السيد محمد حسن الأمين: لا يجب ان نخاف من «الحرب الناعمة»

اختراع الانترنت وبروز مواقع التواصل الاجتماعي أحدث ثورة في عالم الاتصالات وتبادل المعرفة والمعلومات بين الافراد والشعوب عبر العالم، المحافظون في بلداننا العربية المسلمة عدوا ذلك نوعا من الغزو الثقافي واطلق عليه لقب "الحرب الناعمة"، العلامة المفكر السيد محمد حسن الأمين له رأي في هذا المجال أدلى به لموقع جنوبية.

حول القفزة الاعلامية والاجتماعية والثقافية التي سببتها ثورة الانترنت يقول السيد الأمين: “اذا كان ثمة جوانب مضيئة في ظاهرة هذا التطور النوعي وبواسطة تقنيات التواصل الحديثة التي أمنها اختراع الانترنت، فإننا نرى في أن هذا التطوّر أتاح عنصراً بالغ الأهميّة يتجلى في تسهيل الاطلاع على جميع المعلومات التي كان المستفيدون من تغييبها يستخدمونها في تعزيز سيطرتهم وهيمنتهم على قسم كبير من الرأي العام الذي لم يكن يملك الوسيلة لمعرفة هذه المعلومات والمعطيات، مع العلم ان هذا التغييب للمعلومات طالما شكّل عنصر قوّة في تصرُّف ذوي السلطان والذين يعتبرون تجهيل الجمهور واحداً من أهم عناصر قوتهم وهيمنتهم، وهو ما يجعلنا نعتقد ان بروز ظاهرة إتاحة جميع المعلومات لكافة الناس أمرا ايجابيا، فالمواطنون، باتوا يمتلكون وسيلة فاعلة من وسائل التحرّر من الانقياد الأعمى للوسائل التي يملكها حصرياً أصحاب النفوذ والأموال، وعلى كل حال فإن هذا التطور النوعي الذي يشهده عالمنا المعاصر في إتاحة المعلومات كافة للناس كافة، هو من جملة الظواهر التي نرى أنها تجعل من العولمة بصورة عامة عنصراً إيجابياً، وإن كان من الصحيح أن هناك جوانب في العولمة ما زالت تشكل مصدراً لكثير من المخاوف بسبب أن قوى الهيمنة والاستبداد أيضاً استطاعت وتستطيع من خلال إمكاناتها الكبيرة أن توظف كثيراً من معطيات العولمة لخدمة مصالحها”.

ويشرح السيّد الأمين النقطة الأخيرة المتعلّقة ببعض المظاهر السلبية للعولمة قائلا: “قد لا تكون في هذه الظاهرة السلبية، أعني إتاحة وسائل جديدة للعولمة المتوحشة ما يكفي لأن يجعلنا من الرافضين للعولمة بكاملها، فهناك من يعتقد أن العولمة وجدت لتشديد الخناق على الشعوب الضعيفة لصالح القوى الكبرى، ويكفي أن العولمة شاء الأقوياء أم لم يشاؤوا حققت وتحقق دفقاً كبيراً وهامّاً من الوعي السياسي والإجتماعي، وهو العنصر الذي يشكل غيابه عن الشعوب أحد عناصر الضعف الضارّة لهذه الشعوب”.

إقرأ أيضاً: السيّد محمد حسن الأمين: الدولة الدينية دولة غير شرعية
ويستدرك السيد الأمين بقوله “إذا كان المقصود من “الحرب الناعمة” أنها حرب غير مشروعة وأنها اكتسبت هذه التسمية، أي تسمية حرب لأنها تتضمن عدواناً ما، من فئة إلى أخرى، فنحن نرى أن هذا اللون من الحرب لا يجوز تسميته بالحرب، بل هو شكل من أشكال الحوار والسجال المشروع وربما المثاقفة والذي يشكل مظهراً من مظاهر الدينامية والحركية داخل الاجتماع السياسي والفكري والثقافي. ومن الطبيعي أن مثل هذه الدينامية أو الحركية هي أمر مشروع وإيجابي، بل لعلها حق، بل واجب اجتماعي وفكري وثقافي وسياسي، وربما أسمى ما فيها أي ما فيها يطلق عليها “الحرب الناعمة”، أنها هي البديل الإنساني والسامي للحرب الدموية التي هي أسوء أشكال التنازع لأنها تقوم على إلغاء الآخر إلغاءً كاملاً أي أنها حرب الإلغاء والإلغاء المتبادل، ومثالها الحرب التي شهدها لبنان، والتي سميت بالحرب الأهلية، وما أكثر هذا النوع من الحروب، فكم من الخير أن تكون هذه الحروب حروباً ناعمة لكي تجنّب الشعوب حروب الإلغاء والتدمير”.

إقرأ أيضاً: السيّد محمد حسن الأمين يتحدّث حول صراع الولاءات في لبنان

وأخيرا فان أهم إيجابية لثورة الأنترنت برأي السيد الأمين هي مساهمتها بانطلاق ثورات الربيع العربي فيقول ” لا ننسى أن انطلاقة ما سمي حقاً بالربيع العربي، لم تكن لتنطلق على الصورة الجديدة في منطقتنا العربية، أي على صورة انتفاضات الشعوب وليس على صورة الانقلابات العسكرية كما كان يحدث في الماضي، لولا الدور الوازن لمواقع التواصل الاجتماعي التي أمنت للأجيال التعرّف على قضايا الحرية وعوامل التقدّم ومبادئ حقوق الإنسان وحث الجماهير على التطلّع إلى مرحلة حضارية جديدة تسودها قيم الحضارة الجديدة التي يتمتع بمعطياتها الغرب عموماً وبعض الدول الآسيوية التي حققت إنجازات متقدمة”.

 

السابق
جنبلاط يتّخذ تدابير حاسمة قبل الاعتزال
التالي
كيف عايد اللبنانيون «قوى الأمن الداخلي» بذكرى تأسيسها؟