أهل الحكم عاجزون أمام أزمة النفايات وعكار تجدد رفضها تحويلها مكباً للعاصمة

جلسة الحكومة اللبنانية

كتبت صحيفة “الحياة” تقول : تزايدت نقمة اللبنانيين على الدولة بكل مكوناتها في ظل تكدس نفاياتهم بشكل مخيف على الطرق في بيروت وجبل لبنان، من دون التوصل إلى حلول لمعضلة إيجاد مطمر بديل لمطمر الناعمة الذي مُدد له بما فيه الكفاية، ما ينبئ بكارثة صحية وبيئية غير محسوبة العواقب.
كل الشتائم مباحة، وكل السخرية من الحكام يتم تداولها في العلن. الناس تختنق في منازلها من الروائح المنبعثة من القمامة التي باتت تمتد لأمتار طويلة على الأرصفة وعلى زوايا المفترقات وتسد طرقاً فرعية وترتفع أكياس النفايات بما يشبه التلال التي يجري رشها بين الحين والآخر بمادة كلسية للقضاء على التعفن والحشرات والقوارض، أو يعمد الناس إلى حرقها، ما يزيد من مخاطر الانبعاثات السامة من قمامة غير مفروزة تحوي أطناناً من الأخطار الكيماوية على المحيط.
والمشهد في الشارع أصبحت له مظاهر جديدة، بات السائقون يضعون كمامات على وجوههم لتلافي روائح الحرائق أو النفايات المتحللة. أما على وسائل التواصل الاجتماعي، فلم ينج أحد من سخرية الناس الذين أُسقط في يدهم. تارة صور للزعماء السياسيين يرتدون لباس عمال التنظيفات، وتارة صور للعمال أنفسهم مذيَّلة بعبارة “اشتقنالكم”، وتارة “لبنان يحقق أطول مزبلة في التاريخ لدخول كتاب غينيس”، ناهيك بانتقادات للصفقات التي يحاول السياسيون إجراءها على حساب صحة المواطن.
وفي المقابل، عجز مطبق من المعنيين بالأزمة، لأن لا حلول ناضجة لديهم، حتى إن المجلس البلدي لبيروت لم يتمكن من الاجتماع لغياب الحلول. والاقتراحات المتداولة “مهينة”، فالتفتيش عن مطمر لنفايات العاصمة وجبل لبنان بعيد منهما، يتركز على منطقة عكار (شمال لبنان)، التي ترفض الأمر رفضاً باتاً، ويجري التداول بمنطقة “سرار”، وهي تستخدم حالياً مطمراً لنفايات عكار، التي تتراوح بين 200 و300 طن، علماً أن عكار تشكل نحو 10 في المئة من مساحة لبنان وسكانها يشكلون 16 في المئة من عدد سكان لبنان.
وتكثفت أمس الاتصالات لإقناع عكار بقبول نفايات بيروت وجبل لبنان، وشارك فيها رئيس الحكومة تمام سلام وزعيم “تيار المستقبل” الرئيس سعد الحريري ورئيس كتلة “المستقبل” النيابية الرئيس فؤاد السنيورة (الذي تماثل إلى الشفاء بعد خضوعه لعملية جراحية) ووزيرا الداخلية نهاد المشنوق والبيئة محمد المشنوق. وطاولت الاتصالات نواب عكار وفاعلياتها، إلا أنها لم تسفر عن أي نتيجة إيجابية حتى اللحظة، إذ تعتبر فاعليات عكار أن منطقتها “منسية ومهملة ولا يجوز تذكرها بمسألة النفايات، فلم تصرف لها أي اعتمادات لتأهيل البنى التحتية المتعلقة بالصرف الصحي ولا لتأهيل المستشفى الحكومي، فضلاً عن أن المنطقة تفتقر إلى فروع للجامعة اللبنانية أسوة ببقية المناطق”.
على أن المكب المطروح يفتقد إلى العوازل لمنع تسرب عصارات القمامة إلى المياه الجوفية التي تستخدم في عكار مياه شفة.

الثمن لعكار
وعلى رغم إقرار السياسيين بحق عكار في تلبية مطالبها والاعتراف بأن نسبة 63 من سكان المنطقة هم تحت خط الفقر، وفق إحصاء الأمم المتحدة، فإن التداول يتركز على المطالب القابلة للتحقيق بشكل سريع، ومنها تصريف الموسم الزراعي والتعويض على المتضررين في المناطق الحدودية مع سورية، لأنهم يقرون أيضاً بأنه لا يمكن طمر نفايات العاصمة وجبل لبنان في المنطقة من دون دفع الثمن في المقابل.
وكان نائبا عكار من “المستقبل” هادي حبيش ومعين المرعبي زارا أمس الرئيس السنيورة، وقابلا وزير الداخلية نهاد المشنوق، وناقشا ما تناوله رئيس بلدية بيروت بلال حمد عن مشروع عقد لرمي النفايات في عقار ضمن منطقة عكار. ووصف المرعبي قرارات حمد بأنها “همايونية”، وقال: “أسمح لنفسي وليسمح لي وزير الداخلية، يجب على أبناء بيروت واللبنانيين جميعاً أن يطالبوا باستقالة كل من رئيس البلدية ووزير البيئة”.
ونقل عن المشنوق تفهمه وجهة نظر أهالي عكار ومطالبهم المشروعة، وقوله إن ليس هناك من خطوات في موضوع النفايات إلا بالتفاهم معهم “ولا تأخذوا بأي كلام يتسم بالتحدي ولا تعطوه أهمية وأنا أرفضه جملة وتفصيلاً، وبالتالي لا مصلحة لنا في الدخول في سجال مع أهلنا من شأنه أن يولد توتراً ليس في محله ونحن في غنى عنه”.
وكان حبيش رفض “أي كلام عن نقل النفايات إلى منطقة عكار”، معتبراً أن “هذا قمة في الاستهزاء بواقع المنطقة التي تعاني إهمالاً وقلة اهتمام على كامل المستويات، وكأنه لا يكفيها ما تواجهه من مشاكل وإهمال حتى يصار إلى التعاطي مع المنطقة بهذه الطريقة وتحويلها مكباً للنفايات بدل أن تتحول إلى محافظة مزدهرة أسوة ببقية المحافظات”.
ودعا حبيش “الحكومة بكل أطيافها السياسية إلى اتخاذ قرار جريء واستثنائي بإنصاف عكار بمشاريعها الإنمائية الملحة التي لم تعد تحتمل التأخير، ومن ثم مطالبة أبناء المنطقة بتحمل جزء من هذه المشكلة”.
وكان ورثة خلدون خالد عبد القادر المرعبي أكدوا في اتصال لوكيلهم مع “الحياة” أن لا صحة لوجود أي علاقة للمرعبي وورثته بموضوع النفايات.

