الشفافيّة في العمل البلدي موضوع نقاش عام من تنظيم جمعية «نحن»

جمعية نحن

ثلاثة أشهر بعد انتهاء الإنتخابات البلديّة والإختياريّة، نظّمت جمعية “نحن” نقاشاً عاماً حول “الشفافية في العمل البلدي” بحضور حوالي المئة شخص في سمالفيل أوتيل المتحف نهار الجمعة الواقع في ٢ أيلول ٢٠١٦ في الساعة الثالثة، وحيث ألقى كل من سعادة النائب غسان مخيبر، الأستاذ خليل جبارة مستشار وزير الداخلية، والدكتور أندره سليمان الباحث في الشأن المحلي كلمة تلخّص وجهة نظره بالموضوع. و قد حضر النقاش السيّد عصام زينون ممثّل النائب سامي جميّل، والسيّدة يمنى غريّب ممثلة الوزير نبيل دو فريج، بالإضافة إلى ممثلين عن البلديات وعن المجتمع المدني.

اقرأ أيضاً: فاز الثنائي في كفررمان ولكنها… كفرموسكو!

واستهلّ اللقاء، بكلمة الأستاذ محمد أيوب، المدير التنفيذي لجمعيّة “نحن”، الذي اعتبر أنّ شبه غياب التنمية المحليّة والخطط الاستراتيجيّة في البلديات عموماً، رغم توفّر الموارد الماليّة في البلديات الكبيرة، يعود إلى غياب الشفافيّة الذي يعيق المساءلة والمحاسبة المدنيّة ويؤدي إلى جهل المواطنين عامّةً بصلاحيات البلدية التنمويّة و بقراراتها. واعتبر أنّ الشفافيّة هي المدخل الأساسي لتحسين العمل البلدي، أي التنمية، إذ أنّها تتيح للصحافة والمهتمّين من المجتمع المدني متابعة وتقييم قرارات البلديات تمهيداً لمحاسبة القرارات السيئة أو التي تفوح منها رائحة الفساد.

ومن جهته، عرض النائب غسان مخيبر فوائد الشفافيّة الأساسيّة الثلاثة وهي أنها تلزم بحسن الإدارة على المستويين المركزي واللامركزي، أنها تشكّل وقاية من الفساد، و أنها أداة لمكافحة الفساد عندما يحصل. واعتبر أنّه توجد ثغرات في القانون البلدي الحالي في هذا الخصوص، أهمّها أنّه ينص على سريّة إجتماعات المجالس البلديّة وهو ما يخالف كل الممارسات الفضلى في العالم بل يخالف حتى النظام البرلماني حيث النقاشات البرلمانيّة هي علنيّة. وقد عرض مشروع قانون “الحق في الوصول إلى المعلومات” الذي لا يزال ينتظر أن يدرج على جدول أعمال الهيئة العامّة البرلمانيّة منذ ٢٠٠٨، والذي إن أقرّ سيعطي مجال واسع لهيئات المجتمع المدني أن تمارس حقها بالمحاسبة إذ أنه سيلزم كل إدارات الدولة أن تقدّم نسخ عن كلّ مستنداتها بما فيها العقود والإتفاقات، و أن تنشر تقارير مفصّلة دوريّة عن عملها وخططها، و أن تنشر مصاريفها فور الصرف. ودعا هيئات المجتمع المدني أن تنظّم الحملات لمتابعة هذا الملف والضغط لإقرار هذا القانون.

أمّا من وجهة نظر الأستاذ خليل جبارة، فدعا الحضور أن يتحلّى بالتفكير الواقعي في هذا الموضوع. واعتبر أنّ السياق الحالي يتّصف بفوضى عارمة لا يمكن نكرانها، و أن أهم أمثلة لهذا الواقع هي كيفيّة تعامل البلديات مع أزمات النفايات، النزوح السوري، أو تلوّث نهر الليطاتي حيث تبيّن أنّ البلديات عاجزة تماماً عن صنع القرارات والسياسات العامّة، وأنها غير قادرة على تأمين الحد الأدنى من الإستمراريّة الإداريّة. و اعتبر أنّ البلديات، وقبل الحديث عن تعزيز الشفافيّة في ممارساتها، بحاجة ماسّة لمأسسة عملها، ولا سيّما الكادر الإداري وشرطة البلديّة و أشار إلى مشروع كبير جدّاً قد بدأت الوزارة التحضير له. كما اعتبر أنّه من المهم توضيح وتعزيز علاقة البلديات وإتحدات البلديات بالمؤسسات الأخرى التي يكمن التعاون معها للتنميّة وخصوصاً مراكز وزارة الشؤون الإجتماعيّة، والمنظمات الدوليّة التي تقدّم الدعم الفني والمالي.

وبدوره أكّد الباحث في الشأن المحلي دكتور أندره سليمان، أنّ للمواطنين، بصفتهم مصدر السلطة و المال العام، الحق والواجب في مراقبة عمل البلديات، لضمان شرعية قراراتها. واعتبر أنّ الأسباب التي تعيق الشفافيّة في الممارسة تنقسم إلى إعتبارات إداريّة من جهة، لا سيّما غياب أنظمة الأرشفة الفعالة وتقصير السلطات الرقابيّة للحد من الممارسات الخاطئة، و إلى إعتبارات سوسيولوجيّة من جهة أخرى، أي ذهنيّة التبعيّة لرئيس البلديّة السائدة و هواجس البلديات من عرقلة المواطنين لعملها إن تمّ إشراكهم أكثر فيه. أمّا قانون البلديات، فينص على علنيّة القرارات البلديات “ذات المنفعة العامة” إذ أن البلديات ملزمة أن تنشر قراراتها على أبواب مراكزها بحسب المادة ٥٥ و حق أي “صاحب مصلحة” أن يحصل على نسخة عن القرارات بحسب المادة ٤٥ من قانون البلديات. وأكّد أنّ الموازنات وقطع الحسابات البلدية هي أيضاً تقر من المجالس البلدي ما يعني أنّها علنيّة حكماً. وأشار إلى قراراً اعتبره تاريخياً لمجلس شورى الدولة حيث نص على التالي: “إنّ حق الإطلاع مستند إلى حق ذويهم بالمعرفة المكرس في المواثيق الدوليّة التي أقرها لبنان وكنتيجة طبيعية للأعراف الدولية السائدة لأن حق المعرفة أصبح مبدأ عاماً في القانون الدولي”.

وقبل فتح الباب للنقاش العام سأل الأستاذ محمد أيوب ممثّل وزير الداخليّة الأستاذ خليل جبارة عن إمكانيّة إصدار تعميم للبلديات يطلب منها إنشاء مواقع إلكترونيّة خاصّة بها ونشر كل قراراتها بما فيها، الموازنات وقطع الحسابات الدوريّة، عليها، فأكّد الأستاذ جبارة أنّ الوزارة منفتجة جدّا على اتخاذ هكذا خطوة. وختم الأستاذ أيوب مداخلته واصفاً اللقاء أنه أوّل خطوة علنيّة تتخذها جمعية “نحن” في موضوع تعزيز الشفافيّة في العمل البلدي وأنّ الجمعيّة ستتابع الملف، و سوف تطلع الناس في وقتٍ لاحق على خطواتها القادمة لتعزيز الشفافيّة في العمل البلدي.

السابق
الكرملين: الأحاديث عن لقاء الأسد بأردوغان في تركيا غير صحيحة
التالي
الـ«Bl4ck Punisher» يخترقون ويضربون اسرائيل