زاسبكين: لبنان ساحة تصدٍّ لـ’داعش’

يتوافق السفير الروسي في بيروت ألكسندر زاسبكين مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي أشار، أثناء لقائه سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدّولي ومنسق الأمين العام للأمم المتحدة، إلى «وجود خطر كبير يشكّله الإرهابيّون في منطقة عرسال، حيث يقف الجيش في الصف الأمامي للتصدّي له».

في قراءة زاسبكين لما يحصل في لبنان، بعد انتقال داعش من العراق الى سوريا وتهديدها للحدود الشرقية وبعد طلب لبنان أسلحة روسيّة، أنه يرى «مخاطر ملموسة، ما يوجب الاستنفار الدولي السياسي والأمني والمادّي للتصدّي لها ولتوفير الأمن في هذا البلد، وهذا أمر قابل للتحقيق، لأنّ المجتمع اللبناني لا يقبل التطرّف والأحزاب السياسية توفّر تغطية للجيش».
تجري روسيا حالياً تفاوضاً مع قيادة الجيش ووزارة الدّاخليّة اللبنانية، حيث توجد قائمة من المعدّات العسكرية المطلوبة من قبل الجانب اللبناني وسيناقشها وزير الداخلية نهاد المشنوق أثناء زيارته الى موسكو هذا الشهر. يقول زاسبكين: «أظنّ أن هذه القائمة لا تتغيّر كثيراً وهي ذاتها التي تمّ البحث بها منذ 4 أعوام، وتمّ تجديد التفاوض حولها اليوم ونتمنّى أن تكون النتائج ملموسة».
وعما إذا كانت الحرب المفترضة ضدّ الإرهاب في سوريا والعراق ستشمل لبنان، يقول زاسبكين: «ميدانيّاً، تقع الأراضي السورية والعراقيّة تحت سيطرة داعش وساحة القتال مترابطة، من هذه الناحية ينبغي توحيد جهود الأطراف المعنية ضدّ داعش في هذه البقعة الجغرافيّة. أمّا لبنان، فهو ساحة مواجهة وليست مربوطة مباشرة بالساحة السورية ـ العراقية. لذا من الممكن أن يكون تصدٍّ للخطر الإرهابي في لبنان بشكل شبه مستقلّ عن المعركة الأخرى في سوريا والعراق».
لا يوافق زاسبكين البعض بتحميل «حزب الله» مسؤولية جلب التطرف الى لبنان بسبب قتاله في سوريا ويقول: «أنا لا أوافق على هذه النظرية لأن الحوادث الأخيرة أثبتت أن مشروع الخلافة الإسلاميّة يتحقق بغضّ النظر عن تصرفات الأطراف الأخرى، فالجماعات المتطرفة تستهدف أطيافاً متنوعة سياسياً وطائفياً في دول عدّة، هذه الأطراف لا تعترف بالحدود وتتصرّف وفق أفكارها وأولوياتها الخاصة».

ثبات روسي في الشأن السوري

ترفض روسيا مناقشة مستقبل النّظام السوري برئاسة بشار الأسد مع أيّ جهة خارجيّة مكرّرة الموقف ذاته: «هذا شأن داخلي للشعب السوري، ولا يوجد أيّ تغيير لروسيا في هذه المسألة».
ينفي زاسبكين في حوار مع «السفير» علمه بما تردّد عن أن الرئيس المصري عبد الفتّاح السيسي حمل اقتراحاً الى موسكو مؤخراً بإشراك روسيا في ائتلاف مكافحة الإرهاب شرط تسهيلها ترحيل الأسد.
ويذهب أبعد من ذلك مستبعداً أيّ تغيير في سوريا على طريقة إزاحة رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي بعد اتفاق إيراني سعودي ويقول: «نحن نقبل التغيير الدّاخلي حين يكون ثمرة توافق بين الأطراف الدّاخليين في بلد، الهدف الأساسي للجهود الخارجية ينبغي أن ينصبّ على مساعدة الأطراف السورية على إجراء الحوار من دون استباق النتائج، وإذا كان الحوار السوري – السوري يوجب اتخاذ أيّة قرارات لتغيير في القيادة، فهذا يعتبر قراراً سوريّاً بامتياز».
ويشير زاسبكين الى أنّ» بعض الدول الإقليمية، مثل مصر وإيران، تحاول المساهمة في حلحلة المشاكل على أساس الحلول الوسطى بين الأطراف، آخذة في الاعتبار الأولويات مثل مكافحة الإرهاب، ونحن نقدّر إيجابيّاً هذه الجهود». ويضيف: «المطلوب أيضاً توحيد جهود الأقطاب الدّوليّة، وهذا غير وارد لغاية اليوم».
هذا العناد الروسي يأتي بعد اكتشاف موسكو أن عملية جنيف السياسية «يتمّ تعطيلها عمداً»، بالإضافة الى الهجمة الأميركية الأوروبية غير المسبوقة على روسيا من بوابة أوكرانيا، ولعلّ الأزمة الأوكرانيّة هي عامل معرقل لقيام معسكر إقليمي دولي لمكافحة الإرهاب، كما يدعو إليه الرئيس الأميركي باراك أوباما، يقول زاسبكين: «نحن نريد توحيد جهود المجتمع الدولي بهدف مكافحة الإرهاب، يتصرّف الغرب في مجال مكافحة الإرهاب مراراً وتكراراً وفق مصلحته، وليس بحسب مبدأ الشرعية الدولية. ظروف التعامل القائمة حالياً بين موسكو والغرب غير مناسبة، لأنّه حتى إذا كان التوجه الغربي لصدّ داعش في الشرق الأوسط، فإن البحث في سوريا عمّا يسمّى القوى المسلّحة المعتدلة يناقض هذا التوجه، ونحن نعرف أنه من الصعب إيجاد هذه القوى. قد يقول أحدهم إنّ هذه القوى معتدلة، لكنّ الواقع أنّ عناصر هذا الفصيل المعتدل قد ينتقلون الى داعش والنصرة فجأة، وبالتالي فإن هذا الطريق مسدود. أما ما يحدث في أوكرانيا فهو يفوق التصوّر من حيث تزوير الغرب لما يجري، وثمة قصف للمدن وللناس الأبرياء من قبل سلطات كييف، وفي الوقت نفسه اتهام المقاتلين الذين يدافعون عن منازلهم بكلّ الفظائع. وسط هذه الرؤية لما يحصل فمن المستحيل الوصول الى المستوى المطلوب للتعاون في مجال مكافحة الإرهاب».
وعما إذا كانت روسيا لعبت دوراً في تعزيز التواصل بين سوريا والغرب، يقول السفير الروسي: «لا معلومات حول هذا الموضوع، لكن كتحليل شخصي، أعتقد أنه انطلاقاً من الطلب الروسي بالتنسيق في مكافحة الإرهاب سيكون جيداً إذا حصل تنسيق ما أو محاولات لتقريب وجهات النظر عبر مساعدة روسيا، لكن أظن أنه لا يوجد بين روسيا والغرب اليوم المستوى المطلوب للتفاهم في هذا الموضوع، والأمر سيّان في ما يتعلّق بالعلاقات بين الغربيين وبين النّظام السوري».

السابق
عندما يبارك المرشد
التالي
فلسطينيو العراق في ظل سياسة الأونروا