نصرالله يحتمي بالدولة اللبنانية ويطلب منها مواجهة العقوبات الأمريكية

نصرالله المتساهل دائماً بموضوع العقوبات، اعتمد في خطابه الأخير لهجة مختلفة، واضعاً المتضررين برسم الحكومة اللبنانية!

لم يعد موضوع لوائح الإرهاب نكتة ساخرة بالنسبة لأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، حيث خصص لهذا الملف وما حمله من تطورات حصة الأسد من خطابه يوم أمس في مناسبة عيد المقاومة والتحرير.
فنصرالله الذي أكّد في كلمته أنّ موضوع العقوبات الأمريكية والخليجية في الجزء المتعلق حصراً بقيادات حزب الله وبإدراجه هو شخصياً على قوائم الإرهاب لا انعكاسات مالية له لكونهم لا يملكون في الأساس أيّ أموال في المصارف أو أي معاملات مع البنوك، لفت بالتالي إلى أنّ تداعيات هذه القرارات بالنسبة إليهم كقادة هي نفسية ومعنوية، وأنّها تؤدي أيضاً إلى حرمان بعض الإخوان من أداء مناسك الحج.
أما الجديد فيما قاله أمين عام حزب الله فهو ليس في هذا الشق المتعلق به وبإخوانه، وإنّما في شق آخر وصفه نصرالله “بالمؤذي”، وقصد فيه العقوبات التي فرضت على أشخاص وشركات ومصانع وكيانات وجمعيات ذات نشاط تجاري يُلزمها بالتعامل مع المصارف وبالسفر، وبالقيام بعمليات التبادل المالي.
وفيما دعا نصرالله إلى عدم الاستخفاف في هذا الجزء من العقوبات، طالب الدولة اللبنانية والحكومة بتحمل المسؤولية وحماية هؤلاء سواء أكانوا أشخاصاً أم شركات أم كيانات، كما طالب أيضاً بعض الأطراف في لبنان ألا يكونوا في موضوع العقوبات أمريكيين أكثر من الأمريكي.
هذا وشدد أمين عام حزب الله، أنّ هناك أسماء قد شملتها العقوبات لا علاقة لها لا بحزب الله ولا بالمقاومة، وهناك أسماء أخرى تهمتها الوحيدة هي كفالة أيتام الشهداء أو مساعدة المهجرين!

هذا الخطاب الذي حمّل فيه أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله الحكومة اللبنانية المسؤولية، يعيدنا للعبثية التي اعتمدها الحزب في السنوات الأخيرة وبتجاوزه الدائم للدولة ولسيادتها، ولتفرده في قرار السلم والحرب والانخراط في نشاطات خارجية وفي حروب إقليمية، فهل على الحكومة اليوم أن تغطي انتهاكات حزب الله؟ وهل من مسؤولية الدولة اللبنانية أن تصلح ما أفسده الحزب!

“يا ليته لو تذكر الدولة اللبنانية، حينما خاض الحروب التي خاضها، وما جنت أياديه في الخارج من الكويت إلى بورغاس في بلغاريا”، بهذه الكلمات بدأ عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل الصحافي والمحلل السياسي راشد فايد تعليقه على خطاب أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله.

فايد الذي رأى في حديث لـ”جنوبية” أنّ “الخطاب أولاً يوحي بعقلانية وهدوء لم تتحلَّ بهما أغلب خطب السيد نصرالله السابقة، فهو يحاول أن يحوّل أزمة الحزب مع أمريكا وغيرها إلى أزمة بين لبنان والدول المعنية، وهذا ما يفسر تساهله المعلن تجاه تشكيل الحكومة المقبلة“، لفت بالتالي إلى أنّه “يبدو واضحاً أنّ الأمور لا تسير في الاتجاه الذي كان يدعو إليه أي الادعاء بتفوق جماعة إيران في المنطقة ولذا سادت خطاباته الأخيرة لهجة هادئة ومعتدلة إلى حد ما، ومن الواضح أنّه يحاول مصالحة الداخل كي يتمكن من وضعه في مواجهة ما ستأتي به العقوبات الأمريكية والسعودية والخليجية لاحقاً، وأن يتحصن بالموقف الوطني الذي لم يشهده لبنان في السابق أي البحث عن إجماع داخلي”.
وأشار فايد إلى أنّ ” السيد نصرالله يفترض الآن أن الإجماع آتٍ لا محالة وتالياً يطرح الموضوع على اللبنانيين ككل وهو الذي تجاهل مصالح اللبنانيين حين فتح معركة ضد دول الخليج لاسيما المملكة العربية السعودية، وحين أيضاً امتدت يد حزب الله إلى خارج لبنان سواء إلى الحرب في سوريا أو الدعم القتالي في العراق أو ما نسب إليه من أعمال إرهابية سواء في بلغاريا في بورغاس أو خلية العبدلي في الكويت”.

