الأعطال والتعديات تزيد ساعات «العتمة» حتى مطلع آب النفايات : حلّ 2010 «طمرته» حكومة القمصان السود

نفايات

كتبت صحيفة “المستقبل” تقول: إشتدي أزمة تنفرجي.. أو تنفجري؟ سؤال ستحمل الساعات المقبلة الإجابة عنه ربطاً بالمسار الذي ستسلكه مجريات جلسة مجلس الوزراء المرتقبة غداً، وإن كانت طلائع هذا المسار لا تبشر خيراً تحت وطأة المواقف التهويلية الصادرة عن “الرابية” عشية الجلسة تمسكاً برفض إثارة أي بند على طاولة المجلس قبل بتّ موضوع “الآلية”، أما النفايات التي تطمر البلد وتتهدد صحة مواطنيه فهي في نظر تكتل “التغيير والإصلاح” ملف “لا دور لمجلس الوزراء فيه”!.. وإذا كان من دور اضطلع به مجلس الوزراء إبان حكومة “القمصان السود” التي تشكلت برئاسة نجيب ميقاتي في أعقاب إذاعة بيان الانقلاب “رقم واحد” على حكومة الرئيس سعد الحريري من “الرابية” ذاتها، فهو ما تمثل حينها بالحرص على إجهاض كل المشاريع الحيوية التي كانت قد أقرتها حكومة الحريري ومن بينها الخطة الوطنية لمعالجة النفايات الصلبة وما تضمنته من وضع حل جذري لهذا الملف سرعان ما بادرت حكومة ميقاتي إلى دفنه في “مطمر” الكيدية السياسية.
إذاً، وفي حين تفرض كارثة النفايات نفسها على مجلس الوزراء غداً وسط تأكيدات متقاطعة تشدد على الحاجة إلى حلول ناجزة وجذرية للأزمة، ذكّرت مصادر متابعة لهذا الملف عبر “المستقبل” بالقرار رقم 55 الصادر في 1/9/2010 إبان حكومة الرئيس الحريري والذي أقر خطة وطنية لمعالجة النفايات الصلبة في جميع المناطق اللبنانية وطلب حينها إلى وزير الداخلية والبلديات، بالتنسيق مع وزير المالية، إعداد مشروع مرسوم يرمي إلى تعديل المرسوم الرقم 1117 تاريخ 18/3/2008 المتعلق باستفادة كل بلدية، يتم في نطاقها إنشاء مطمر صحي أو معمل لمعالجة النفايات الواردة من البلديات الأخرى، من زيادة على حصتها في العائدات التي تترتب لها من الصندوق البلدي المستقل.
المصادر التي لفتت الانتباه إلى أن حكومة الحريري كانت تضم جميع الكتل السياسية، وكلّها وافقت على الخطة الوطنية، أشارت في السياق نفسه الى السرعة التي اعتمدتها الحكومة حينها في معالجة الملف، إذ تم تشكيل لجنة في 30/3/2010 برئاسة الحريري وعضوية وزراء المهجرين، الدولة لشؤون التنمية الإدارية، الداخلية والبلديات، البيئة، والطاقة والمياه، بالإضافة إلى رئيس مجلس الإنماء والإعمار، وكانت مهمتها اقتراح خطة إدارة النفايات الصلبة. ومن ثم، رفع الحريري التقرير المطلوب من اللجنة مع التوصيات والاقتراحات التي خلصت إليها اللجنة في 16/8/2010 وأقرها مجلس الوزراء بعد أسبوعين في 1/9/2010.
أما أبرز الاقتراحات الواردة في الخطة، فكانت اعتماد التفكك الحراري وتحويل النفايات إلى طاقة في المدن الكبرى، وإشراك القطاع الخاص وتسهيل مهامه بإدارة النفايات الصلبة على أن تتم عملية إشراكه من خلال ما يعرف بـturn key (من الجمع الى المعالجة النهائية) أو من خلال different operations (1 جمع- 2 معالجة)، وتكليف وزراة الطاقة والمياه باقتراح نص تشريعي يؤمن حق القطاع الخاص بإنتاج وبيع الطاقة المنتجة من تفكك النفايات، وتكليف مجلس الإنماء والإعمار بالتنسيق مع وزارة البيئة بالتعاقد مع استشاري عالمي لاختيار الحل الأمثل والآلية المثلى للواقع اللبناني، ووضع دفاتر الشروط الفنية للتصنيف الأولي لشركات التفكك الحراري، وتقويم الشركات وتصنيفها، ووضع دفاتر الشروط الفنية للمناقصة النهائية، وتكليف وزارة البيئة التعاقد مع استشاري عالمي لمراقبة جودة سير العمل ومع استشاري محلي للقيام بحملة توعية وإرشاد لتقبل تقنية التفكك الحراري. وتضيف المصادر أنه بعد الموافقة على الخطة المذكورة، تم وضع دفتر شروط والاستعانة بشركة دنماركية لتطبيق البنود التقنية منها. غير أنّ الانقلاب الذي حصل على حكومة الرئيس الحريري فرمل كل شيء، إلى أن جاءت حكومة الرئيس ميقاتي التي اعتمدت سياسة