المقالع بدائل موقتة
وكان وزير البيئة أثار خلال اجتماع في بيت “الكتائب” مع رئيس الحزب سامي الجميل وعدد من رؤساء اتحاد بلديات جبل لبنان، إمكان “تأمين أماكن لرصّ النفايات بعد توليفها في بالات بانتظار المعالجة النهائية لها في مطامر تتولاها الدولة”.
وأعلن أنه “اتُّفق على أن تختار وزارة البيئة من مجموعة أماكن مقترحة، من مقالع وغيرها، لوضع النفايات فيها لفترة موقتة لا تتجاوز الـ9 أشهر”، شارحاً أنه “سيطلب من المتعهدين الذين سيفوزون بالمناقصة، التي سيُعلن عنها خلال 15 يوماً، أن يتعهدوا رفع هذه النفايات وطمرها حسب الأصول المقررة في العقود”.
وأكد “أننا لن نلجأ إلى القوى الأمنية ولن نقوم بأي عمل بالقوة، لكن نحن نعتمد على التجاوب من قبل الأهالي والبلديات لا سيما أن أزمة النفايات موجودة لدى الجميع ونعمل معاً على إخراجها من عنق الزجاجة”.
ولفت المشنوق إلى أن “هذه الإجراءات ستساعد في حلّ مشكلة عدد من الأقضية”، آملا بـ “حصول تجاوب منها عندما نختار الأماكن التي ستوضع فيها النفايات للمعالجة بصورة موقتة”، كما تمنى أن “تعقد اجتماعات أخرى كي نخفف من أزمة الــنفايات في كل المناطق”.
وانتقد الجميل “عدم سماح مجلس الوزراء لنا بأن نتحدث في أزمة النفايات ونتخذ قرارات”، مشيراً إلى أن “هناك من يعتبرون أن الكلام في الآلية أهم من معالجة هذا الملف”. وقال: “عيب أن نترك الناس بهذا الشكل للثلثاء (موعد جلسة الحكومة) وعيب أن نترك وزير البيئة ثلاثة أيام من دون شعور بالمسؤولية. ربما لا يسيرون على الطريق ولا يرون ما نراه ويعيشون في برج عاجي”.

نفايات طرابلس
وبرز أمس تخوف من أن تواجه مدينة طرابلس مشكلة تراكم النفايات بسبب نقص في عدد الآليات التي تعمل على رفعها. وعرض وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، المشكلة مع وفد من مجلس بلدية المدينة”. كما اتصل بالرئيس سلام لإطلاعه على حاجات مدن الفيحاء، وقال درباس إنه “بناء لتوجيهات الرئيس سلام، أجريت اتصالاً بالوزير محمد المشنوق لزيادة عدد آليات جمع النفايات، فأبدى موافقته على المشروع والتنسيق مع وزير الداخلية”.

لرمي النفايات أمام منازل الوزراء
وكان نائب “الجماعة الإسلامية” عماد الحوت التقى ممثلين عن مؤسسات المجتمع المدني ووضعهم بصورة التحركات التي يقوم بها نواب العاصمة مع رئيس الحكومة، وزير البيئة، رئيس مجلس بلدية بيروت وسائر المعنيين. وطالب الحوت “رئيس الحكومة بالدعوة لاجتماع طارئ للحكومة اليوم السبت لاتخاذ القرارات الضرورية لمعالجة أزمة النفايات الطارئة، وإيجاد الحلول السريعة بالإضافة إلى خطة استراتيجية لمعالجة جذرية لمشكلة النفايات”، داعياً “اللبنانيين إلى تجميع نفاياتهم أمام مقار الأحزاب والوزراء الذين يرفضــون تلبية هذه الدعوة الطارئة، فمصلحة المواطنين تتقدم على أي مزايدات”.
وتوقف الحوت “أمام منطق فدرالية النفايات التي يسعى البعض إلى تكريسها، مذكراً أن العاصمة بيروت تحتضن اللبنانيين من مختلف المناطق”، مؤكداً “تضامنه مع المناطق في ما يتعلق بموضوع الإنماء المتوازن”.

السابق
«الطيران المدني» يتصدّى لحرق النفايات قرب المدرجات ويطلب توسيع سياج المطار
التالي
اتصالات على خط السراي لإحياء الحكومة .. او لجنازتها