نصرالله يقلب الطاولة: اليمن قبلتنا

بهدوء وبسلاسة وبعبارات اختيرت بإتقان، بدأ السيد خطابه، بأعلى درجات الوعي اليوم قال كلماته تباعاً، فالسيد يدرك جيداً أنّ ما قاله أمس أصبح فاقد الصلاحية في المرحلة الراهنة وأنّ التلويح بأنّ السنة عملاء بعدما هاج مناصروه وشتموا الصحابة سوف يؤدي إلى فتنة لا وقت لها.

نصر الله، أعاد الوطنية إلى خطابه، وأعاد تقويم الشارع الشيعي، كان سليماً خاطب العقل دحض الفتنة صوّب على الخطأ والخطيئة.
زلّة الشتامين لم يعتذر عنها السيد علنيةً غير أنّه أدانها واضعاً إياها تحت خانة “الحرام” ومذكراً بما قاله المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله الخامنئي، أحسن السيد فمن معه لن يأبهوا بكل المحاضرات الأخلاقية والوطنية والتعايش، ولكن فتوى تحرّم “الشتم” كنظيرتها التي تبارك “الجهاد المقدس” ستدفعهم إلى التوبة، وربما العودة لنفس الشارع وطلب المغفرة.
ولسنا بمبالغين فإنعكاس التحريم تجلّى عبر مواقع السوشيال ميديا بهاشتاغ أطلقه عباس زهري وهو “#بامرك_يا_سيد”، مع العلم أنّ زهري نفسه هو من أوّل الدعاة للحظة العار وهو من استبقها و واكبها بهاشتاغ “#لعيونك_بنولعها_يا_سيد”.

نصر الله، وصف التحرك الذي شهدته الساحات بالعفوي والشبابي، ولكن السيد لا موقع تويتر له، وابنه جواد ربما لم يسرّ له أنّه وصديقه المقرب قد خططوا لهذه الخطوة قبل انطلاقها بعدة ساعات.

حزب الله
السيد أيضاً، صرّح أنّ هناك فريق تابع للموساد الاسرائيلي يعمل على مواقع التواصل الاجتماعي بأسماء مستعارة لإشعال الفتنة، غير أنّه لم يوضح لنا أيّ فريق هو ومن يقوده أتباع الحزب أم من يناهضون سياسة الحزب الإيرانية.

ولكن لنكن منطقيين، فالسيد كان منطقياً واعترف مرغماً أنّ حركة أمل من وأدت الفتنة، الحركة التي أشاد رئيسها بفطنة الحريري واعتداله، ممّا يعني أنّ الفتنة من حيث الحزب تتنامى وأنّ إطفاءها حريري الهوى…

خطاب السيد حتى هذه النقطة كان رزيناً، لا انفعالية به، لا كأس ليموناضة ولا حركة الإصبع، لتعلو اللهجة تدريجياً وليعود الإصبع بقوة حينما اتجه نحو السعودية والتي هي يلتزمها مادة في كل إطلالة له بتنويه من الولي الفقيه.

إقرأ أيضاً: الحريري الرئاسي ونصرالله النووي
السيد الذي كان متوتراً، متعرقاً، منفعلاً، في 16 شباط، كان اليوم كما المياه الراكدة بإستثناء قليل من الانفعال، وهذا الخط المستقيم في أغلبية الخطاب إنّما يعود لكون حسن نصرالله يقول كلام حق يراد به باطل، وإنّما التوتر هو من فرض عليه هذه الدبلوماسية، وحساسية المرحلة هي من جعلته يتلو ما لا يتوافق مع قناعته.
صوت السيد المستقيم، ارتفع عند ذكر السعودية واليمن، وكيف لا وقد عاد لمعتقداته ولإيديولوجيا ينبش بأظافره دفاعاً عنها، في هذا المقطع من الخطاب كان السيد صريحاً حد الخطأ، فإعترف مبطناً أنّ قضية فلسطين كانت جسراً ولأن طريق القدس باتت انعكاس لتلاشي المشروع، صرّح أنّ اليمن أولاً وقبل فلسطين.
إقرأ أيضاً: ما بين فنجاني قهوة عون وفرنجية… نصر الله؟
اعترافٌ آخر، أدلى به السيد وهو أنّ خطابه ضد العدوان السعودي يشرفه أكثر من خطاب حرب تموز، في هذه الجملة وضع الإسرائيلي في مكانة لا تقارب السعودي-العربي وإنّما تعلو عليه، وهذه ربما هدية قدمها “دفاعاً عن بشار” وارضاءً لإيران.
الآن كل شيء واضح، فلسطين لم تعد مشروع المقاومة وإنّما اليمن، والحرب لم تعد مقدسة ضد إسرائيل بل ضد السعودية، قالها السيد… لتفهموها!

السابق
حزب الله يهدد موقع «جنوبية» أمنياً: هل بدأت سياسة الإلغاء الشامل؟
التالي
خطاب نصرالله في الميزان