لماذا استخدم حزب الله صاروخ «كورنت 4» رغم عدم الحاجة إليه

استبقت إسرائيل خطاب أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله، الذي سيدلي به اليوم، بالإعلان عن سلاح نوعي استخدمه الحزب في عملية شبعا أول من أمس، تمثل بإطلاق 5 صواريخ من نوع «كورنت 4»، وهو ما ينضم إلى سلسلة من أسلحة متطورة يعلن عنها الحزب في الآونة الأخيرة، بهدف «تأكيد امتلاكه القوة العسكرية المتطورة»، و«تثبيت معادلة الردع في المواجهة»، كما قال باحث استراتيجي مقرب من حزب الله لـ«الشرق الأوسط».

ويلقي نصر الله اليوم الجمعة خطابا يتضمن «الإعلان عن مواقف هامة»، وصفته مصادر مطلعة على موقف حزب الله، لـ«الشرق الأوسط»، بأنه «خطاب مفصليّ»، متحفظة عن الإدلاء بأي ملامح من الخطاب، كون «الأمين العام هو المعني مباشرة بالكشف عن المواقف».
ويُعتبر الخطاب اليوم، الأول لنصر الله منذ مقتل 6 عناصر من الحزب وجنرال إيراني في استهداف مروحية إسرائيلية لموكبهم في القنيطرة السورية في 18 يناير (كانون الثاني) الحالي.
ويعتقد مقربون من الحزب أن خطاب نصر الله «سيتضمن دخول الحزب في مرحلة جديدة».
وقال الباحث الاستراتيجي أمين حطيط لـ«الشرق الأوسط» إن نصر الله «سيشدد على الرد على العملية العسكرية في شبعا، والرسائل التي وجهت إلى إسرائيل عبرها، وتأكيد مفاهيم سابقة بالنسبة لوحدة الجبهة بين الجولان وجنوب لبنان»، مرجحا في الوقت نفسه أن يتحدث عن الوضع الإقليمي، ويؤكد أن الصراع مع إسرائيل «دخل مرحلة جديدة بعد فشلها باستهداف محور المقاومة».
وكشفت إسرائيل أمس عن سلاح نوعي جديد يمتلكه الحزب، عشية إطلالة نصر الله، إذ ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن الصواريخ التي استخدمت في العملية في شبعا بجنوب شرقي لبنان أول من أمس، هي من نوع «كورنت» من الجيل الرابع المضادة للدروع، وتستخدم لأول مرة في جنوب لبنان، علما بأن دخولها في الاستخدام العسكري عالميا بدأ بعد حرب يوليو (تموز) بين لبنان وإسرائيل في عام 2006.
وكانت 5 صواريخ من طراز «كورنت 4» أطلقت من جنوب لبنان باتجاه قافلة عسكرية إسرائيلية مؤلفة من 9 آليات في منطقة شبعا الحدودية مع هضبة الجولان السورية، أول من أمس، وأدت إلى مقتل جنديين إسرائيليين بينهما ضابط، وجرح 7 آخرين.
ويرى خبراء عسكريون أن استخدام حزب الله لصواريخ متطورة جدا «ينطوي على دلالات في الحرب النفسية ضد إسرائيل»، كما قال رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات العسكرية الدكتور هشام جابر لـ«الشرق الأوسط»، مشيرا إلى أن الهدف الثاني من استخدامها «يتمثل في التأكد من تحقيق الإصابة».
وتتجاوز قوة الخرق التي يتمتع بها الجيل الرابع من «كورنت»، التصفيح الإسرائيلي لدبابة الميركافا 4.
ويعد صاروخ «كورنت» الروسي الصنع من أهم الصواريخ الموجهة المضادة للدروع التي تضمنتها ترسانة حزب الله العسكرية، وكان استخدم أجيالا سابقة منها، مثل الجيلين الأول والثاني، في حرب يوليو 2006 ضد القوات الإسرائيلية، وأسفرت عن تدمير عشرات الدبابات في جنوب لبنان، قبل أن تحدّث إسرائيل مدرعاتها بصفائح تمنع الجيلين الأولين من الصاروخ من اختراقها. ودخل الجيل الرابع منه حيز الخدمة في عام 2008، ويُعتقد أن حزب الله امتلكه في عام 2009.
بدوره، أوضح حطيط، وهو جنرال متقاعد من الجيش اللبناني أيضا، أن حزب الله، بعد حرب عام 2006، «راكم قوته النارية كمًّا ونوعا، وكان من وقت إلى آخر يعلن عن هذا الأمر، وكان آخرها إعلان نصر الله أن الحزب يمتلك صواريخ فاتح 110 الإيرانية، التي يبلغ مداها 300 كيلومتر».
وأضاف: «لكن التعامل مع العدو لا يكفي بالحديث عن هذه الترسانة، إن لم يكن الإعلان مقترنا بحدث مادي ميداني، كي لا يبقى موضع تشكيك».
وقال إن الحزب «معني بشكل رئيس بأمرين، هما امتلاك القوة الحقيقية في الميدان، وتثبيت القوة الرادعة في المواجهة»، موضحا أنه «فيما يتعلق بالقوة في الميدان، فإنه يحتفظ بها للمفاجآت، ويظهر بعض الأشياء في القوة الرادعة»، مشيرا إلى أن «إظهار استخدامه لصواريخ (الكورنت 4) يندرج تحت إطار خدمة القوة الرادعة، فيما يحتفظ بالسلاح الأفعل لمنطق القوة الفاعلة».
ولم تكن المدرعات الإسرائيلية التي تم استهدافها تحتاج إلى هذا النوع من الصواريخ، إذ كان يمكن أن تُستهدف بصواريخ من الجيلين الأول والثاني التي تعرف إسرائيل أن الحزب يمتلكهما، أو منظورة صواريخ أخرى موجودة بحوزته مثل «الكونكرس»، نظرا إلى أن القافلة لم تكن تتضمن دبابات الجيل الرابع من الميركافا الإسرائيلية التي طورت لمنع صواريخ الكورنت من اختراقها.
ورأى حطيط أن لجوء الحزب في هذه المرحلة إلى استخدام الصاروخ «ردّ واضح على محاولات إسرائيل هز معادلة الرد، وكان أقصاها حين استهدفت موكب الحزب في الجولان، انطلاقا من اعتبارها أن حزب الله استنزف القوة الرادعة في سوريا، أو فقدها، ما اضطره للإعلان عن استخدام القوة الرادعة».
وقال: «مصلحة حزب الله في استخدامها تنقسم إلى سببين، الأول عائد إلى الحزب نفسه، كي يختبر سلاحا جديدا في الميدان، ويفعّل المعنويات ويساعد بالتعزيز المعنوي، كما أنه رسالة إلى إسرائيل خدمة لمنطق الردع».
وأشار إلى أن الأهداف التي حققها رماة الصواريخ «انعكست طمأنينة عند المقاتلين بأن هذا السلاح فاعل في أي مواجهة محتملة».
ويأتي الكشف عن هذا الصاروخ بعد أسبوعين على إعلان نصر الله عن امتلاك حزبه صواريخ «فاتح 110» الإيرانية التي تحمل رؤوسا متفجرة بوزن نصف طن، وقادرة على إصابة أهداف في عمق إسرائيل.

(الشرق الاوسط)

السابق
لماذا تنضم السويديات الى «داعش»!!
التالي
تغييرات «استباقية» كاسحة في السعودية