حركة أمل وتغييرات سياسيّة وتنظيميّة.. الانفتاح على الحركات الإسلامية والتمايز عن سياسة حزب الله

قاسم قصير

بعد انتهاء المؤتمر العام الثالث عشر لحركة أمل، ورغم التجديد للرئيس نبيه بري والقيادة الحالية للحركة، بدأنا نشهد بعض التغييرات السياسية والتنظيمية على صعيد الأداء الحركي، ما يشير إلى الحرص على تعزيز الدور الوسطي والحواري للحركة في مواجهة التحديات المختلفة، إن على الصعيد اللبناني الداخلي أو على الصعيدين العربي والإسلامي.

فقد بدأت قيادة الحركة اتخاذ بعض القرارات التنظيمية عبر تعيينات جديدة، كان أهمها تعيين مسؤول تنظيمي جديد للحركة في الجنوب، هو السيد محمد ترحيني بديلاً من النائب هاني قبيسي الذي كان يلعب دوراً سياسياً وتنظيمياً مهماً في الجنوب. كذلك شهدت الحركة بعض التعيينات الجديدة في اطار ضخ دماء جديدة في الجسم التنظيمي، وجرى إنشاء ملفات جديدة في اطار مهمات المكتب السياسي، كان أبرزها «ملف العلاقة مع الحركات الإسلامية في لبنان والعالم العربي»، وذلك في اطار الانفتاح على هذه الحركات والبحث عن النقاط المشتركة معها.

أما على الصعيد السياسي، فقد حرصت قيادة الحركة على إبراز التمايز مع حزب الله، وخصوصاً على صعيد الموقف من الملف اليمني والعلاقة مع السعودية، رغم استمرار التحالف الاستراتيجي مع الحزب في العديد من القضايا.

فما هي أبرز المواقف والتغييرات الجديدة في حركة أمل؟ وما سبب التمايز السياسي عن حزب الله في بعض الملفات، وخصوصاً الملف اليمني والعلاقة مع السعودية؟

 

التغييرات السياسية والتنظيمية

بداية ماذا عن التغييرات السياسية والتنظيمية التي اتخذتها حركة أمل بعد المؤتمر العام الثالث عشر؟

تقول مصادر مطلعة داخل حركة أمل إنه بعد انعقاد المؤتمر الأخير للحركة، ورغم التجديد للقيادة الحالية ورئيسها نبيه بري، قررت الحركة ضخ دماء جديدة في الجسم التنظيمي وإجراء تغييرات تنظيمية على مستوى المناطق والقطاعات والملفات، وذلك بهدف تعزيز حضور الحركة السياسي والشعبي ولمواكبة التطورات الجارية في لبنان والمنطقة.

وبعكس المعطيات التي يتحدث عنها بعض المحللين والإعلاميين عن تراجع دور الحركة، تؤكد المصادر القيادية في الحركة ازدياد هذا الدور وفعاليته في مختلف القطاعات التربوية والمهنية وعلى المستوى الشعبي والسياسي.

أما على الصعيد السياسي، فقد اتخذت قرارات جديدة وإفشاء ملفات لم تكن موجودة من قبل لتفعيل دور المكتب السياسي، ومن ضمن هذه الملفات، الاهتمام بالحركات الإسلامية في لبنان والعالم العربي، نظراً إلى تزايد دور هذه الحركات وتطورها، وتم تكليف أحد أعضاء المكتب السياسي هذه المهمة والطلب منه أعداد دراسات معمقة حول هذه الحركات والبحث في كيفية التواصل مع القوى والحركات الإسلامية.

كذلك جرى تعزيز الحضور الإعلامي للحركة من خلال اتخاذ مقر جديد للمكتب الإعلامي ولإذاعة الرسالة في الضاحة الجنوبية، بعد ان جرى سابقاً وقبل انعقاد المؤتمر العام بناء مقر جديد للقيادة التنفيذية في منطقة بئر حسن، وكل ذلك يؤكد فعالية الحركة وتزايد دورها في هذه المرحلة.

 

التمايز عن حزب الله رغم التحالف الثابت

لكن التطور السياسي الجديد في أداء حركة أمل، كان الحرص على التمايز عن مواقف حزب الله، ولا سيما على صعيد الموقف من القضية اليمنية والعلاقة مع السعودية، ما يشير إلى حرص الحركة على أداء دور جديد على الصعيد السياسي مع استمرار تحالفها مع الحزب في العديد من القضايا الاستراتيجية والداخلية.

فقد اتخذت قيادة الحركة قراراً بعدم إصدار أية مواقف على صعيد ما يجري في اليمن وعدم مجاراة الحزب في الحملة التي يشنها على السعودية وحلفائها.

بل إن الرئيس نبيه بري حرص خلال الأسابيع الماضية على عقد سلسلة لقاءات مع السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري والتداول معه في الوضع اليمني وكيفية الحفاظ على العلاقات المميّزة بين لبنان والسعودية.

كذلك شجَّع الرئيس بري كل المبادرات الحوارية ودعا لعقد حوا يمني – يمني والوصول إلى حلول سياسية للأزمة اليمنية واقترح استضافة الحوار في بيروت أو في سلطنة عُمان.

وتنطلق الحركة ورئيسها نبيه بري في هذه المواقف من ضرورة حماية العلاقات اللبنانية – الخليجية والتخفيف من أجواء الاحتقان المذهبي.

وتشير المصادر القيادية في الحركة إلى أن العلاقة مع حزب الله مستقرة وثابتة وهناك لقاءات تنسيقية مستمرة، لكن ذلك لا ينفي وجود بعض التمايز في الأداء السياسي والإعلامي إن على صعيد الوضع الداخلي أو بعض الملفات الخارجية.

وفيما تشير بعض المصادر المطلعة «إلى أن مواقف الحركة المتمايزة عن حزب الله هي نوع من توزيع للأدوار بين اتجاه متشدد واتجاه معتدل»، فإن المصادر الحركية تؤكد أن الحركة مقتنعة بأهمية تشجيع كل الأصوات المعتدلة لبنانياً وعربياً وإسلامياً، وان الرئيس نبيه بري يؤكد أهمية الحوار وضرورته، وهو الذي رعى وشجّع الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله، وهو مستعد لدعم أي حوار إسلامي – إسلامي، وعربي – إيراني، وان لا خيار للبنانيين والعرب والمسلمين إلا العودة للحوار والتفاهم في ظل الأزمات المتصاعدة في المنطقة.

(الأمان)

السابق
قيادةٌ فلسطينيةٌ هرمةٌ وأخرى أزمةٌ
التالي
حزب الله : عدد شهداء المقاومة في مواجهات القلمون ثلاثة