قطب مخفية في ملف العسكريين: انشقاق سنّة الجيش ورضوخ لخطوط حزب الله الحمراء

هل ستتمكن اللجنة الدستورية التي دعا إليها الرئيس ميشال عون من تحديد المسؤوليات في قضية العسكريين؟ وما هي الآليات التي ستعتمدها في تحقيقاتها؟ وهل سيشمل التحقيق إضافة إلى المسؤولية الجنائية الجانب السياسي أيضًا؟

على الرغم من طي لبنان صفحة الإرهاب بتحريره حدوده الشمالية – الشرقية من مسلحي داعش، كانت فرحة اللبنانيين بانتصار الجيش، تشوبها غصة معاناة وآلام وحزن عائلات العسكريين المخطوفين الذين قتلوا غدراً على أيدي الإرهابيين.
فقد أثار إنتهاء عملية “فجر الجرود” موجة غضب عارمة وذلك مع إعلان اللواء عباس إبراهيم طي الملف بنهاية سوداء.

اقرأ أيضاً: بيان حزب الله الانساني وصراع مرحلة ما بعد داعش في سوريا

وقد رافق ذلك حملات إتهامات واسعة، إذ حُمّلت الحكومة اللبنانية آنذاك بشخص الرئيس تمام سلام وقائد الجيش اللبناني السابق جان قهوجي مسوؤلية عدم اتخاذ قرار الحسم في معركة عرسال في 2014 وبالتالي تحرير العسكريين. كما طالب الأمين العام لـ”حزب الله السيد حسن نصرالله في خطاب “التحرير الثاني” بتحديد الجهات السياسية والعسكرية التي تقع عليها المسؤولية في هذ الملف.

هذا الجوّ دفع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قبل يومين، الطلب من السلطات المختصة، “إجراء التحقيقات الضرورية واللازمة، لتحديد المسؤوليات في قضية العسكريين. مؤكدا أنه لن يكون هناك “تمييع” وأن التحقيق سيترجم هذا الطلب بشكل عملي في الأيام القليلة المقبلة.

وفي هذا السياق، تحدث موقع “جنوبية” مع المحامي القانوني والدستوري أنطوان سعد الذي شرح آلية عمل اللجان السرية قائلا إنه “بشكل عام لا يمكن أن يكون هناك لجنة تعمل إلا وفقاً لأصول المحاكمات الجزائية من حيث العمل القضائي. أما من حيث المسؤولية السياسية فليس هناك مسؤولية سياسية إلا تلك المنصوص عليها في الدستور حيث تتم محاسبة الوزراء أو رئيسي الجمهورية والحكومة أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء كما أن النائب في حال كان لديه مسؤولية ترفع حصانته ويلاحق أيضا أمام القضاء الجزائي”.

المحامي انطوان سعد

وأضاف “ما سوى ذلك قد يعرّض التحقيقات للإبطال لأنها ربما قد تحصل في صيغة سرية، أو لأنها ليست ذات صفة قانونية”. مشيرا إلى أن اللجنة السرية “يجب أن يكون منشئها أمثال مدعين عامين أو قضاة تحقيق لكن لا يمكن ولوج قاضي تحقيق إلى ملف ما لم يتم الإدعاء من قبل النيابة العامة على أن يتواجد في اللجنة قضاة من النيابة العامة”.

اقرأ أيضاً: الدماء التي تُراق ليست من أجل الشعارات: ليتحمل «حزب الله» المسؤولية!

وأوضح سعد أنه “بحكم مشاركته وإعطاء إستشاراته مع بعض المسؤولين في تلك المرحلة أن المسؤولية لا يمكن أن تَأخذ بالوجهة السياسية بل فقط من قبل الوجهة القضائية. وقضائيا آنذاك حُمّلت المسؤوليات لبعض الأفراد اللذين تمت بحقهم ملاحقات تأديبية وتسريح من الجيش اللبناني للمسؤولين عن الذي حدث في الماضي”. لافتا إلى أنّه وبحسب معلوماته السياسية والتي تحفّظ عن ذكرها “لم يتم التوسّع أكثر من ذلك بالتحقيق في الجانب السياسي لأننا كنا أمام إحتمال إنقسام الجيش اللبناني”.
ورأى سعد أن “ما تقوم به السلطة السياسية اليوم هو فقط للحفاظ على ماء الوجه وليس أكثر، لأنّ المسؤولية كانت واضحة آنذاك فمجلس الوزراء لم يكلّف الجيش وكان هناك عدّة تفاصيل بقيت سرية كان هدفها الحفاظ على وحدة الجيش”.
مشيرا إلى أنه “كان هناك أيضا بعض المواقف السياسية، كرفض حزب الله فكما كان رافضا الدخول إلى نهر البارد واضعا عليه خط أحمر كذلك كان رافضا التفاوض مع داعش لإعطائهم بعض الموقوفين في سجن رومية مقابل العسكريين المخطوفين هذا من حيث السياسة، إضافة إلى أن مجلس الوزراء كان عاجزا عن إتخاذ قرار الحرب بسبب بروز بعض البوادر التي أظهرت إحتمال إنشقاق الجيش سيما أن عرسال تأخذ طابع سني، بعدما أثير آنذاك ضرورة الهجوم على عرسال بسبب إحتوائها لأفراد من تنظيم داعش وهو ما أثار آنذاك نعرات طائفية كانت ممكن أن تتطور لولا اتخاذ الجيش بعض التدابير لضبط الوضع”.

وفي الختام، تمنّى سعد والذي سيمثل كوكيل لأحد كبار المسؤولين في تلك المرحلة والذي يعلم كل هذه التفاصيل، أن تنكشف كل المعلومات للرأي العام، مشيراً إلى أن “هناك معلومات سرية إذا إستدعت التحقيقات كشفها ستنكشف لوضع كل فرد أمام مسؤوليته”.

السابق
قنبلة هيدروجينية أقوى 20 مرة من النووية.. كيم يهدد وترامب سوف يرد بالمثل!
التالي
من الوزاني إلى الزهراني «ما في ولا لمبة»