باسيل ووليد المعلم يفجّران الحكومة؟

منير الربيع

عاش لبنان شبه عزلة دولية في الجمعية العامة للأمم المتحدة. فلم تعقد لقاءات رسمية موسعة لرئيس الجمهورية ميشال عون والوفد المرافق، واقتصرت لقاءاته على عدد قليل من الرؤساء، بالإضافة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غويتيرس. والأمر نفسه انسحب إلى وزير الخارجية جبران باسيل، الذي لم يلتق نظراءه، لاسيما في الدول الكبرى والمؤثرة، فيما توج لقاءاته باجتماع عقده مع وزير الخارجية السورية وليد المعلم.

بمجرّد أن قرر عون عدم حضور حفل الاستقبال الذي نظمه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، كان واضحاً أن الأمور ليست على ما يرام بالنسبة إلى الوفد اللبناني، الذي لديه حسابات متعددة، يريد من خلالها السير بين النقاط، لتجنّب أي ارتدادات سلبية للقاءاته على حلفائه في لبنان. ولا شك في أن الاستعاضة عن هذا الغياب، كانت تتركز من جانب الوفد الرسمي والإعلامي، على إثارة مواضيع، وصف عون بأنه الأجرأ في اتخاذها، وبأنه الوحيد الذي تجرّأ على قول “لا” للولايات المتحدة الأميركية، وفي أهم محفل دولي.

بدأ الردّ على العزلة التي عاشها لبنان بحملة إعلامية مضادة، سلّطت الضوء على مسألة توطين اللاجئين السوريين، ونسبها إلى خطاب ترامب، فيما الأخير لم يذكر موضوع التوطين في أي فقرة من فقرات خطابه، إنما قال “يجب تقديم المساعدات لهم إلى حين توفير الظروف الملائمة لإعادتهم إلى بلادهم”. لكن، الوفد اللبناني ارتأى أن يردّ على تصريح غير موجود، واعتبر أن ترامب يريد توطين اللاجئين في لبنان، وبدأ لبنان الرسمي بحملة مضادة. أثار هذا التعاطي اللبناني مع القضية، استغرابات دولية عديدة، حتى سجّل كثير من الديبلوماسيين أسئلة عن خلفية لجوء الوفد اللبناني إلى هذا التجييش، بشأن أمر لم يكن موجوداً. فيما هناك من يعتبر أن إثارة هذا الموضوع، كانت تهدف إلى إشاحة النظر عن مضمون كلام ترامب بشأن حزب الله وإيران، ووصفهما بالإرهاب، وتوعّده بالردّ عليهما ومواجهة تنامي نفوذهما. كما يهدف إلى إشاحة النظر عن عدم حصول لقاءات رسمية للوفد اللبناني.

في المقابل، كان هناك من يعتبر في لبنان أن الوفد الرسمي، وبالتشارك مع حزب الله، عملا على إثارة هذا الموضوع، لهدف واحد وأساسي هو إعادة تطبيع العلاقات مع النظام السوري، والتنسيق بهدف إعادة اللاجئين إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام. وهذا ما أعلنه صراحة عون في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. وما كرّسه باسيل خلال لقائه بوزير الخارجية السورية وليد المعلم، الذي أراد إيصال رسالة أساسية إلى الجميع، بأن لبنان ماض في التنسيق والتطبيع مع سوريا. لكن اللافت هذه المرّة، هو أنه خلال زيارة عدد من الوزراء إلى سوريا في الأسابيع الماضية، كان من المفترض أن يزور الشام أيضاً وزير الإقتصاد رائد خوري. لكنه، عاد وألغى زيارته حينها، لعدم التسبب بأي إحراج لرئيس الحكومة سعد الحريري، إلا أن لقاء باسيل بالمعلم يشكّل ضربة معنوية للحكومة ورئيسها الذي يرفض التنسيق مع النظام في سوريا.

ولا شك في أن هذا اللقاء يطرح العديد من التساؤلات. أولاً إذا كان باسيل أراد الردّ على العزلة الدولية، بلقائه وزير خارجية النظام المعزول. وثانياً، إذا أراد باسيل الرد على الحديث عن عدم التنسيق مع النظام السوري، بعقده لقاء مع رأس ديبلوماسيته، بهدف التنسيق لإعادة اللاجئين. لكن، أياً تكن الأسباب لا شك في أن هذا سيؤدي إلى مزيد من شدّ الحبال والتوتر السياسي في لبنان في المرحلة المقبلة، إذا كانت مواقف المعارضة للتطبيع مع النظام السوري جديّة. بالتالي، فإن مواقف هؤلاء الوزراء تمثّل عصياناً حكومياً، يخرج عن مبدأ النأي بالنفس والتوافق الحكومي، ويعني أن الضغط سيستمر لإعادة لبنان إلى حضن الأسد.

ولا ينفصل لقاء باسيل- المعلّم، عن الدفع المعنوي والسياسي الذي أعطاه عون لهذا المحور، في كلامه عن حزب الله، حين اعتبر أنه لا يمكننا الطلب من حزب الله التخلي عن سلاحه طالما أن اسرائيل تستفز لبنان، وأي حل لمسألة سلاحه يجب أن يأتي ضمن اطار حل شامل لأزمات المنطقة. وكان المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية قد أصدر بياناً، الجمعة في 22 أيلول، قال فيه إن “الحديث المنسوب إلى الرئيس عون في موقع المونيتور تضمن مواقف غير دقيقة وبعضها جاء خارج سياق العرض”.

السابق
الدمع حين يكون رخيصاً
التالي
الرئيس ميشال عون يدافع بقوة عن حق حزب الله بالتسلح!