عندما يطلب العالم من أهل مضايا الخروج و ليس الصمود

في ظل هذا الجو التشاؤمي، وطالما نحن عالقون على درجة معينة من الإحتباس، فإن جُل ما نقوم به أو لا نقوم به ليس إلا محاولة تفاؤلية نأمل من خلالها الحد من الإنبعاثات السامة الدفينة التي سببتها التبدلات المناخية، سيكون من المفيد حينها التنبه إلى ردات الفعل القصيرة الأمد حيال أمور لا يتوقعها المرء أو لربما لا يفقهها.

كل التوقعات ومعظم أعمال الرصد تشير إلى وجود أمر عظيم، وتخبرنا مرة بعد مرة بوجود تبدل مناخي كبير في المنطقة الواقعة وسط قارات العالم القديم، حتى أن الدراسة الفينولوجية (علم العلاقة بين المناخ و الظواهر الأحيائية) الأكثر تفاؤلاً تتوقع أحداث مأساوية وشيكة نتيجة فتح سدّادة خزان الشرق الجديد المتواجدة في الجغرافيا السورية بالتحديد.

هو ليس إلاّ تغييرا ديمُغرافيّا وسياسة تهجير جماعي أوجبت الأحداث مرورها من مضايا، ويقيناً الكل مشارك في إسقاطها وإتمامها إما بغباء أو بتسليم ورضى وإما بإصرار وعن سابق تصور وتصميم. الملحمة السورية منذ البداية لم تروِ قصة الشعب ولا توقه للحرية، هي حرب القوى الصاعدة أعادته إلى بدايات وجوده لكي تغير حكايات بطولاته وتسطّر مكانها قصصا مختلفة تخبرعن ثقافة نسجتها وأرادتها له تسعى من خلالها جاهدة لكي تخلد أعمالا هي ليست من صنعه تزوّر بها تاريخه.

إقرأ أيضاً: #مضايا: «صورة المقاومة» يا حزب الله؟ صورة المقاومة؟

قد تكون مضايا عند كثيرين ممن إحتفظوا بإنسانيتهم محطة مؤلمة، يعتصمون لنصرتها، لكنها عند القليل الفاعل مشهد لا بد من تصويره ليكتمل السيناريو وينتهي الإخراج. في المقابل ستبقى الكلمات إلى حين الإنتهاء من الإنتاج تتزاحم على صفحات الجرائد تحكي عن معاناة مضايا وأهلها، ستبقى أخبار الجوع والقهر والموت تتطاير في الأثير تلتقطها أجهزة البث الإذاعية والإرسال التلفزيونية والمواقع الإلكترونية، ستبقى مفردات الموت والآهات تتهادى على ورق الكتب في المكتبات وستصدر دور النشر تباعاً عنها المجلدات.

مضايا

 

لكن الحقيقة تبقى أن في سوريا، تمارس أحدى أكبر وأضخم عمليات التهجير بحق شعب تمسك بأرضه، وقد تكون الثانية في المنطقة بعد نكبة فلسطين، يشارك فيها بالوكالة عن الأصيل وبالإنابة عنه دول مضللة بل أغلب الظن هي من الضالين، ومنظمات مغضوب عليها من رب المنكوبين المفجوعين، بعضها بلسان عربيٍّ ومعظمهم إسلاميين، تتفنن في القهر وتتقن أساليب التعذيب، تجدهم وقد أمسوا رحماء مع أعدائهم أشدّاء على أهلهم، تعرفهم من سيماههم، ينهون عن الشيء ويفعلونه، ويأمرون بالعدل ولا يأتونه، يقولون بالخير ولا يسعون له. تراهم عن عقابهم على ما أصاب الناس من فعلهم غافلين، سيؤتى بهم يوماً إلى المحاكم الانسانية ليؤرخ إجرامهم ويلقى بهم إلى من تعذبوا بنارهم.

إقرأ أيضاً: حزب الله.. فبركة الإنسانية وفبركة صور مضايا

مضايا لعنة سيتوجس منها فيلة الحرب وتقلقهم، ستكون مقدمة لتفترس فيها أطرافٌ أطرافاً نظيرة لها، سيحطم واحدهم رأس الآخر ويضربه بوحشية، يجر جسده ويدفنه تحت التراب ليختفي. هم في ذلك كالدببة تحتاج إلى فقمتها التي تحتاج بدورها إلى سمك القد الذي يقتات على القشريات الملتهمة للحيوانات الأولية بالغة الصغر ومصدرها الطحالب المجهرية، فإن إحدى تلك المخلوقات زالتن كلهم زالوا.

سلسلة الحرب السورية إكتملت ودلائل الإنقراض المدهش بدأت، حرارة التقسيم إرتفعت، الجفاف سيعم في المستنقع، وبالإستناد إلى هذه الدلالات وسواها من الدلالات يفرض تبدل المناخ عملية إعادة تنظيم بيئية للفصائل، ووفقاً للسيناريو المعدّ والمعتمد، يتوقع أن يتعرض ما بين 50% إلى 70% من الأجناس المتقاتلة للإضمحلال، وإذا صح ذلك وهو على الأرجح حاصل، فإنها ستكون أكبر حروب العصر البشرية الجماعية المدمرة التي سوف تندلع.

إقرأ أيضاً: «إعلان مضايا» الشيعي: ليس بإسمنا يا حزب الله

السابق
الطقس غائم جزئيا مع أمطار متفرقة وبداية انخفاض بالحرارة
التالي
أردوغان: إيران تتعمد توتير علاقتها مع دول الخليج