 

بعد كل ما سبق ما هو الموقف الذي ستأخذه الحكومة اللبنانية؟ يرى فايد أنّ “الحكومة اللبنانية بالتأكيد ستحاول التضامن مع مصالح الشعب اللبناني ولكن هذا التضامن لا ينفي مسؤولية حزب الله عمّا وصلت إليه الأمور، وليس بالضرورة أن يكون هناك إجماع في الحكومة يدعم موقف حزب الله، ولكن سيكون هناك بالتأكيد سعي إلى التخفيف عن الأضرار التي ستنجم عن العقوبات التي تشمل حزب الله وسترتد جزئياً على اللبنانيين جميعاً”.

ليختم المحلل السياسي والصحافي بالقول “العجيب أنّ السيد نصرالله لم يستشر اللبنانيين يوم كبّر دوره في المنطقة، والآن يدعو اللبنانيين إلى حمايته من نتائج أعماله”.

إقرأ أيضاً: ماذا بعد استهداف نصرالله والجناح السياسي لـ«حزب الله» بالعقوبات الاميركية؟

في المقابل أكّد عضو الأمانة العامة لقوى “14 آذار” الصحافي نوفل ضو أنّ “على الدولة اللبنانية أن تتحمل المسؤولية في هذا الموضوع لأنّها هي التي سمحت أن تصل الأمور إلى هذا المنحى، فالدولة اللبنانية عندما تتخذ قراراً بالنأي بالنفس، وعندما تتخذ قراراً ببسط سلطتها على أراضيها وتطبق هذه القرارات، بطبيعة الحل لن يعود هناك عقوبات لا على لبنان وعلى هؤلاء هذه الناس”.

وأضاف ضو في حديث لـ”جنوبية”، أنّه “إذا أخذنا الجانب الشكلي من كلام السيد نصرالله، فإنّ المضمون الحقيقي له هو أن تتخذ الدولة اللبنانية قرارتها الصارمة بحق كل إنسان يخالف القوانين المحلية والدولية، والدولة حينما تطبق القانون وتفرض القصاص بحق المخالفين، هي لا تؤذيهم وإنّما تحميهم وتدافع عنهم، وبالتالي اليوم الدولة اللبنانية إذا كانت صارمة فعلياً في تطبيق القانون فإنّها ستنقذ حزب الله وستنقذ الناس الذين شملتهم العقوبات، كما ستنقذ الشعب اللبناني بأكمله وموقعها في المجتمع العربي والمجتمع الدولي”.

وفيما يتعلق باللهجة الجديدة التي اعتمدها السيد نصرالله أمس في حديثه عن موضوع العقوبات، أشار ضو إلى أنّ “موضوع العقوبات وما ترتب عليها كان متوقعاً، وحينما كنا نحذر من هذا الموضوع كان يقال لنا أننا نهول وأننا أيتام السبهان وأولاد الامبرالية وأمريكا وعملاء اسرائيل وإلى ما هنالك”.
وأضاف “نحن لم نستطع أن نقنع حزب الله بهذه التداعيات، فحزب الله أخذ القرار السياسي وخطف القرار السياسي للدولة اللبنانية، وتحدث باسم كل اللبنانيين رغماً عنهم وقام بما قام به في سوريا وكل دول العالم. واليوم حزب الله يتعرض لعقوبات والشعب اللبناني ككل مهدد بأن تفرض عليه عقوبات نتيجة ما يقوم به حزب الله”.

وشدد ضو أنّ وصول الأمور إلى هذا المنحى يتحمل مسؤوليته حزب الله، وأنّ “رمي الكرة في ملعب الدولة اللبنانية قد يكون صحيحاً والمخرج بالفعل لن يكون إلا بالدولة اللبنانية، شرط أن يكون السيد حسن نصرالله فعلاً مستعداً لتسليم القرار السياسي والعسكري والأمني الداخلي والخارجي للمؤسسات الدستورية اللبنانية، وفي حال لم يقم بحزب الله ذلك فهذا يعني أنّ لبنان يتجه إلى مأزق كبير”.

نوفل ضو

 

ليردف في هذا السياق “ليس هناك من اقتصاد شيعي واقتصاد مسيحي واقتصاد درزي، وحدة الاقتصاد عملية غير قابلة للاجتزاء فالاقتصاد اللبناني مترابط ومتماسك كما المجتمع اللبناني كما الجغرافيا اللبنانية كما السياسة اللبنانية كما كل هذه القضايا. لذلك نحن نقول اليوم أنّ لبنان هو الذي يتعرض للعقوبات، فصحيح أنّ العقوبات موجهة لحزب الله ولكن في حال تأذى أي طرف من المكون الشيعي فإنّ الاقتصاد اللبناني كله سوف يتأذى”.

إقرأ أيضاً: حزب الله سيجابه العقوبات باقتحام «الحكومة» ونَيل حقائب سيادية!

وفي الختام أكّد الصحافي نوفل ضو أنّه “لا أحد سيحمي حزب الله لا المظلة الإيرانية ولا المظلة السورية ولا المظلة الروسية، لا أحد يحمي حزب الله إلا القرار السياسي السيادي للدولة اللبنانية”.

السابق
بو صعب: كان أفضل لو صام الشاطر عن الكلام
التالي
جميل السيد لـ«جعجع»: نزِّل سعرك!