«مسيرة الانخراط في الحرب السورية»: هو مسيرة جرّ لبنان الى الحرب الاهلية الإقليمية

في اطار فعاليات اليوم الثاني عشر من المعرض الـ58، نظمت دار شرق الكتاب ندوة حول كتاب ندوة “مسيرة الانخراط في الحرب السورية” للكاتب أنطوان الحداد شارك فيها الوزير السابق طارق متري، النائب سمير فرنجيه والصحافي علي الأمين في حضور حشد من المهتمين والمثقفين.

قدمت الندوة رلى كساب حداد واعتبرت أن الندوة يحمل عنوانا “يورطنا” اذا جاز التعبير بالقضية التي تهز لبنان كل يوم، واعتبرت أنه لا مبالغة في القول ولا مديح ولا تكلف اذا ما قلنا أن نصوص الكتاب قادرة على أخذ موقعها في مجرى الأحداث في لبنان والمنطقة وتحديدا في سوريا التي تأخذنا مشاركة “حزب الله” في الحرب هناك الى قلب النزاع في المنطقة والى الأزمة اللبنانية التي لم تعرف مستقرا بعد مضي ربع قرن على ولادة اتفاق الطائف الذي لا تزال هناك اصوات تدعو الى مناقشته او مراجعته وحتى الانقلاب عليه.

متري

واعتبر الوزير السابق طارق متري أن الكتاب موضوع الندوة نوع جديد من الكتابة ولا شك أننا نغتني بالكتابة السجالية في متن، وقال: لبنان يقترب من الهاوية دون أن يهوى، صرفنا جهودا وطاقات كثيرة لا لكي نبني دولة وتصالحا سياسيا ونقوم بنهضة بل صرفنا جهودا لنبعد عن الهاوية”.

وأضاف “انا كنت أطمح بالإسهام في الاصلاح لكن ساهمت مع البعض بإبعاد لبنان عن الهاوية، وهو كان ساحة صراع مفتوح إقليميا واليوم انتقل الصراع الى سوريا، وهذا يحمي لبنان لكن ليس كثيرا خصوصا في ظل الشائعات التي تحولت الى وساوس مثل تحويل شبعا الى عرسال ثانية”.

وعن انتخاب رئيس للجمهورية، شدد متري على أن هذا الموضوع هو بيد عدد معيّن من النواب معروفون بإتجاهاتهم وميولهم، وهناك من لا يزال يحسب أنها مسألة إقليمية أو أنّ رئيس الجمهورية هو ورقة تُعطى لجهة إقليمية ما في وقت ما كي تحصل على مقابل لاحقا. وهناك من يحسب أنّ انتخابات رئاسة الجمهورية  هي مسألة مطروحة على طاولة التفاوض الدولي وعلى قائمة أوليات العالم وانتقال الصراع الى سوريا وانخفاض مرتبة لبنان يُعزّزان من فرص انتخاب رئيس للجمهورية.

فرنجيه

استهل النائب فرنجيه مداخلته بالقول: وجدت نفسي أمام مشهد قديم يعاد إحياؤه اليوم بصيغة جديدة. من معالم هذا المشهد  الجديد القديم: دولة عاجزة يتحكم بقرارها “مارونية سياسية ” من طبيعة طائفية مختلفة، ويتلخص دورها في ” تنظيم الخلاف ” و” إدارة الإشتباك” في ظل معادلة “الأمن مقابل الفراغ”، إنقسام مذهبي حاد يذكر بالإنقسام الطائفي الذي كان في أساس حرب لبنان، مؤسسة عسكرية تتعرض لمحاولات توريط متزايدة في الإنقسام المذهبي وتذّكر بما حصل مع الجيش في العام 1976 قبيل إنقسامه وبروز ما سمي آنذاك “جيش لبنان العربي”، إنهيار لنظام القيم شبيه بم حصل في نهاية الحرب الأهلية مع عصابات الخطف وعصابات تصنيع المخدرات وترويجها ومافيات الأطعمة والأدوية ومراهنات خارجية تكّرر تجارب ماضية دفع اللبنانيون ثمنها غالياً.

