عون راجع .. عون رجع .. عون رئيس .. من التالي؟

لقد أثبت جميع سياسيي لبنان أن سياستهم لا أخلاق لها ولا دين، إلا اللهم دين وأخلاق هوى النفس الراغبة بالسيطرة على الغير وإلغاءه.

في الضاحية الجنوبية وفي أحد مواقعها، بقيت ليلة 13 تشرين الأول سنة 1990 مستيقظا حتى الفجر أتابع عبر الجهاز تطورات الحشد العسكري السوري واللبناني لإسقاط حالة ميشال عون في المنطقة الشرقية، حيث كانت العدائية مستعرة بين حزب الله وميشال عون الذي كنا نتبادل معه القصف المدفعي من مواقعنا في الضاحية الجنوبية لبيروت ونحاول إسكات مدفعيته التي كانت تمطر الضاحية بآلاف القذائف التي أزهقت أرواحا ودمرت الكثير من بيوتنا البائسة أصلا !!

كنت وقتها منتسبا لوحدة الإسناد الناري في حزب الله، والتي تشمل أقسام المدفعية والصواريخ وغيرها من الأسلحة الثقيلة .
في تلك الليلة كنت أتابع الحشد العسكري من خطوط تماس الضاحية مع قوات عون، حيث أرادت قوات إيلي حبيقة أن تدخل الضاحية بمدرعات للمشاركة في الهجوم المتوقع في اليوم التالي ضد تمرد عون . حيث وقع حينها جدل داخل قيادة الحزب حول السماح لقوات حبيقة بدخول الضاحية أو لا، وما لبثت القيادة أن اتخذت القرار بالسماح لها بذلك .

إقرأ ايضاً: برّي أو سيف حزب الله المُسلَط على عون في بعبدا

صليت الفجر وتوجهت للنوم . بعد قليل أيقظني أحد الإخوة على عجل ليخبرني أن الطائرات السورية بدأت بقصف القصر الجمهوري . أنهت الطائرات غارتيها، وبدأ القصف المدفعي الشامل والكثيف من الضاحية وكل المناطق المحيطة بالمنطقة الشرقية ضد مراكز عون في الشرقية . دخلت قوات حزب الله من خطوط التماس في الضاحية باتجاه المنطقة الشرقية بعدما قمنا بنزع الألغام التي زرعتها الفصائل العسكرية التي تناوبت على حكم المحاور بين المنطقتين منذ بداية الحرب الأهلية . وما هي إلا ساعة حتى أعلن عون من السفارة الفرنسية قراره بالإستسلام، فيما رد اللواء عصام أبو جمرة بأنه مستمر بالقتال، إلا أنه بعد قليل عاد هو واللواء إدغارد معلوف وخضعا للتسوية الإقليمية والدولية القاضية بإنهاء الحرب اللبنانية وسلما المنطقة الشرقية لمحرريها .

كنا نتخفى في تحركاتنا العسكرية في الضاحية حذرا من أن ترصدنا قوات عون فتستهدفنا برمايات المدفعية التي استخدمت فيها ولأول مرة مدفعية 240 ملم التي أدخلها ميشال عون في الحرب الأهلية، والتي كانت تؤدي القذيفة منها إلى انهيار جانب كامل من مبنى مؤلف من سبعة طوابق .

إقرأ أيضاً: الطبع يغلب التطبّع.. ميشال عون مثالا

اليوم وبعد أن قاتلت قيادة حزب الله للإتيان بعون لرئاسة الجمهورية، ضاربة عرض الحائط كل تاريخنا السياسي والعسكري والتعبوي، فإنني أتساءل عن حجتها في رفضها لوصول سمير جعجع أو حتى ضباط ميليشيا انطوان لحد الذين فروا لحظة تحرير الجنوب إلى فلسطين المحتلة . أتساءل إذا ما كانت المصلحة السياسية التي تقتضي أن نؤاخي ميشال عون وإغضاب الأخ الشيعي الرافض له، لا تقتضي أن ننهي النزاعات الداخلية دفعة واحدة ونطالب بسمير جعجع أو أمين الجميل او دوري شمعون رئيسا للجمهورية بعد ميشال عون أو حتى قبله، أو أن نقاتل يوما لعودة ضباط أنطوان لحد من إسرائيل وتسليمهم رئاسة الجمهورية وباقي مؤسسات الدولة ؟!!

السابق
جعجع من بيت الوسط: أحيي شجاعة الحريري وهو مرشحنا للحكومة
التالي
نائب المردة: الجلسة لن تنعقد وحزب الله ليس متحمساً