عندما يبارك المرشد

الخامنئي
يمكن القول بأن التصريح العلني للمرشد يؤشر الى مرحلة جديدة ومستوى متقدم من التعاون والتنسيق بين ايران وأميركا، خاصة انه جاء عقب اعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما عن تشكيل تحالف دولي لمحاربة داعش وارسال وزير خارجيته جون كيري الى المنطقة لهذا الموضوع.

بعد المؤتمر الصحفي الذي عقده وزير خارجية النظام وليد المعلم منذ أيام واعلن فيه استعداد نظامه للتعاون والتنسيق مع كل دول العالم، مسميّاً بريطانيا والولايات المتحدة الامركية، ها هو مرشد الثورة الإسلامية في ايران اية الله علي خامنئي يعلن أيضا موافقته على اجراء اتصالات مع المسؤولين العسكريين الأميركيين بهدف دعم الجهود الرامية الى هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية داعش.

فاذا ما كان تصريح النظام السوري لا يستحق التوقف والقراءة حتى انه لم يأخذ حيزا من الاعلام عند المراقبين بسبب ما يعانيه هذا النظام من موت سريري لا يؤهله الى الدخول في اللعبة الإقليمية كلاعب مفترض، واعتبار ما جاء في المؤتمر الصحفي لا يغدو اكثر من محاولة بائسة للقول بانه لا يزال على قيد الحياة ليس اكثر، فالأمر مختلف عند صدور نفس الموقف من رأس النظام الإيراني، فهنا المدلولات وما يترتب على هكذا اعلان من دلالات تفرض نفسها على أي قراءة موضوعية.

صحيح ان التنسيق العسكري المباشر بين ايران والولايات المتحدة ليس جديدا ويعود الى مرحلة ما قبل احتلال العراق من خلال فتح المجال الجوي الحيوي الإيراني للطائرات الامركية وما لحقها، الا ان السمة التي حكمت تلك المرحلة لم تتعدَ تقاطع المصالح والمنافع المشتركة بحدودها الضيقة، وغير المرتكزة بالضرورة على مسبوقات تفاهمية ذات منحى سياسي اكبر من مجرد تفاهمات موضعية.

لذا كان التنسيق حينئذ يمارس على استحياء وبدون تصريح مباشر ومعلن من الولي الفقيه، وكانت مباركته يومها لا تتجاوز غض النظر والسكوت عن الامر وابقائه “تحت الطاولة”, في حين ان على سطحها كان يحرص من خلال خطبه وتصريحاته على تذكير الجماهير بالعداء لاميركا وبانها لا تزال هي الشيطان الأكبر.

ومن هنا يمكن القول بان هذا التصريح العلني للمرشد انما يؤشر الى مرحلة جديدة ومستوى متقدم من التعاون والتنسيق بين البلدين، خاصة انه جاء عقب اعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما عن تشكيل تحالف دولي لمحاربة داعش وارسال وزير خارجيته جون كيري الى المنطقة لهذا الموضوع.
فاذا ما كان مجرد التنسيق العسكري لا يحتاج الى إضفاء “شرعية ” معلنة، مما يدل بان التنسيق والتعاون هذه المرة هو اعمق بكثير لدرجة انه يحتاج الى تدخل شخصي من المرشد بشكل مباشر، فتكون هذه “الفتوى” المستجدة تهدف بشكل اولي الى تهيأة الجماهير والمريدين والاتباع في الداخل الإيراني وعلى امتداد عباءته القيادية لتقبّل المشهد القادم وما يفرضه من صور يمكن ان تشكل صدمة لهذا الرأي العام،وعليه فلا عجب ان شاهدنا في الأيام القليلة القادمة جون كيري وجواد ظريف في مكتب الأخير بطهران، او حاملة الطائرات الامركية ترسو في ميناء بندر عباس.

واما فيما يخص الشق المتعلق بحزب الله، وما سيترتب على خروج اميركا من دائرة الشيطنة ودخولها دائرة “التقوى” وانعكاس ذلك على ادائه وعلى ادبياته وهنا بيت القصيد، فيمكننا القول بشكل جازم ولا يشوبه شك بان مرحلة جديدة سوف نشهدها وان قيادة الحزب تتدرب الان على استعمال مصطلحات لم يكن لها وجود في القاموس الجهادي القديم.

فإن هامش المناورة وان بقي متوفرا في المرحلة السالفة، الا ان الان لا مكان لاي فاصلة ولا وجود لاي فسحة تسمح بالتباين او التمايز، وهذا ما يمكن ان يفسر لنا صمت القبور عند الحزب بمقاربته للغارات الامركية على شمال العراق، فلا مجال الان الا لتنفيذ القرار الإلهي بعد ان كشف عنه مباركة المرشد.

السابق
لوحة سيارة «حماس» تثير القلق في نيويورك
التالي
زاسبكين: لبنان ساحة تصدٍّ لـ’داعش’