المماطلة المقصودة في متابعة تطبيق الخطة، كما أوقف تنفيذ قرارات أخرى اتخذتها حكومة الحريري، وصولاً إلى وضع الملف في الأدراج رغم أن رائحته كانت تفوح. وأردفت: لو أنّ ميقاتي الذي لم يكن يأبه ولا يهتمّ سوى لعرقلة المشاريع الحيوية التي باشر بها الحريري، واصل تطبيق الخطة، على اعتبار أنّ الحكم استمرارية، وبالسرعة التي اعتمدتها حكومة الحريري، لكانت معامل التفكك الحراري قائمة اليوم وتعمل منذ أكثر من سنة، مشددةً في ختام حديثها على كون هذه الخطة هي الحل الجذري الوحيد لمشكلة النفايات القائمة اليوم ولا بديل عنها في الأفق.
سيناريوات الحلول المؤقتة
أما على مستوى الحلول المؤقتة لأزمة النفايات بعد أن فاضت بها مستوعبات الشوارع والساحات في بيروت وجبل لبنان، فبدا السباق واضحاً أمس بين سيناريوات هذه الحلول وبين الرفض المناطقي لما هو مطروح منها، الأمر الذي من شأنه تحويل الأزمة إلى معضلة ما لم يتم التوصل إلى قرار موحّد ومقبول في جلسة مجلس الوزراء غداً.
وفي انتظار جلسة الغد، عُقد أمس اجتماع في السرايا الحكومية برئاسة رئيس مجلس الوزراء تمام سلام وحضور وزير البيئة محمد المشنوق ورئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر، علمت “المستقبل” أنه خُصّص لعرض المساعي الآيلة إلى إيجاد حلول للملف الساخن، خصوصاً الحلول المؤقتة في انتظار استكمال المناقصات واعتماد الحلول المناطقية وفق خطة وزارة البيئة التي أقرها مجلس الوزراء سابقاً. في حين حضر الملف وتراكماته وحيداً أمس على طاولة لجنة البيئة النيابية في حضور المشنوق، وسط تأكيد المجتمعين خطورة المشكلة وضرورة الوصول إلى خارطة طريق تؤمن حلولاً آنية ومستدامة للأزمة. ومن بين السيناريوات المطروحة لحل الأزمة بشكل مرحلي، ترحيل نفايات بيروت وضاحيتيها الى عكار مع إمكانية ضم نفايات مدن محافظة جبل لبنان، ومنها أيضاً اعتماد مكب برج حمود ومكب ردميات الـ”كوستابرافا” خلدة مؤقتاً لنفايات بيروت وضواحيها، من دون تغييب إمكانية إعادة العمل في مطمر الناعمة عين درافيل.. لكن يبقى أنّ هذه السيناريوات المتداولة دونها موجة اعتراض أهلي متعاظمة بدأت في الناعمة وحبالين وتمددت إلى صيدا والنبطية وعكار وكل المناطق المعنيّة.
وليل أمس خلص الاجتماع الاستثنائي للمجلس البلدي لمدينة بيروت برئاسة الدكتور بلال حمد إلى تبني جملة مقررات تمنت بموجبها على مجلس الوزراء تكليف شركة سوكلين الاستمرار في القيام بأعمالها كافة باستثناء أعمال الطمر تمهيداً لنقل النفايات بعد معالجتها وتعليبها إلى خارج بيروت الإدارية. كما أقر المجلس الطلب إلى الإدارة تحضير عقد اتفاق بالتراضي مع شركة تجارية لتأمين مكب للنفايات خارج مدينة بيروت، وإلى مجلس الإنماء والإعمار تزويده بالدراسة الاستراتيجية المعدة لمعالجة نفايات المدينة.
.. وازدياد ساعات “العتمة”
في الغضون، ارتفعت صرخة المواطنين مع ارتفاع وتيرة التقنين الكهربائي خلال الأيام الماضية بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة في البلاد. وأوضحت مصادر مقربة من مؤسسة كهرباء لبنان لـ”المستقبل” أنّ الخسائر التقنية وغير التقنية ازدادت في الآونة الأخيرة في ضوء تراجع إنتاج الطاقة الكهربائية نتيجة الأعطال والتعديات على الشبكة، مشيرةً إلى أنّ موجة الحر التي تسببت بالكثير من الأعطال تقف وراء التقنين القاسي الذي تمر به المناطق، علماً أنّ القدرة الانتاجية للمعامل القائمة بالإضافة إلى ما تنتجه الباخرتان التركيتان (فاطمة غول وأورهان بيه) لا تتجاوز 1400 ميغاوات في حين أنّ المجموعة المتوقفة عن توليد الطاقة في معمل الزهراني تقدر إنتاجيتها بـ225 ميغاوات. وتوقعت المصادر عودة انتظام التقنين الكهربائي إلى طبيعته السابقة بدءاً من مطلع آب المقبل.

السابق
«حرب النفايات»: كارثة بيئية وخطاب فدرالي!
التالي
الحريري وجنبلاط يقرّان التمديد لرئيس الأركان… ثم قهوجي