انهيار «هدنة الزبداني الثانية» يكشف الاصرار الايراني على التطهير المذهبي

استؤنف القتال في مدينة الزبداني السورية صباح اليوم بعد فشل المفاوضات بين الوفد الإيراني وحركة أحرار الشام التي كانت تجري على الأراضي التركية، وبعد انتهاء زمن هدنة الـ48 ساعة التي كانت قد أعلنت صباح أول أمس الخميس.

هذه هي الهدنة الثانية التي تسقط في أقل من ثلاث أسابيع، وأعلن ”جيش الفتح” منذ ساعات عن بدء قصفه لقريتي كفريا والفوعة الشيعيتين شمال سوريا، في وقت تجددت فيه الاشتباكات بين الجيش السوري وحزب الله من جهة و بين مسلحي حركة أحرار الشام وجبهة النصرة في الزبداني من الجهة المقابلة.

وكان مسار المفاوضات والاصرار على ان يتولّى وفدا ايرانيا بمفرده محاورة فصائل المعارضة قد أبرز بشكل فاقع الهيمنة الإيرانية على الميدان السوري وبالتالي كشف سيطرتها على القرار السياسي والعسكري على حساب نظام الأسد الذي يزداد ضعفا يوما بعد يوم. كما ظهر حزب الله وكأنه ليس أكثر من جناح عسكري لمحور الممانعة لا يملك صلاحية التفاوض والتحدّث مع الخصوم، وانما فقط مهمته القتال وتقديم “الشهداء” فداء لأهداف هذا المحور الذي أصبح مختزلا بالإرادة الايرانية.

هذا ويمثل غياب ممثل عن النظام في المفاوضات مع “أحرار الشام” مدى الضعف الذي وصل إليه نظام الأسد وفقدانه السيطرة على قرارات استراتيجية في البلاد. وفي هذا السياق كان العميد الركن المنشق عن قوات النظام، أحمد رحال، قد اعتبر في تصريح خاص لـ”السورية نت” أن تفاوض الإيرانيين نيابة الأسد ليس بالأمر المفاجئ، مضيفاً أن سورية منذ منتصف عام 2013 تحت الاحتلال الإيراني.

إيران ما زالت تسعى لإحداث تغيير ديموغرافي في سورية ما سبّب فشل المفاوضات

بالمقابل فان الطموحات التركيّة في التأثير على الساحة السورية من باب احتضان فصائل المعارضة برز أيضا بشكل واضح عندما أعلن قبل يومين ان مكان تلك المفاوضات ستكون تركيا، غير أنه ترك لفصائل المعارضة وحركة أحرار الشام تحديدا عن مدينة الزبداني مفاوضة الإيرانيين ولم يتولّ هذا الأمر الأتراك أو أي طرف خارجي، وهذا يظهر أن فصائل المعارضة السورية ما زال قرارها السياسي والعسكري في يدها.

وكانت محطة روسيا اليوم قد سرّبت أمس أن الاتفاق المرشّح أن يوافق عليه “بين الجانب الإيراني من جهة وحركة أحرار الشام من جهة أخرى، وبرعاية تركية، من أبرز بنوده، وفق مصادر إعلامية، نقل 300 مسلح من أحرار الشام وأكثر من 100 جريح إلى مناطق في إدلب، في حين يتم نقل مسني وجرحى كفريا والفوعة إلى مستشفيات باللاذقية”.

الملاحظ أن عدم قدرة النظام والميليشيا على حسم معركة الزبداني يعني كسر شوكة “حزب الله”

ويبدو من خلال ما نشر على وسائل الإعلام حول أسباب فشل المفاوضات بين “أحرار الشام” وإيران، أن الأخيرة ما زالت تسعى لإحداث تغيير ديموغرافي في سورية، من خلال الحديث عن إفراغ مدينة الزبداني من سكانها الأصليين مقابل إفراغ بلدتي “كفريا والفوعة” بريف إدلب اللتين تحاصرهما قوات المعارضة وانتقال سكان كل منطقة إلى المنطقة الأخرى.

والملاحظ أن عدم القدرة على حسم معركة الزبداني يعني كسر شوكة “حزب الله”، لا سيما وأن الأمين العام السيد حسن نصر الله توعد مع بداية معركة الزبداني في السيطرة عليها خلال أيام.

هذا وأفاد مصدر خاص في حزب الله أمس لموقع “جنوبية” ردا على ما تناولناه في مقال سابق أن حزب الله فقد 60 مقاتلا في الزبداني بأن “عدد الذين سقطوا من حزب الله في حربه على الزبداني تخطّى الـ 100 شهيد”.

حزب الله في الزبداني

وكانت لفتت مصادر اعلامية أن المعارضة السورية قد تقبل بوقف استهداف “الفوعة وكفريا” مقابل وقف إطلاق النار في الزبداني، والسماح للجرحى بالخروج من المدينة وتقديم المساعدات الإنسانية لكن شريطة أن تتخلى إيران عن مطلبها في إحداث التغيير الديموغرافي الذي يمهّد لقيام ما أصبح يطلق عليه بـ “سوريا المفيدة”، وهي البقعة العلوية – الشيعية الممتدّة من الساحل السوري مرورا بحمص وحتى القلمون – الزبداني المحاذي للحدود اللبنانية.

السابق
إسحبوهم من بيوتهم
التالي
#ثورة_آب: الفوضى .. الجميلة