«إسرائيل» تدخل سورية من باب التخبط الروسي

اسرائيل روسيا
دخلت روسيا الحرب ضد داعش فأصبحت ضد الناس والمعارضة. أعلنت أنها رأس حربة معسكر الممانعة فنسّقت مع "إسرائيل". ادعت أن الحرب اقتصادية وتمرير أنابيب غازها إلى أوروبا. وها هو بوتين في حرب شبه مفتوحة مع أنقرة وهي بوّابة الغاز إلى القارة الباردة. الآن بدأ الهمس بإدخال إسرائيل كشريك بالحرب على داعش تحت شعار : لاقونا على سورية.

تخبّط واضطراب موسكو واضحان في معالجة الأزمة السورية وتداعياتها. فهي تعتبر أن مصالحها لتمرير الغاز الروسي مهدّدة بينما تقطع علاقاتها بتركيا الممر الإلزامي لهذا الغاز إلى أوروبا. وكان التبادل التجاري السّنوي بين البلدين يصل إلى 40 مليار دولار، وفي الوقت عينه لا تحرّك إيران ساكناً، وعقودها التجاريّة السّنوية مع أنقرة تزيد على 30 مليار $ وهي إلى ازدياد.

أعلنت موسكو منذ أكثر من ثلاثة أشهر أنها أتت بقوّاتها العسكرية للقضاء على داعش، بينما يعلن وزير دفاعها (12.11) أن “داعش” زادت سيطرتها على أكثر من 70% من الأراضي السوريّة.

تصنّف روسيا الجيش السوري الحر “منظمة إرهابية” وبوتين يعلن في الوقت عينه أن قواته تدعم هذا الجيش. ليعلن الكرملين بعد ساعات أنه لا صحة لكلام “أبو علي”. وتطلب موسكو من عمّان تصنيف الجيش الحر على لائحة الإرهاب. وتعلن مراراً أن الشعب السوري هو من يقرر مصير الأسد الإبن. وترفض في الوقت عينه قرارات المعارضات السورية الملتئمة في الرياض، وترفض التعامل مع مقررات مؤتمر هذه المعارضات،وهذا ما أربك دول العالم في التعامل مع موسكو.

فموسكو أعلنت دائماً أنها غير متمسكة بالأسد، وتقصف قوى الإعتدال، وتتغاضى عن سيطرة داعش بشهادة الكرملين. وتعلن داعش عدواً ولا تقصفها. وتعتبر تل أبيب شريكاً في الحرب وهي عدوة دمشق وكل العرب وتنسّق معها. بل لا يمكنها استكمال الحرب من دون ذلك، لارتباطهما بعقود مشتركة مع تل أبيب! بل إن طيران العدو الإسرائيلي يقصف مراراً في الأراضي السورية تحت مظلة التنسيق المشترك. وحجة تل أبيب الدائمة هي تدمير أي سلاح يعبر إلى لبنان. ولعل هذا التخبط هو ما أثار حفيظة تهران، وهو ما جعلها غير متحمّسة للتدخل الروسي. بل وغالباً ما تلوذ بالصمت حيال هذه التناقضات الروسية. بل وصلت الأمور بموسكو إلى إمكانية استعانة القوات الروسية بالمعلومات الإسرائيلية لضرب بعض الأهداف في الداخل السوري. وتل أبيب ﻻ تمانع بحسب صحيفة الأندبندنت البريطانية وسواها.

بل وتريد إسرائيل الذهاب أبعد من ذلك وتطرح فكرة المشاركة بالحرب ضد داعش مع قوات التحالف، حيث يرى وزير خارجية روسيا ﻻفروف في أميركا شريكاً فعّالاً ضد داعش. ويبدو أن أميركا هي التي نصحت كلاً من موسكو وتل أبيب بتريّث الأخيرة بالمشاركة في الحرب. لأن من شأن ذلك أن يفضح السياسة الروسية ويعرّيها أمام خصومها.

روسيا اسرائيل

روسيا الطامحة إلى دور جبّار عالمي لا تبدو ضمن هذا التخبّط أكبر من دولة إقليمية، خصوصاً بعد الصدام مع تركيا. وبدا وكأن سياستها في المشرق فاشلة. بل وتكشف عن تخلف للرؤية لسياسية برفضها واقعية الأمور. ويبدو أن واشنطن تستفيد من هذا التخبط االروسي لذي يجعل الأمور تفلت من يد موسكو. وهو ما جعل رئيس حكومة تركيا داود أوغلو يخرج عن رصانته ويعلن أن لصبر تركيا حدود.

هل يصل التخبّط الروسي بدعوة “إسرائيل” لدخول الحرب ضد داعش، وتلك ستكون القشة التي ستقصم ظهر البعير. وعلى ما يبدو فإن رأس أبو علي بوتين الحامي سيكون هو السبب. ولتل أبيب أفضال على أبو علي. لقد سمحت له إدخال صواريخ إس 400 بالدخول إلى الجارة سورية الأسد. بل وسمحت لإس 300 ليأخذ طريقه إلى تهران المتحالفة مع روسيا، من ضمن مشروع الشرق الأوسط الجديد.

هذا التخبّط البوتيني المستمر، هل يسمح لإسرائيل باستمرار الشراكة وإعلان الحرب على داعش؟ تحاول روسيا أن تتلافى ذلك على المدى القصير، لكن صبر روسيا أيضاً بدأ يضيق. فالعقوبات الأميركية الأوروبية مستمرة باستمرار سياسة الكرملين الأوكرانية. وتدهور سعر النفط يبدو ضاغطاً، وموعد الإنسحاب الروسي من سوريا في 6 كانون الثاني 2016 بات داهماً هو الآخر. وسبق أن حدده بوتين نفسه حين دخل مستنقع الدم السوري، ولكن يبدو أنه استحقاق آخر لتخبّط الدّب الروسي…

 

السابق
معرض الكتاب الـ59: شعر رخيص وورق غال وعلاقات لزوم «التواقيع»!
التالي
الحراك المدني (2): هكذا تضعضع الحراك… عندما وقع في فخ السياسة