لبنان الجديد.. العقدة والحَلّ

لبنان
إنَّ عملية حلّ العقدة تكمن بتطوير أسلوب الحكم وتعزيز المشاركة إنطلاقًا من روحية إتفاق الطائف وتطوير أسلوب الحكم من خلال طرح نظم إنتخابية متطورة وأقرب للمدنية من التقسيم الطائفي وكذلك من خلال تطبيق اللامركزية وإعطاء المناطق حصتها من الصندوق اللّامركزي.

يتم الحديث دائمًا عن الشرق الأوسط الجديد وعن خرائط يتم تركيبها في الخارج كَحَل في المنطقة فيتداولها السياسيون كما الناشطون على مواقع التواصل الإجتماعي بكل ثقة حتى تراهم يتحدثون عنها بطلاقة ويدافعون عن بعض وجهات النظر كالمؤمن بها أو كصاحب الحق الحصري في الحديث عنها.

وفي كل حديث أسمعه منهم أسأل نفسي هل سألوا أنفسهم يومًا ما عن لبنان الجديد؟ كيف يريدونه أن يكون؟ ما هي عيوب لبنان اليوم؟ هل فكروا يومًا لماذا أتهجم أحيانًا على اللجوء بالرغم من إيماني بوجود ظلم واقع على هؤلاء اللاجئين؟ هل من ردّ عليِّ حينما تحدثت عن اللجوء الفلسطيني وفكر يومًا أن يقرأ ماذا فعلت منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان؟ أو فكر بأن ينظر إلى مضمون إتفاق القاهرة مثلًا؟ هل فكر أحدهم في لبنان بعد إتفاق الطائف أن يصب تركيزه على تطبيقه؟ هل فكرتم يومًا بأنَّه وبالرغم من الكثير من الشوائب التي يتضمنها الطائف، لماذا لم يبادروا إلى تطبيقه؟

هل سألتم أنفسكم يومًا عن تمسكهم بقانون الستين للإنتخابات النيابية؟ هل سألتم ما هي فائدة الخطاب الطائفي الذي ينتهجه الجميع كلٌ بحسب التوقيت الذي يراه مناسب ليهيج مناصري هذا الخطاب؟ هل سأل أحدكم يومًا ما لماذا لا يريدون لكم أن تجلسوا معًا في مجلس بلدي مشترك؟ هل فكرتم لماذا لا تُنتخب البلديات على أساس نسبي؟ هل سألتم أين هي أموال الصندوق البلدي المستقل؟ هل سألتم عن خلافاتهم العميقة حول تلزيم النفط في مياهنا الإقليمية؟ هل سألتم لماذا إستيقظوا ليخبرونكم بأنهم يطعمونكم طعامًا فاسدًا منذ عشرات السنين؟ وأطرح سؤال يهمني كثيرًا، هل سألتم لماذا لا يريدون لكم تطبيق اللامركزية؟

اليوم سأخبركم القصة كاملة، قصة العقدة والحل. العقدة لديهم أن تكونوا أحرار ومشكلة الحل من خلال تطبيق سياسة مشاركة عصرية هو بتحريركم وبالتالي هو بحل هذه العقدة. هنا سيخرج كثيرون ليقولوا لي بأنّ سلاح الحزب يعرقل مشاريعهم، وبكل بساطة أقولها مع كامل الثقة بأن سلاح هذا الحزب لن يُحَلّ بدون هذا الحَل.

وقد لفتني مؤخرًا مقابلة لإحدى الشخصيات الشيعية المعارضة التي ورثت السياسة عن بيت سياسي كباقي البيوت في لبنان، وخلال حديثه لم يقنعني بأي شيء فكيف له بإقناع بيئة يسيطر عليها فكر إستراتيجي عميق يخطط وينفذ بشتى الأساليب ولديه مشروع إيديولوجي (idéologie) واضح. هذا المشروع لا يمكن محاربته بالحرب والدمار لأن شارعه سيقف صفًا واضحًا إلى جانبه وستترسخ عنده صوابية قضيته وستزيد قناعتهم بهذه الإيديولوجيا، وأكبر دليل على ذلك هي النبرة الدينية التي إتبعها البعض في حالة من اللاوعي الخطابي والتي تكشف دائمًا بعض الثغرات في الخطابات الطائفية.

في الخلاصة اليوم، إنَّ عملية حلّ العقدة تكمن بتطوير أسلوب الحكم وتعزيز المشاركة إنطلاقًا من روحية إتفاق الطائف وتطوير أسلوب الحكم من خلال طرح نظم إنتخابية متطورة وأقرب للمدنية من التقسيم الطائفي وكذلك ومن خلال تطبيق اللامركزية وإعطاء المناطق حصتها من الصندوق اللامركزي.

السابق
اقفال مستودع حبوب في صور
التالي
المولوي في جامع النور بحماية «فتح الاسلام»