ميزان السيد.. فحسب!

لا يبدو السيد حسن نصرالله شديد الانزعاج فعلا من الذين يتهمونه بتعطيل انتخاب رئيس الجمهورية وحتى بتعقيد انتخاب حليفه العماد ميشال عون ، بل لعله يدرك في قرارة نفسه بان كثرا من مهاجميه لن ينزعجوا منه ضمنا لإجهاض الفرصة الاخيرة لانتخاب العماد عون. والحال ان “المسار الإيجابي” الذي اعترف به السيد نصرالله صار بعد خطابيه في ذكرى عاشوراء في الموقع الأبعد بكثير من طريق قصر بعبدا الذي سيعتصم عنده أنصار الجنرال الاحد المقبل قبل الموعد الافتراضي لحسم مصير فرصة انتخابه.

خرجت حسابات المسار الرئاسي بالكامل حتى عن سكة “التفاهمات” الواسعة التي حددها زعيم “حزب الله” ممرا لانتخاب الجنرال وعادت الازمة الرئاسية الى الحقيقة الاولى والأخيرة التي تحكم لبنان برمته وهي مسألة الاختلال الهائل في ميزان القوى الداخلية طبقا لاختلال مماثل على المدى الاقليمي. لم تعر القوى اللبنانية الاهمية الكافية في خطاب السيد نصرالله المباشر في الضاحية الجنوبية للفقرة المتصلة بتحية الشهداء والجرحى في صفوف حزبه ومن هنا تبدأ المسألة وعندها تنتهي. قال بوضوح للمراهنين على تعب الحزب انه عبثا الرهان على النزف الذي يتكبده في ميادين الحروب والمواجهات من لبنان الى سوريا والعراق واليمن والبحرين. وقال ذلك وسط اعنف حملة عاصفة أطلقها في المسيرات العاشورائية وعلى المنابر ضد السعودية . وقالها وسط انعدام ملامح التوازن الداخلي والاقليمي بين الحزب وخصومه الذي يعبر عنه رد يتيم، ولو دائم، للرئيس سعد الحريري في سياق صراع تختلف فيه وسائل المواجهة اختلافا جذريا لمصلحة الحزب.

إقرأ ايضًا: في أي كتاب يقرأ السيد نصر الله أو في أي لغة يتكلم؟!

لم يكن ادل على هذا الاختلال من ان ادبيات خطاب السيد نصرالله ترددت في اليوم نفسه على لسان زعيم “أنصار الله” في اليمن عبد الملك الحوثي الذي خَص السيد نصرالله بلفتة الشكر الكبيرة. انه إذاً العنوان العابر للحدود في صراع لم تعد معه أزمة الرئاسة اللبنانية الا تفصيل ينتظر على رصيف ميزان قوى مختل لمصلحة ايران وحلفائها حتى إشعار آخر. وأي تصويب لميزان القوى الداخلي لا يبدو واردا حتى لو كانت الملهاة الجديدة تركز على توزيع المكافآت لقوى 8 آذار ومن ثم تحميلها تبعة تأخير انتخاب أي من مرشحيها العماد عون والنائب سليمان فرنجية.

فهذا الجانب الداخلي يمسي هامشيا ما دام عنوان اعادة تصويب ميزان القوى مقفلا بل مغيّبا تماما عن الساحة اللبنانية . ونعني بذلك ان تحرك الرئيس الحريري ومبادراته المتعاقبة تحتاج الى ما يتجاوز نزع الألغام والأفخاخ إن من خلال انقلاب جديد يعيد تحالف 14 آذار الى الحياة ويفرض لبننة كاملة للازمة والحل، وإن من خلال عودة سعودية الى إسناد الحريري بكل عوامل التوازن، وأي كلام آخر ليس اكثر من تنميق كاذب للخلل الذي يحكم لبنان.

السابق
«رسالة مبطنة» في خطاب نصرالله للحريري: لا ترشّح عون.. فهل من مبادرة بعد؟
التالي
وسائل الاعلام الروسية تعلن استعداد موسكو لـ«حرب عالمية ثالثة»