جيرو يُطلق المبادرة الفرنسية لمرشّح توافقي المخطوفون

كتبت “النهار” تقول: فيما اتسمت انطلاقة مهمة الموفد الفرنسي مدير دائرة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية جان فرنسوا جيرو في بيروت ببعد بارز، أظهرت معه فرنسا جدية كبيرة في طرح نفسها وسيطاً محايداً لدى اللبنانيين للتوافق على رئيس جديد للجمهورية، ظلت التعقيدات المتفاقمة في ملف العسكريين المخطوفين في صدارة الهموم الرسمية السياسية والامنية. ولعل مشهد هذه التعقيدات اكتسب بعداً طارئاً من الخطورة عقب اعلان قطر سحب وساطتها في ملف المخطوفين من غير ان تتبلور بعد الاحتمالات التي سترسو عليها اي قناة تفاوضية جديدة علما ان تقدم “هيئة علماء المسلمين” بعرضها لتولّي التفاوض بدا مشوباً بتعقيدات من نوع جديد سواء من حيث الشروط التي طرحتها لتولي هذه المهمة أو من حيث امكان موافقة الحكومة على التكليف اولا وتاليا بأي شروط تقبل بها.

ولم يخفِ رئيس الوزراء تمام سلام هذه التعقيدات اذ اكد في حديث الى “وكالة الصحافة الفرنسية” عشية توجهه غدا الى باريس في زيارة رسمية انه “لم يقل يوما انه متفائل في قضية الرهائن وقلت باستمرار انه لا يمكنني ان أعد بشيء وإنه وضع صعب جداً ومعقد جدا”.

وطرحت “هيئة علماء المسلمين” مبادرة أبلغتها أولاً لمفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان تقوم على ركيزتين: الاولى اطلاق النساء الموقوفات فوراً، والثانية قبول الدولة بمبدأ المقايضة مشترطة ان تكلف الحكومة الهيئة رسميا المضي في وساطتها.
وعلمت “النهار” ان لقاء وفد “هيئة علماء المسلمين” ورئيس الوزراء مرجأ الى ما بعد عودته من زيارته الرسمية لباريس السبت المقبل، كما أن الشروط التي تطلبها الهيئة تقتضي موافقة من مجلس الوزراء، خصوصا وان المبادرة تنطلق من مطلب اطلاق النساء الموقوفات، ومن تفويض رسمي من الحكومة وقبولها مبدأ المقايضة، وهي شروط تحتاج الى موافقة إجماعية من مجلس الوزراء، وهذا ما يتطلب طرحه في جلسة للمجلس الاسبوع المقبل.

وقالت مصادر مواكبة لـ”النهار” ان الشروط التي تضعها الهيئة لا يمكن ان يجمع عليها مجلس الوزراء، ولذلك من المستبعد أن تعطى الهيئة تكليفاً، أو أن يتم القبول بمقايضة مفتوحة، خصوصاً أن أسماء ممن يتصدّرون لائحة مطالب الخاطفين يصعب الافراج عنهم، وأولهم من لهم علاقة بتفجيرات مثل عمر الأطرش ونعيم عباس.

في هذا الوقت، تبدأ الهيئة اليوم تحركاً في اتجاه عدد من المسؤولين، يستهل بلقاء مع المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابرهيم، ومن ثم مع كل من وزيري الداخلية والعدل نهاد المشنوق واشرف ريفي، ورئيس المحكمة العسكرية العميد خليل ابرهيم، ومع آخرين لم تحدد مواعيد معهم بعد.

وعلمت “النهار” من مصادر وزارية ليل امس، ان المشاورات التي أجراها الرئيس سلام مع عدد من الوزراء أفضت الى اتجاه الى عقد جلسة استثنائية لمجلس الوزراء اليوم قبل سفره الى باريس للنظر في التطورات التي حصلت في ملف العسكريين المخطوفين. لكن المصادر استبعدت إعطاء “هيئة علماء المسلمين” تفويضا خطيا إذ لا وجود لموافقة شاملة في مجلس الوزراء على هذا الطلب لكون الهيئة، استنادا الى تجربة سابقة معها، وضعت الحكومة أمام وعود والتزامات لم تحصل على إذن مسبق بتعهدها. وقالت ان الحكومة حاليا هي في وضع العناية الفائقة ويحرص الرئيس سلام على عدم تعريض الوضع الحكومي لأي اهتزاز قد يكلف لبنان استقراره السياسي.

