الجامعة اللبنانية: فضيحة تحرّش بطالبة … تهزّ الشمال

لقد تأسست الجامعة اللبنانية تحت ضغطِ مطالبة شعبية وطلابية عارمة جرت في عام ١٩٥١ تخللها اضرابٌ عام وتظاهرات قام بها طلاب لبنانيون تحت شعار "لا استقلال حقيقياً للوطن، دون جامعة وطنية رسمية تحافظ على التراث الثقافي والعلمي فيه، وتعمل على إنمائه وتطويره وتكريس طابعه الحضاري والإنساني".

لكن يبدو أن هذه المؤسسة التى وُجدت كي تخدم أبناء الوطن، والفقراء منهم على وجه الخصوص، قد ضربتها التجاذبات الحزبية والتدخلات السياسية والمحاصصة الطائفية والمذهبية للمواقع والمناصب، وأفرغتها من مضمونها وقيمتها ووظيفتها الاصلية، بإعتبارها مساحةً للفكر والبحث العلمي والتنمية الحضارية. فلم تعُد الجامعة الوطنية، تلك المؤسسة التي تجمع نخبةً من المثقفين والباحثين والمفكرين الذين يضخّون قيم العقل والحق والمعرفة والخير في نفوس أجيالٍ من الشباب يحلمون بتغيير مجتمعهم وتجديده والارتقاء به، بل لقد اصبحت للأسف، صورةً مصغّرةً عن حال البلد الذي تغرق مؤسساته في الشلل والتعطيل والاستنسابية، وتغيب فيه المساءلة والمحاسبة. ولذلك فهي تغرق في أزماتها الداخلية الواحدة تلو الأخرى، مما يعني أنها باتت بحاجة الى ورشة إنقاذ وإعادة نظرٍ في كل الآليات التي تعيق مسيرتها وتقدمها، وتجعلها تخسر مصداقيتها ودورها في المجتمع.

إقرأ أيضاً: كريم مروه: الوصاية أخطر ما واجهته أحزابنا (3\2)

الجامعة اللبنانية طرابلسوأبرز أزماتها ومآزقها تولدت من عملية انتخابات المجالس التمثيلية التي جرت مؤخراً، في الفروع والوحدات، حيث خرجت العديد من الاعتراضات والاحتجاجات، وتمّ تقديم العديد من الطعون في معظم فروع وكليات الجامعة، بسبب ما رافقها من غيابٍ للمعايير الأكاديمية، وحصول العديد من الخروقات للقوانين والتجاوزات لأعراف الكلية فيما يخص عملية الترشح والانتخاب، يبدو أنها نالت رضى ومباركة وموافقة رئاسة الجامعة، لأسباب عديدة. ما يعني أن الجامعة الوطنية قد وقعت في فخّ الشخصانية واستنسابية التأويلات للقوانين، وكل ما من شأنه أن يضرب التقاليد والأعراف الجامعية العريقة.

إقرأ أيضاً:  فضيحة اطلاق التشيكيين: كيف تم تشريع الخطف رسميا
الجامعة اللبنانية طرابلسالجامعة اللبنانية – بشهادة أساتذتها – تعاني أزمات داخلية خانقة، وهناك تساؤلات وعلامات استفهام كثيرة تدور حول عدة ملفات ملتبسة، منها ما هو إداري ومالي، له علاقة بالفضائح المتعلقة بالهدر المالي لملايين الدولارات، التي تنفق من غير وجه حق تحت عناوين كثيرة، ومنها ما له علاقة بمخالفة بعض الأساتذة “المدعومين” علناً، قوانين التفرغ التي تحظر عليهم ممارسة أيّ عملٍ خارج الجامعة، أو له علاقة بالتجاوزات المرتبطة بمسألة تفريغ الدفعة الأخيرة من الاساتذة الذين لم يستوفِ العديد منهم شروط التفرّغ. وآخر أزمات الجامعة هو ما جاء من كلية الآداب في طرابلس التي شهدت غضباً شعبياً، واشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي فيها، في إثر تناقل الحديث عن استاذ – هو في الأساس كاهن – يتعامل مع الكلية على أنها “دكان” يأتي اليه ساعة يشاء ويغيب ساعة يشاء، بغطاء من مدير الكلية، ويسيء الى الدين الاسلامي أثناء محاضراته، وينتهي بأن يتحرّش بإحدى طالباته التي تقدّم شكوى بالحادثة الى العمادة. وبعد تأليف لجنة تحقيق، وإجراء التحقيق برئاسة عميد كلية الادآب، تتم إحالة الأستاذ الى المجلس التأديبي، ولكن يوضع ملفّه الذي يحوي العديد من الشكاوي، في الأدراج. وبعد مرور اكثر من شهرين على إجراء التحقيق، لم تُوجّه إليه أي إدانة أو عقوبة، وفوجىء الطلاب بأنه عائد الى التدريس في الفصل الثاني، بعد انتهاء الامتحانات التي تجري حالياً في الكلية، وكأن شيئاً لم يكن .

إقرأ أيضاً:  بعد التهديدات التركيّة: روسيا ترسل «سوخوي 35» الى سوريا

فهل هناك مٓن ينقذ الجامعة الوطنية من أبنائها، ومن الإنهيار الخطير الذي يصيبها، كي تكون نموذجاً راقياً ومُعدياً للمؤسسات الرسمية الاخرى؟ وهل هناك مَن ينتفض لحماية مسيرتها وتاريخها ودورها كي تقوم بالوظائف والادوار المنتظرة منها، كمساحةٍ مشرّفة لتحقيق الارتقاء الفكري والثقافي والعلمي الى أعلى مراتبه، وليس كساحةٍ للصراعات والمحاصصات السياسية والحزبية والطائفية، أو كمكانٍ لتوظيف الأزلام والمحاسيب الذين يعلنون ولاءهم للزعيم الذي وظّفهم، وتحت غطاء هذا الولاء يستبيحون القوانين، ويرتكبون ما يحلو لهم من مخالفاتٍ، وينجون من أيّ حساب او عقاب؟!

لعبة التعطيل مستمرة و«نصاب» جلسة 8 شباط لن يتوفّر

السابق
تغيير السنة لأسمائهم في العراق
التالي
الوصاية السورية كانت تُعيّن رؤساء لبنان والهيمنة الإيرانية تعطّل اليوم انتخابهم