سمير قصير احضرْ فوراً

أقف تحت بهاء زيتونتك المبرعمة، في فرن الحايك، في الأشرفية، على مقربةٍ من الزاوية المطلّة على مدرسة زهرة الإحسان. هناك أنتظركَ، يا سمير. أعرف أنكَ لن تأتي، لكني أنتظر منكَ، “شيئاً ما”، يقول بعتابٍ، وبتأنيبٍ، وبتقريعٍ عظيم، يقول لهؤلاء الناس، لهؤلاء الناخبات والناخبين، إنه من المعيب والمخجل والمهين أن يكون الموقف الذي سيتخذونه في هذه الانتخابات، أياً يكن هذا الموقف، مساهماً، بطريقة مباشرة أو بطريقة غير مباشرة، في إعادة التجديد للطبقة السياسية التي أفسدت لبنان، وشوّهت معناه، وجعلته وكراً للعار والانحطاط والعربدة والإفلاس الأخلاقي والاقتصادي والسياسي وللمتاجرة برقيق العقل والروح، وسلّمت هذا اللبنان إلى الوصايات على أنواعها ومراتبها وأجناسها، وخصوصاً الإيرانية السورية منها (ولا أستثني البتة السعودية والخليجية والأميركية والغربية وسواها)، من أجل أن يكون لبنان هذا، وشعبه، و”نوّابه”، و”ممثّلو أمّته”، محض أحجار دومينو في هذه اللعبة الجهنمية الرخيصة.

إقرأ أيضاً: بقلم سمير قصير

هل “رأيُنا العامّ بغلٌ” عن جدّ (سعيد تقي الدين)، وهل شعبُنا مريضٌ بالنسيان، ورخيصٌ حقاً إلى هذه الدرجة، يا سمير، لكي ينتخب بالرشوة، أو بالعاطفة، أو بالغريزة، أو بردّ الفعل، أو بالعصبية الطائفية والمذهبية والعنصرية والحربية، ولكيّ يغضّ عن هذه الدعارة المخيفة، ويقبل بتحالفات أهل التغيير والإصلاح مع الجماعات الإسلامية (الأخوان)، أو مع جماعات “إبرائه المستحيل”؟

أإلى هذا الحد، بلغ بشعبنا الانحطاط، لكي يقبل، من جهة ثانية، بتحالفات “السياديين” مع أهل المال والتخلّف السياسي والمجتمعي، ضدّ ناس شرفاء أحرار، متمردين وأصحاب كرامة وكِبَر وسيادة؟!

إذا كان إلى هذا الحد، يجب، من جهة ثالثة، أن يتألّب الجميع، جميع هؤلاء المنافقين، من أجل معس شعلة الاعتراض والتمرد والتغيير، أفيجب إلى هذا الحد أن نكتف الأيدي؟

ثمّة “رفاق” لنا، مناضلون ومكافحون، سيمتنعون عن التصويت، أو سيقترعون بورقة بيضاء. أراني متهيّباً أمام حجتهم أن بعض حاملي هذه الشعلة المدنية العلمانية منضوون واقعياً في لوائح مع أناسٍ ينقص بعضهم نقاء الالتزام السيادي ووعي ثقافة السياسة، ولا يزال بعضهم الآخر في أول عهود نضاله “المراهِقة”!

إقرأ أيضاً: سمير قصير في ذكرى اغتياله: أين اصبح التحقيق؟!

أقف تحت بهاء زيتونتكَ المبرعمة، وأناديكَ، لأجالسكَ حول كأس نبيذٍ افتراضية، قبل الانتخابات، فتكون على بيّنةٍ من هذه المجزرة “الديموقراطية” المكشوفة. لن أهمس في روحكَ، ولا كلمة، ولا حتى نظرة. لن أوحي إليكَ بشيء، بإسم، أو بلائحة. سأقول لكَ، وبحبر المنبر الذي كنتَ تكتب فيه، إن مرشّحاتٍ ومرشّحين لنا، “من لحمكَ ودمكَ”، يتعرّضون للمحق والسحق على يد تحالف الفساد والمال والعنصرية والمذهبية، وهو ربيب تحالف التغيير والإصلاح والسيادة والظلام والتخلف والترهيب.

سمير قصير، إحضرْ فوراً، وفي يدكَ “ملحق النهار”.

السابق
قصة لم تنته في بيروت بعد  مصافحة ظريف الحريري في بروكسل؟
التالي
ظريف: نتنياهو هو «صبي» لا يستطيع التوقف عن الكذب