موجة تفاؤل ترصد احتمال لقاء الحريري ونصرالله

داود رمال

تتداخل الاعتبارات الجهوية مع الوطنية في الاسباب الموجبة لعودة زعيم تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري الى لبنان بعد فترة طويلة من الغياب. وأياً كانت هذه الاعتبارات الا ان الثابت هو الوقع الايجابي الكبير التي خلفته على الصعيد الوطني، باعتبارها مؤشراً اقليمياً ودولياً على اعادة بث روح الحوار والتوافق المباشر بين الافرقاء اللبنانيين على مستوى قيادات الصف الاول، بدلاً من الاستمرار في التواصل عن بُعد او عبر موفدين واصدقاء مشتركين.
«صحيح ان الرئيس الحريري لم يرفع من مستوى التوقعات جراء هذه العودة، ولكن في ذلك ربما حرص على عدم حرق المراحل اللاحقة، وفي ذلك ايضا قراءة لحجم التحديات ومعها الصعوبات التي تحتاج الى معالجة نتيجة التراكمات السابقة والتي تتصف بالحساسية والبعد الشخصي في بعض جوانبها، الامر الذي يتطلب مستوى عالياً من المسؤولية الوطنية، وقناعة بطي صفحة الماضي والانطلاق بروح جديدة من الايجابية الكبيرة عبر الملاقاة الى منتصف الطريق»، على حد تعبير مرجع مواكب لا يخفي «غبطته من هذا التطور الذي يبعث على رفع منسوب التفاؤل بمستقبل الوضع المأزوم في لبنان».
ويقول المرجع «يجب عدم ربط هذه العودة بملف الاستحقاق الرئاسي، فلا علاقة لها من حيث الشكل والمضمون بها، لكون الحوار والتواصل والنقاش مع الحريري حول هذا الملف لم ينقطع يوما، وحسنا فعل الحريري بقوله انه سيتابع مراحل تنفيذ الهبة السعودية الاضافية للجيش اللبناني والقوى الامنية، مع عدم اغفال تصاعد حجم المطالبات اللبنانية ومستواها من فريقي 8 و14 آذار، ومعهما المرجعيات الروحية وكل مستويات المجتمع المدني لا سيما الاعلامي منها والتي اتسمت بجرأة ظاهرة، بوجوب عودته الى لبنان لضرورات لم تعد تحتمل الادارة عن بعد انما الخوض المباشر وعن قرب في تفاصيل معالجتها».
ويضيف المرجع «ان الحركة المؤثرة التي قادها الثنائي الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط والحوارات الباريسية والبيروتية التي اتسمت بالكتمان المطلق، أفضت الى هذه النتيجة الاولية، والمباركة بغطاء اقليمي ودولي غير خفي، وهذا ظهر في مسارعة سفيري الولايات المتحدة الاميركية دايفيد هيل والسعودية علي عواض العسيري الى زيارة بيت الوسط في رسالة مباشرة على الغطاء الذي تحوزه هذه العودة».
ويتابع المرجع «ان هناك اولويات باشر الحريري الانكباب على معالجتها فور وصوله، وهي لملمة الوضع داخل الطائفة السنية، لا سيما بعد المواجهة في عرسال، حيث ظهر تركيز على شيطنة السنة في لبنان بعدما عمل على شيطنة الشيعة ربطاً بمشاركة حزب الله في الحرب داخل سوريا، وبالتالي اعادة شد عصب تيار المستقبل باعتباره تيار الاعتدال الاوسع وملاقاته لتيار الاعتدال الشيعي المعبر عنه من قبل الرئيس بري ومواقف الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، ناهيك عن توحيد موقف قوى 14 آذار من الاستحقاقات المقبلة رئاسياً ونيابياً، وبالتالي إمساك الوضع داخل الصف الواحد، وتأكيد أن لا اجنحة في تيار المستقبل انما جسم واحد ورأس واحد».
واذ رأى «انه من الطبيعي ان يكون هناك حوار متواصل ومباشر بين بري والحريري»، قال «إن الانظار منذ الآن ستتوجه الى إمكان ان يتطور هذا الحوار الى لقاء مباشر بين نصرالله والحريري، لذلك لا بد من رصد حركة الزوار الى بيت الوسط وإن كان الخليلان سيتحركان في هذا الاتجاه تبعاً لتطور المعالجات للملفات المطروحة».
واشار الى ان «الاستحقاق الاول امام الحريري سيكون انتخاب مفتٍ جديد للجمهورية اللبنانية يوم غد الاحد، وحضوره سيؤكد انه كان العراب الداخلي لهذا الانتخاب بالاستناد الى التوجه السعودي والمصري، والتعويل على انتخاب مفتٍ جديد يقع في خانة إعادة ترتيب البيت الداخلي في دار الفتوى ووقف حالة الانقسام القائمة واعادة ضبط حركة ومواقف وخطابات المفتين وأئمة المساجد، بما يصب في خانة تأكيد البعد الوطني ووقف أي شكل من اشكال الخطاب ذات السقوف العالية».
وثمّن «مبادرة الحريري الى اعتماد المعبر لعودته من باب السرايا الكبيرة، وفي ذلك تقدير كبير من قبله للرئيس تمام سلام على قاعدة أن الزعامة السياسية ستكون دعماً مضافاً الى رئاسة الحكومة في الفترة الحالية بانتظار إتمام سلة التفاهمات التي تعيد إنتاج الحياة السياسية من جديد».
ويرى المرجع «أن عودة الحريري تقرأ في خلاصة موجزة على أنها ترتيب لكل عناصر البيت الداخلي داخل فريقه السياسي بانتظار تحقق التفاهم الاميركي ـ الايراني ـ السعودي، بحيث يكون في كامل الجهوزية لملاقاة هذا التفاهم وترجمته لبنانياً، كما الأفرقاء الآخرين، بحيث يكون جزءاً من الحل المقبل، الذي نتمناه قريباً».

السابق
الشرق الأوسط: واشنطن تربط هجماتها لـ«داعش» بحكومة وفاق في العراق
التالي
«داعش» صنيعة «ربيعهم»