الجيش أمام خيارات «نوعية» لتحرير العسكريين

كتبت صحيفة “السفير” تقول : لبنان بلا رئيس للجمهورية لليوم التاسع والتسعين بعد المئة على التوالي.
بلغت قضية العسكريين المخطوفين الأفق المسدود بعد انسحاب قطر من وساطتها مع المجموعات الإرهابية، وصار لزاما على “خلية الأزمة” أن تقدم إجابات مختلفة للأهالي وللرأي العام اللبناني، ولو اقتضى الأمر خيارات “نوعية” لتحرير العسكريين، من النوع الذي بدأت المؤسسة العسكرية تناقشه جديا للمرة الأولى.

في السياسة، تواصل فرنسا عبر مدير شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية جان فرانسوا جيرو، مهمتها الهادفة إلى إخراج الملف الرئاسي من حالة الركود، عبر حث جميع الأطراف اللبنانية على التعجيل في انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
واللافت للانتباه أن التحرك الفرنسي منسق مع عدد من العواصم الدولية والإقليمية أبرزها طهران التي كان زارها جيرو في الشهر الماضي، ومن المفترض أن يعود إليها قبل نهاية العام الحالي، على أن يواصل جولاته المكوكية نحو بيروت وغيرها من العواصم المعنية بالاستحقاق الرئاسي اللبناني.

وإذا كان الخطاب المعلن للفرنسيين يندرج في خانة “الوساطة المحايدة” وأنهم لا يضعون في جيبهم إسما محددا كمرشح لرئاسة الجمهورية، فإن المتابعين للحركة الديبلوماسية الفرنسية باتوا مقتنعين أن باريس تملك إسما أو أكثر، وهي تحاول تسويقه في أكثر من عاصمة، لكنها تلقت نصيحة إيرانية مفادها: “نحن نتعامل بشكل جدي ونريد أن نرى رئيسا للجمهورية في لبنان في أقرب فرصة ممكنة لكن عليكم (الكلام موجه للفرنسيين) أن لا تفرضوا خياراتكم على المسيحيين في لبنان، بل أن تعطوهم فرصة لتسمية رئيس الجمهورية، ونحن عندها سنتبنى خياراتهم”.

وقد التقى جيرو في اليوم الأول من زيارته رئيس مجلس النواب نبيه بري، الرؤساء: تمام سلام، نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة، النائب وليد جنبلاط، البطريرك الماروني بشارة الراعي، رئيس “القوات اللبنانية” سمير جعجع ووزير الخارجية جبران باسيل، ومن المقرر أن يلتقي اليوم قيادة “حزب الله” والعماد ميشال عون.

ووسط “الفراغ التفاوضي” في قضية العسكريين، سارعت “هيئة العلماء المسلمين” إلى التبرع بملئه بـ”مبادرة ملتبسة”، تتبنى فيها مطالب المجموعات الإرهابية بالإفراج عن “النساء المعتقلات” (طليقة ابو بكر البغدادي سجى الدليمي وزوجة القيادي في تنظيم “داعش” أنس جركس الملقب بـ”أبو علي الشيشاني”)، كما تشترط لقبولها مهمة التفاوض مع المجموعات الإرهابية، أن تحظى بتكليف رسمي لها من قبل الحكومة اللبنانية!

وإذا كانت “هيئة العلماء” قد اختارت دار الفتوى منبرا لإطلاق مبادرتها، فإن مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان أبلغ “السفير” أن “هيئة العلماء” أطلعته على مبادرتها، “فأكدت لهم أنه حتى لا تتشعب الأمور، من الأفضل أن يعرض الأمر على رئيس الحكومة وخلية الأزمة التي تتابع الملف”.

وأعرب دريان عن تضامنه الكامل مع أهالي العسكريين، مؤكدا أن الشهداء منهم هم شهداء الوطن كله وليسوا لفئة من دون غيرها، وهذا ما أبلغه أمس خلال اتصال هاتفي أجراه بوالد الدركي الشهيد علي البزال، مشددا على ضرورة طي هذا الملف وتضافر الجهود لإطلاق سراح العسكريين المخطوفين في أسرع وقت ممكن.

ونقل زوار الرئيس سلام عنه قوله إن قضية العسكريين معقدة جدا وأن ليس هناك ما يطمئن “ولكننا نقوم بما تمليه علينا هذه القضية من مسؤوليات، وإذ نؤكد على تضامننا مع ذوي العسكريين، نشدد في الوقت نفسه على أننا عازمون على متابعة هذه القضية بما تقتضيه وصولا إلى تحرير أبنائنا العسكريين وعودتهم سالمين”.

وقالت مصادر معنية لـ”السفير” إن الجلسة الأخيرة لخلية الأزمة تحولت إلى “جلسة محاكمة” للإنجاز الذي حققه الجيش اللبناني بإلقاء القبض على طليقة البغدادي وزوجة الشيشاني. وقد رفض وزير العدل أشرف ريفي الخوض في تفاصيل ما جرى في خلية الأزمة، مشيرا إلى أنه ملتزم بالصمت وبعدم مقاربة موضوع العسكريين في الإعلام، واكتفى بالقول لـ”السفير”: “كنت واضحا بأنني ضد التوقيف لأي إمرأة أو رجل أو أي طفل، انا مع توقيف المرتكب إذا كان مرتكبا”.

ميدانيا، قال مصدر أمني معني لـ”السفير” إن الجيش اللبناني، وفي إطار استكمال أوراق القوة، تمكن من فصل عرسال عن جرودها، وأقفل بالتالي كل المعابر الواصلة بينهما، إلا أنه أبقى على معبرَي وادي حميد والمصيدة مفتوحَين لمن يرغب من أهالي عرسال حصرا في الوصول إلى أراضيهم وأرزاقهم على مرأى من الجيش، علما أن العقدة في هذا الجانب تتمثل في كيفية التعاطي مع بعض مخيمات النازحين السوريين التي تقع خارج عرسال، وكيفية إيصال المؤن والاحتياجات إليها، والخشية أن تنتقل هذه المؤن للمجموعات المسلحة كما كان يحصل طيلة الفترة السابقة.

وليل أمس تداولت مواقع التواصل الاجتماعي ما بدا انه تهديد جديد أطلقته “جبهة النصرة”، حيث أعلنت عبر حساب “مراسل القلمون” أن قرارات خلية الأزمة (اللبنانية) “التي تزعم أن هدفها إنقاذ حياة العسكريين، بدأت تأخذ منحى قد يودي بحياتهم بسبب هيبة الدولة المزعومة”!

وقد تزامن بيان “النصرة” مع معلومات تحدثت عن قصف تعرضت له مواقع مسلحيها ليلا، لم يحدد مصدره، فيما اشارت “الوكالة الوطنية للإعلام” إلى تعرض منزل في منطقة العجرم في أطراف عرسال لقصف من الطيران السوري أدَّى إلى سقوط ثلاثة قتلى وجريحَين.

السابق
«الشحرورة» في صور
التالي
جيرو يُطلق المبادرة الفرنسية لمرشّح توافقي المخطوفون