :”قبل فترة قصيرة كنت عند سيدنا البطريرك الماروني(مار بشارة بطرس الراعي )فطرحت امامه كلمة بالفرنسية تعني بالعربية إعادة تأهيل فقال لي لماذا لا تترجم الكلمة الى “التأوين” .لم أفهم الكلمة في المرة الاولى فأوضح غبطته بأنها تعني “جعلها من الان ” فأدركت انها الترجمة الصحيحة للكلمة الفرنسية.إذا,فلنسع اليوم الى “تأوين” التجربة الشهابية الفريدة من نوعها حيث كان معها لبنان دولة نستمتع بها ونفخر بها وأمتدت بين عاميّ 1958 و1964 وكان هذا الرجل على رأس الدولة.”
يشير رزق الى ان اول خطوة قام بها شهاب عندما تولى الحكم 1958عام هو إختراع فكرة الخيمة على الحدود بين لبنان وسوريا ليتم اللقاء بينه وبين الرئيس المصري جمال عبد الناصر.وقتذاك كان نصف اللبنانيين يريد ان يأتي عبد الناصر الى لبنان كي يحتفلوا به أو أن يذهب شهاب الى القاهرة أما النصف الثاني من اللبنانيين فكان لسان حاله يقول :الله يساعدكم إذا أتى عبد الناصر الى لبنان أو إذا ذهب شهاب الى القاهرة فإخترع شهاب الاجتماع على الحدود وتم ذلك في إتصال مباشر بين شهاب وبين عبد الناصر عن طريق شخصية لبنانية .وعندما عرضت الفكرة على عبد الناصر تلقفها وفرح بها كثيرا .وقد تم الاتصال بالرئيس المصري عبر أحد الضباط الاحرار عبد المحسن أبو النور وهو من رفاق عبد الناصر .إذا,وحّد شهاب اللبنانيين على مبادرة فريدة .هذا هو الذكاء ونحن بحاجة الى هذا النوع من الافكار الشجاعة .في ذلك الوقت كان الوضع صعبا جدا ولبنان كان خارجا لتوه من حرب أهلية .قد لا تكون تلك الحرب على مستوى ما عشناه لاحقا، لكن كل شيء نسبي. ونحن ما زلنا بحاجة الى عبقرية تبتكر حلولا بسيطة مثل خيمة الحدود ، على ان يرافقها إلاقدام “.

إقرأ أيضاً: مرسوم التجنيس برسم اعادة النظر.. وعون يحتكم للأمن العام

لبنان بلا دولة لكنه ليس بلا أفكار.هذا ما يطرحه رئيس مؤسسة فؤاد شهاب لجهة العودة الى روح مرحلة مهمة في تاريخ لبنان.وإذا ما نظر المرء من حوله لوجد ان خيمة الحدود عام 1958ما زالت قائمة إذا ما أراد الرئيس عون ان يعود اليها.في ذلك الزمن تطلع شهاب الى عبد الناصر فما يمنع عون اليوم من التطلع الى الرئيس فلاديمير بوتين الذي يمسك بأوراق القوة في سوريا؟ لا فرق عندئذ ان تكون الخيمة في جديدة يابوس او في موسكو.فما يهم هو النتيجة.

السابق
الشيخ حسن مشيمش: هل يستطيع حزب الله فعلاً مكافحة الفساد؟
التالي
بعد الانسحاب.. ما العمل؟