وتطرق الى جديد المشهد المكرر الذي لخصه بأمران الأول هو إقدام فريق من اللبنانيين على خوض حرب خارجية وراء الحدود وهذا امر لم يحدث من قبل والحجة المعتمدة لتبرير هذا التدخل – الذهاب للقتال في سوريا لتجنيب لبنان حربا داخلية – هي حجة غير مقنعة، بدليل ما شهدته الضاحية الجنوبية من تفجيرات، ردا على التدخل في سوريا وما تشهده المنطقة الحدودية من قتال يدفع فيه الجيش اللبناني أثمانا باهظة. وقد ساهم هذا التدخل في توسيع رقعة الصراع المذهبي ليشمل عددا من الدول العربية.

وأكمل بالقول: اما الأمر الثاني فهو انكسار المعادلة التقليدية التي تقضي بان تتحول خسارة فريق بالضرورة ربحا للفريق الخصم. ان فريق 8 آذار وعلى رأسه حزب الله هو من دون أي شك على طريق الخسارة، ذلك أنه يخوض حربا لا يمكنه الخروج منها منتصرا. فكل ما يستطيع انجازه هو تأخير سقوط نظام لم يعد في أي حال من الأحوال قادرا على استعادة سلطته على البلاد. وكلفة هذه الحرب العبثية مرتفعة بشريا وسياسيا. لكن هذه الخسارة المحتومة لا تعني ربحا للفريق الآخر.

وأشار الى أنه استلمت القوى السياسية المتصارعة السلطة ولم تستطع انجاز ما تريده. قوى 14 آذار عجزت عن احداث تغيير في طبيعة السياسة, وقيل آنذاك إن العقبات التي وضعها الفريق الآخر بدعم من سوريا حالت دون ذلك. أما قوى 8 اذار التي استلمت السلطة في العام 2011 فكان الفشل أيضاً من نصيبها. وقيل لتبرير الامر إن الثورة التي اندلعت في سوريا هي التي حالت دون إنجاز “التغيير والاصلاح” الموعودين.

واعتبر فرنجيه أن الأزمة في حقيقة الأمر ليست في الادوات السياسية المعتمدة لكي يتم حلها باستبدال فريق بآخر، إنما هي في طبيعة السياسة المعتمدة التي لم يعد ممكناًونحن على أبواب الانخراط في الحرب السورية أن تبقى قائمة على مبدأ الفرز التمييزي… إن الانجاز الوحيد الذي تحقق في هذه المرحلة، وهو “انتفاضة الاستقلال” لم يكن فعل قوى سياسية بقدر ما كان فعل الناس الذين تحركوا بقرار ذاتي، لم يأتوا إستجابة لنداء من خارجهم، بل اعتبر كلّ منهم نفسه، وعلى طريقته، شريكاً أصلياً في المعركة الدائرة.

وختم بالقول: نعيش في لحظة تاريخية بالغة الأهمية بين عالم قديم يتهاوى وعالم جديد يجهد للظهور والسياسة المطلوبة هي التي تساعد هذا العالم الجديد على البروز لا تلك التي تحاول تاييد اللحظة الراهنة.

الأمين

اعتبر الأمين بداية أن موضوع الكتاب “مسيرة الانخراط في الحرب السورية” بالطبع هي مسيرة جرّ لبنان الى هذه الحرب الاهلية الإقليمية المحلية الدولية الكبيرة، وللأسف تمّ ذلك بإرادة ذاتية حينا او بفعل التطورات السياسية والاجتماعية التي كشفت هشاشة الدولة اللبنانية في وطننا وضعف الاجماعات الوطنية، وكشفت الى ايّ مدىً هو سهلٌ الاستثمار في الجهل الوطني اللبناني الذي لا ندّعي البراءة منه.

وأضاف: وبالتأكيد لا ينطوي القول هذا، على رغبة جامحة للاستعلاء على امثالنا من المواطنين اللبنانيين مهما كان انتماؤهم الديني او كانت ميولهم السياسية. بل هي محاولة ابتدائية لاستنهاض لبنانيتنا. تلك التي نعتقد انّها الجوهرة الكامنة في عمق كل لبناني، مهما استفحلت عواصف المذهبية والطائفية… لبنانيتنا هي شرط حياتنا، بما تعني الحياة من عيش وتحدَ لانتمائنا الانساني، وتنظيم للعيش فيما بيننا كمواطنين ومجموعات ضمن شروط المساواة في الحقوق والواجبات والحق في الحياة، وتوفير فرص الحياة الكريمة.

 

السابق
88 مليون دولار للاجئين السوريين
التالي
شجرة ميلاد «بيئية»