جيرو
في غضون ذلك، بدا الجانب الآخر من المشهد السياسي مركزا على اللقاءات التي عقدها الموفد الفرنسي والتي شملت في يومها الاول تباعا رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس سلام والرئيس نجيب ميقاتي ووزير الخارجية جبران باسيل والرئيس فؤاد السنيورة مع نواب من كتلة “المستقبل” والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ورئيس حزب “القوات اللبنانية ” سمير جعجع ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، على ان يستكمل جولته اليوم بلقاءات مع الرئيسين ميشال سليمان وامين الجميل والعماد ميشال عون وممثل لـ”حزب الله”.

وعلمت “النهار”، ان المحادثات التي أجراها جيرو تركزت في شكل أساسي على استحقاق الانتخابات الرئاسية. وعلم من أوساط الشخصيات التي التقاها ان الفرنسيين عندما كانوا يطرحون منذ أشهر مع الايرانيين موضوع الانتخابات الرئاسية في لبنان كانوا يسمعون جواباً مفاده أنه لا يزال هناك متسع من الوقت لطرحه. لكن الجديد كان في مبادرة طهران قبل ثلاثة أسابيع الى الاتصال بباريس لتعرب عن اهتمامها بالاستحقاق الرئاسي وهذا ما شجع الجانب الفرنسي على بدء مشاورات قادته الى بيروت. وفهم ان الديبلوماسي الفرنسي حرص على الاستماع الى اراء مضيفيه وما هي توقعاتهم في شأن الشخصية التي يعتقدون أنها مؤهلة لكي تلقى تأييدا في الانتخابات الرئاسية إذا ما أجريت.

ولفت في التصريح الوحيد الذي ادلى به جيرو من السرايا اعلانه ان “الفراغ الرئاسي في لبنان يقلق فرنسا والعديد من الشركاء”، موضحا انه “في مواجهة هذا المأزق فرنسا تتحرك بتجرد ونزاهة وتضع نفسها وطاقتها في خدمة لبنان لأن الانتخاب الرئاسي مسألة وطنية لبنانية وفرنسا ليس لديها مرشحون او فيتو”. ودعا اللبنانيين الى ان “يحزموا امرهم ويختاروا رئيس دولتهم دون تدخل خارجي وان يتفاهموا في ما بينهم حول اسم المرشح”، مؤكداً ان فرنسا “تقترح ان تسهل الوصول الى اتفاق اذا كان لبنان يرغب في ذلك”.

واسترعى الانتباه في هذا السياق تلقي الرئيس سعد الحريري مساء امس اتصالاً هاتفياً من الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند من دون معرفة المواضيع التي تناولها.

حماده
على صعيد آخر، عاود امس النائب مروان حماده استكمال الادلاء بشهادته امام المحكمة الخاصة بلبنان في لاهاي متحدثا عن مرحلة الاشهر القليلة التي سبقت اغتيال الرئيس رفيق الحريري حيث كان يسعى الى تشكيل حكومة وحدة وطنية تعيد بعض التوازن الى البلاد لاحتواء النفوذ السوري الذي وضع يده تماما على النظام اللبناني. وتطرقت الشهادة الى محاولة اغتيال حماده نفسه الذي كشف ان كل ملفات التحقيقات في جرائم الاغتيالات كانت المخابرات السورية “تخطفها” في الساعات الاولى بعد الجرائم. كما كشف ان الموفد الدولي تيري رود لارسن طلب من الحريري ألا يبقى في لبنان.

عرسال
على الصعيد الأمني، اتخذ الجيش امس اجراءات متشددة اضافية في جرود عرسال، فأقفل طريقي وادي عطا والحصن بالسواتر الترابية مضيقا الى اقصى الحدود طرق تهريب الامدادات للتنظيمات المسلحة وابقى الطرق التي تربط عرسال بوادي حميد والمصيدة سالكة تحت مراقبة مشددة لوجود مصالح لاهالي عرسال هناك.

ومساء امس انفجرت عبوة ناسفة داخل سيارة رباعية الدفع في عرسال أدت الى اصابة سائقها حسن عز الدين في قدميه. واشارت التحقيقات الاولية الى ان خلفية التفجير تعود الى أمور فردية وشخصية، اذ ان المستهدف وشقيقه جهاد هما من المطلوبين بتجارة الممنوعات وعلى علاقات مع جماعات مسلحة.

وليلاً، أصدرت “جبهة النصرة” بياناً قالت فيه ان طائرة لبنانية من دون طيار قصفت منزل عائلة محمد الحجيري في وادي عجرم في خراج عرسال، مما أدى الى مقتله مع أحد اطفاله واصابة الام وسائر الاطفال. لكن معلومات من عرسال أكدت مقتل شخص وجرح آخرين في غارة يرجح ان الطيران السوري شنها.

السابق
الجيش أمام خيارات «نوعية» لتحرير العسكريين
التالي
فوضى في ملف العسكريين ورفض رسمي لمبادرة «العلماء المسلمين»