هل عفوية الحريري خطأ أم صواب؟

لبنان الغارق بأزماته وبآلهة السياسة، تكوّن لدى شعبه مناخاً منتقداً تناسى السياحة، لدرجة يستنكر به أيّ نشاط يروّج لصورة لبنان الحياة وأيّ سياسي "بشري"، اتخذ صفة المواطن لا صفة السلطان.

في اليومين الماضيين شكلّ مهرجان بياف حدثاً، ففي ظلّ الرتابة السياسية والاقتصادية، وفي ظلّ الصورة المتداولة بالإعلام العربي والعالمي لـ”بيروت” خصوصاً على أنّها عاصمة النفايات المستحدثة، وفي ظلّ آلهة السياسة الذين ألبسوا الوطن لون الدم بحروبهم العبثية، شهدت الساحة البيروتية صورة مختلفة ثقافياً وفنياً وسياسياً كان نجمها الرئيس سعد الحريري.

الرئيس سعد الحريري والذي شارك بالمهرجان كمواطن مؤمن بالوطن قبل أن يكون شخصية سياسية أو رئيس تيار، كاسراً بذلك القاعدة الرتيبة لأصحاب السلطة والنفوذ فصعد للمسرح مكرّماً عفوياً، تحوّل بإنسانيته لمادة انتقادية عند الفئة اللبنانية النزقة والتي “ما بيعجبها عجب ولا صيام برجب”.

إقرأ أيضاً: هذا سرّ دمعة سعد الحريري عندما زار «المستقبل»!

هذه الفئة المكونة من منتقدي الحريري ومشاركته في حدث ثقافي وفني هي نفسها من تصفق وتهلل لإنسانية كل شخصية أجنبية ولتواضعها ضاربة بها المثل سواء كانت فنية – دبلوماسية “أنجلينا جولي” أنموذجاً، أو سياسية بارزة “باراك أوباما” على سبيل المثال لا الحصر، فتستفيض بالموشحات التي تتغنى بتقارب زعامات بلاد السند والهند من الشعوب، لتسخر في المقابل وفي انفصام فارغ من سمّة التواضع نفسها المتمثلة في شخصية الرئيس (الشعبي) سعد الحريري والذي لا يشابهه بها أيّ سياسي لبناني أو حتى عربي.

بالمجمل، هذه ليست المرة الأولى التي يوضع بها الحريري على مشرحة بروباغندا مواقع التواصل الاجتماعي، وهو الذي بإنسانيته وبصورته المناقضة لزعاماء الآلهة كان دائماً محور انتقاد إن بقربه من الحاضنة الشعبية أو بعفويته التي لو كان لدينا شعب مثقف بعربيته كما غربيته لهنأه عليها ولأشاد به بغض النظر عن الأداء السياسي.

مشاركة الحريري في المهرجان إنّما كانت لفتة منه لتشجيع القطاع السياحي الذي دمره زعماء الحروب، إنّما كانت مقاومة حقيقية لأجل الوطن لا على الوطن، أما صعوده مكرّماً فهو إنّما لتكريم سيدة نقدرها جميعاً كلبنانيين، فكيف لا يقدرها هو، وهي عمته النائب بهية الحريري!

إقرأ أيضاً: لقاءان مع سعد الحريري: إنسان حقيقي يشبهنا.. ويتقبل النقد

لهؤلاء الذين ينتقدون الحابل والنابل، أقول،هل أخطأ الحريري؟!
هل أخطأ لأنّه بمساهمته بهذا الحدث وسّع فسحة الإعلام واهتمامه به، وأكد أنّ بيروت هي بيروت الثقافة والفن والحياة والسياحة.
هل أخطأ، لأنّه كرم عمته بعفوية بتواضع، فكان ابن شقيق بهية على المسرح لا السياسي ورئيس التيار، هل أخطأ حينما سرد قصة من طفولته مع هذه الشخصية المميزة.
هل أخطأ لأنّه قبّل يدها غير مبالٍ بكل الحضور والجموع؟

وهل أخطأ القيمون على المهرجان، والمشاركون به، لأنّهم خلقوا حدثاً يخرجنا من رتابة السياسة؟!

السابق
«الوكالة الالمانية» تؤكد ان لا مظاهر لخروج المعارضين والمدنيين من حلب
التالي
بالصورة: بلديتا بريتال وايعات تزيلان صور نبيه بري وموسى الصدر