العلاقات السعودية-الإيرانية.. بين خامنئي ورفسنجاني

أطاحت “عاصفة الحزم” بكل ما كان واقفاً من أعمدة “خيمة” العلاقات الإيرانية – السعودية. بين ليلة وضحاها، انقلب الخطاب الإيراني على نفسه بنسبة ٣٦٠ درجة، وتم استبدال اسرائيل بالسعودية. لم يبق مسؤول في الجمهورية الاسلامية في ايران، من القمة الى القاعدة، الا وانخرط في الدعوة إلى إسقاط النظام في السعودية، من المرشد آية الله علي خامنئي، إلى هاشمي رفسنجاني، مروراً بقادة “الحرس الثوري” والنواب، في حين التزمت السعودية الصمت تاركة صياغة الرد لطائرات “العاصفة” في اليمن.

المرشد خامنئي افتتح الحملة بوصف “عاصفة الحزم”، أمام حشود ضمّت شرائح من جميع المكونات الإيرانية ، بـ”الجريمة، وإبادة البشرية القابلة للملاحقة الدولية”. وخلص الى ان “الرياض لن تخرج منتصرة”. ثم توالت الأوصاف، ومنها أن نائب قائد الحرس الثوري الجنرال حسين سلامي، وصف “العاصفة” بـ”العدوان وأنها اكثر حروب التاريخ غباء، وأنها فشلت لأنها تصورت بانه يمكنها (السعودية) التوسع جيوسياسياً وان تصل الى بحر اليمن”،  ووصل الامر بخطيب جمعة طهران الشيخ محمد موحدي كرماني، إلى دعوة السعوديين في خطبته إلى “الثورة وتحرير الحرمين”.
اللافت والطريف في كل هذه الحملة المبرمجة، التي تدل على المفاجأة من القرار السعودي بتكوين الحلف وانضمام دول الخليج العربي، عدا سلطنة عمان التي تربطها علاقات تاريخية منذ ” ثورة ظفار” مع ايران، أن المسؤولين الإيرانيين أعادوا القرار السعودي بالحرب إلى “تغيير رموز السلطة وقلة خبرة شبابها، مما أدى الى اتخاذ قرارات استراتيجية خاطئة” كما قال رئيس مجلس الأمن القومي الجنرال علي شمخاني. وأراد أن يقول للإيرانيين “أترون لماذا ندعم خامنئي الذي مضى عليه في السلطة المطلقة 25 سنة وهو مستمر رغم مرضه؟”. هكذا، جرى أيضاً شطب السبب المباشر، وهو شعور وإدراك السعودية، ومعها دول الخليج، أن النظام الإيراني توسع بعد تدخله في العراق وسوريا، وصَمْتت الولايات المتحدة الأميركية على ذلك، إلى درجة التعاون المكشوف معه في العراق، وهذا صعّد في التمدد الاستراتيجي لإيران إلى درجة محاولة الإمساك بالأمن الوطني السعودي ومن ثم الخليجي من اليمن، والأهم القبض على أمن النفط في باب المندب الذي يمر من خلاله 25 في المئة من النفط العالمي.
نائب وزير الخارجية عبد الأمير اللهيان، وضع النقاط على حروف الاستراتيجية الإيرانية، فقال “إن أمن اليمن من أمن إيران”. ولا شك أن هذا التحديد يكشف لماذا عملت إيران منذ اكثر من ثلاث سنوات، بالشراكة مع حزب الله، على خلق الصلات العميقة مع الحوثيين من البوابة المذهبية، فكان أن فتحت محطات تلفزيونية لهم وللمعارضة الجنوبية، ثم جرى تشكيل التحالف مع علي عبدالله صالح. والمقصود من كل ذلك إكمال “الهلال الشيعي” بحيث يمتد من حلب الى عدن.
بعد مئة يوم على العملية العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن، خرج صوت عاقل من طهران يعرف، عن خبرة، أهمية السعودية وموقعها. هذا الصوت كان هاشمي رفسنجاني، ليضع حدا لـ”العاصفة” الكلامية الإيرانية الرسمية، فيقول مستذكراً مهمته في المصالحة مع السعودية بأمر من الإمام الخميني لضمان حملات الحج: “عندما تحسّنت العلاقات مع السعودية، تحسّنت مع الدول العربية الاخرى (..)  الأوضاع الان ليست جيدة ويجب حلها”.
السؤال الكبير، هل يفتح المرشد الباب أمام رفسنجاني؟ إذ يبدو أن رفسنجاني يريد مصالحة ايران مع محيطها ومع العالم. الأربعاء الماضي، أشار رفسنجاني في مقابلة مع صحيفة “ذي غارديان” البريطانية إلى “إمكانية عودة العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية بعد التفاوض معها مباشرة (حول الملف النووي)”. من ذلك، يبدو أن مساراً جديداً يتم فتحه في إيران لاستقبال مفاعيل الاتفاق النووي.

(المدن)

السابق
الأسد أعلن قيام «دولة الساحل»!
التالي
حرب تركيا على «داعش» و «الكردستاني» تربك حسابات إيران