مستشفى الحريري ينهار واستقالة رئيسه تنتظر الحكومة

منذ تأسيسه ومستشفى “رفيق الحريري الجامعي” ينوء تحت عجز اداراته المتعاقبة التي أوصلته الى حد الانهيار. ويبدو ان الادارة الجديدة التي اعلن رئيسها استقالته قبل أكثر من اسبوع، قررت الانضمام الى هذه القافلة عبر موافقتها على عدد من المطالب التي رفعت إليه من موظفي المستشفى، متغاضية عن سبل تمويلها، علماً أن كلفتها تناهز الملياري ليرة سنوياً وهو مبلغ يعادل ايرادات المستشفى الشهرية.

هذه المطالب وان كانت محقة، إلا أنها تزيد من الاعباء التي يرزح تحتها المستشفى، والتي تضاف الى خسارته الشهرية التي تقدر نحو مليار ونصف المليار ليرة. وهنا لا بد من التذكير بما كان صرح به وزير الصحة وائل ابو فاعور لـ “النهار” عن أن مطالب الموظفين محقة، ولكن وضع المستشفى المالي لا يسمح بتلبيتها حاليا، لأن الاولوية برأيه هي لإنقاذ المستشفى ماليا ومن ثم تحسين أوضاع العاملين فيه”.
وكان مجلس إدارة المستشفى قد وافق في الجلسة التي عقدها أمس على عدد من المطالب التي رفعت إليه من موظفي المستشفى. وتلا رئيس مجلس الإدارة المدير العام المستقيل الدكتور فيصل شاتيلا، عقب الجلسة، على الموظفين المنتظرين قرارات المجلس، بياناً ضمنه الموافقة على الأمور الآتية:
1 – إفادة المستخدمين والمتعاقدين في المستشفى من منحة دراسية لا تقل عن تلك التي يتقاضاها موظفو الإدارات العامة.
2 – افادة الموظفين من الشهر 13، مع الإشارة إلى أن بعض العاملين في المؤسسات العامة يستفيدون من أكثر من ذلك.
3 – إعطاء الأجراء زيادة دورية على أجورهم تعادل 5% عن كل 24 شهر عمل فعليا يقضونها في الخدمة تعويضاً عن حرمانهم من التدرّج كل سنتين.
وختم شاتيلا البيان بالتمني على وزير الصحة الموافقة على هذه المطالب والعمل مع المراجع المختصة، من دون تحديدها، على وضعها موضع التنفيذ.
تجدر الإشارة إلى أن مجلس الإدارة استهل جلسته بالاستماع إلى مطالب الهيئة التأسيسية لنقابة مستخدمي ومتعاقدي المستشفى، والتي تقاطعت في معظمها مع المطالب التي تقدمت بها إليه لجنة موظفي المستشفى في جلسة المجلس السابقة.
ويرى البعض ان الذي جرى بالأمس هو محاولةً لإحراج وزارة الصحة، خصوصا أن بيان الإدارة لم يحدد غيرها بالاسم، والضغط عليها لقبول إعطاء مساهمة من موازنتها من دون أي مقابل إصلاحي. فهل تنجح هذه المحاولة حيث لم تنجح استقالة رئيس مجلس الإدارة المدير العام؟
فما هو رأي الدكتور شاتيلا؟
يدرك شاتيلا الوضع المالي الصعب للمستشفى، ولكنه يعتبر أن مطالب الموظفين محقة وتاليا يجب انصافهم لكي يكونوا مرتاحين لتزداد انتاجيتهم. وأكد لـ “النهار” أن مطالبهم أصبحت عند وزير الصحة الذي يتابع الموضوع عبر مستشاريه.
هل هذا يعني أن وزير الصحة موافق عليها؟ أوضح شاتيلا أنه يتم التنسيق بهذا الشأن مع مستشار وزير الصحة. وكان أبو فاعور قد اجتمع مع لجنة موظفي المستشفى التي اطلعته على مطالبها، معتبرا أن كلفة هذه المطالب ليست كبيرة وتقدر بملياري ليرة سنويا. “نحاول أن ننقذ البشر والحجر”، لافتا الى أن موافقة مجلس الادارة على المطالب كانت بمثابة الخطوة الاولى، على ان ينقلها وزير الصحة الى مجلس الوزراء للموافقة عليها.
أما عن التمويل، فأشار الى أنه يجب أن يضاف الى مساهمة الدولة التي تبلغ 20 مليار ليرة، لافتا الى أن كل المستشفيات الجامعية مثل الجامعة الأميركية تدعمها دول، وهكذا الحال بالنسبة الى مستشفى الحريري الذي يجب أن تدعمه الدولة.
وإنقاذ المستشفى برأيه يتطلب نحو 35 مليار ليرة دفعة واحدة، وتتمثل بتوفير: 20 مليار ليرة كمساهمة سنوية، و10 ملايين دولار للمعدات الطبية، و12 مليون دولار لمجلس الإنماء والإعمار لكي يتم اعادة تأهيل المستشفى، وتسديد ديون تعود للموردين كانت تقدر بنحو 64 مليار ليرة (تم تسديد 15% منها)، تضاف اليها مستحقات الاطباء. وعدم حسم سلف مجلس الإدارة القديم والتي تبلغ نحو 61 مليار ليرة.
ماذا عن قرار الاستقالة هل هو نهائي؟ يؤكد شاتيلا أن قبول استقالته يتطلب موافقة مجلس الوزراء، “حتى الآن لا افكر في الرجوع عنها، إلا إذا قرروا المضي بالخطة الانقاذية، حينها يمكن أن أفكر في الموضوع”.
يبدو أن إدارة مستشفى الحريري قرّرت ألا تأخذ في الاعتبار وضع المستشفى المالي المنهار، المتمثل بمستوى المديونية العالي، الذي ترتب بفعل العجز المتراكم خلال الاعوام التي خلت، وبخفض إيرادات المستشفى إلى حد يكاد لا يسمح له بدفع رواتب العاملين فيه وأجورهم، فكيف بالمصاريف التشغيلية الأخرى. إذ أن المؤسسة التي تدير المستشفى، المستقلة إدارياً ومالياً وفقاً لأنظمتها، والمفلسة منذ مدة طويلة بمعايير القطاع الخاص، لا تستطيع حتماً الإيفاء بوعودها استنادا إلى إيراداتها الذاتية. فلماذا إذاً تعطي أشياءً لا تملكها؟ فهل المقصود إلزام خلفه مرحلة الاستقالة، أم احراج وزارة الصحة، كون اقتراح التمويل من موازنتها وليس من ايرادات المستشفى الهزيلة اصلا؟

(النهار)

السابق
رئيس اليمن المستقيل غادر صنعاء
التالي
هذا ما يجب القيام به عند التسمم الغذائي