انسحاب ’جبهة النصرة’ والجيش يضيّق الخناق على ’داعش’ ترحيل 300 لاجئ

لم تكد معركة عرسال بين الجيش اللبناني و مسلحي “داعش” و”بهة النصرة” تدخل يومها الخامس حتّى اتخذت امس منحى آخر تمثل باختلاف المسلحين بعضهم مع البعض، وكان خلاف داخل البيت الواحد وتمديد هدنة وقف النار 24 ساعة جديدة.

نشوة الحرب لدى المسلحين بلغت حداً غير مسبوق لدى مَن منّى النفس بنصر سريع في غضون أيام قليلة، لكن الآمال خابت عندما انجلى غبار اليوم الأول عن سقوط 10 شهداء للجيش وبسالته وصموده على رغم تعمد ارض المعركة بدماء عناصره. وإذا كان المسلحون حتى وقت قريب توهموا بأن الانتصار في معركة عرسال في متناول اليد، فقد خاب ظنهم وتكبدوا خسائر فادحة وضاع السيناريو الذي رسمه المسلحون ولن يكون في مقدورهم معاودة كتابته.
وصباح أمس حصل صدام مسلح بين الفصائل في عرسال على خلفية انسحاب “جبهة النصرة” من الاماكن التي كانت سيطرت عليها وسط البلدة، واسباب التقهقر الذي حصل. وليس مهماً مَن بدأ الخلاف “داعش” أم “جبهة النصرة” إذ مني المسلّحون مبدئيا بهزيمة تحت نار “السيف المصلت” ولمسوا ان المعركة مع الجيش ليست سهلة كما كانوا يعتقدون. وقد تركت فصائل “جبهة النصرة” أرض المعركة وسط البلدة في اتجاه اطراف عرسال على وقع تبادل التُّهم بالخيانة. فمسلحو “النصرة” يفاوضون وفد “هيئة العلماء المسلمين” ويبدون استعدادهم للانسحاب الى الجرود، بينما يرفض مسلحو “داعش” الانسحاب قبل اطلاق الموقوف السوري عماد جمعة.

انسحاب “النصرة”
وأكد عدد من أهالي عرسال لـ”النهار” انهم لم يلحظوا صباح امس اي وجود مسلح في بلدتهم على وقع هدوء حذر سادها، واستطاعوا التجول في بعض شوارعها بعدما فرض المسلحون من بداية المعركة حظر تجول، مانعين المدنيين من المغادرة، ومَن حاول منهم او اشتبهوا في إبلاغه الجيش بإحداثيات نقاطهم، اقتادوه من منزله لتصفيته على الفور. كذلك أكد شهود عيان لـ”النهار” ان أكثر من 30 شاحنة صغيرة غادرت عرسال ركّابها مدججون بالأسلحة ويرفعون أعلام “النصرة” في اتجاه المنطقة الجردية.
ومعركة عرسال التي خرجت خلال الايام القليلة من دائرة صغيرة يعتبرها البعض “شأنا لبنانياً” الى حدث دولي، لم تنتهِ ميدانيا لكنها مستمرة في القضاء على المسلحين رغم ان هدنة الـ24 الساعة التي بدأت السابعة والنصف مساء الثلثاء بسعي من وفد “هيئة العلماء المسلمين” خرقها المسلحون عشرات المرات.واعتمدت خلالها وحدات الجيش سياسة التركيز على القصف المدفعي، مع خطة لتضييق الحصار على البلدة والتثبّت من اغلاق كل المنافذ للحؤول دون وصول إمداد لوجيستي وبشري للمسلحين. ثم راح الجيش رويداً رويداً يعتمد على عمليات ميدانية واستطاع احكام الطوق تقريبا على المسلحين من ناحيتي الجنوب والغرب للبلدة، وانحصرت الاشتباكات مع المسلحين في وادي الرعيان ووادي عطا الجردية، ثم دخل عرسال وسيطر على أحياء منها وأوقف العشرات، وصادر كميات من الأسلحة. وعلى رغم ذلك لم تنقطع الاتصالات والمفاوضات مع المسلحين عبر وفد “هيئة العلماء المسلمين” لحظة، ونجحت هذه المفاوضات في إطلاق ثلاثة عناصر من الجيش المحتجزين رهائن لدى المسلحين احدهم من الضنية والثاني والثالث من عرسال، استكمالاً لخطوة تحرير ثلاثة عناصر أمنية يوم الثلثاء.
وبعد الظهر، أعادت العناصر المسلحة انتشارها عند اطراف عرسال وحاولت الاعتداء على مواقع الجيش في محوري مرج حسان ووادي الأرانب وفي وادي سويد – طريق الرعيان، ووقع عشرات الاسرى من “داعش” في قبضة الجيش. وكان الطيران الحربي السوري حلّق في أجواء بلدة عرسال بعد استهدافها مناطق في جرود البلدة.

عودة “هيئة العلماء”
وكان وفد “هيئة العلماء المسلمين” برئاسة الشيخ سميح عز الدين دخل ظهر أمس عرسال في وساطة جديدة، وباشر التفاوض مع المسلحين. وتزامن دخوله مع سماع دوي إطلاق نار. وعمل الجيش على اخلاء بعض النازحين من عرسال مع دخول الوفد غير ان قافلة المساعدات الانسانية المؤلفة من 10 شاحنات كانت تتجه الى عرسال لنقل مواد غذائية والتي وصلت قرابة الثالثة الى بلدة اللبوة عادت أدراجها بعدما اعترضها عددٌ من أهالي بلدة اللبوة وتجمهر عدد من الشبان والرجال مانعين إياها من المرور. وقبل بلوغها بلدة اللبوة كانت سمعت نداءات عبر مكبرات الصوت في البلدة تدعو الناس إلى التجمهر ومنع القافلة من نقل المساعدات “للمسلحين الارهابيين الذين أسروا أبناءنا وقتلوهم”، كما جاء في الدعوات، على رغم تدخل الجيش الذي حاول المفاوضة مع رئيس بلدية اللبوة رامز امهز الذي اوضح لـ “النهار” ان “مَن منعوا القافلة من العبور الى عرسال هم أقرباء عسكريين من البلدة يأسرهم المسلحون، مشترطين معرفة أخبار عنهم او التواصل معهم”. وأضاف أمهز: “كيف نقنع الناس بالسماح بدخول القافلة وهم لا يعرفون شيئاً عن أبنائهم ولا يعرفون إن كانت هذه المواد الغذائية ستصل الى من يعتقلهم ويقتل رفاقهم؟”.
وأعلن وفد الهيئة خلال مؤتمر صحافي عقده في بلدة رأس بعلبك فور خروجه من بلدة عرسال ان ثمة ايجابية في موضوع الافراج عن بقية الاسرى والجيش سيبقى في مواقعه وستتألف لجنة من اهالي عرسال لمتابعة بقية الامور، وانه تم تمديد وقف اطلاق النار 24 ساعة أخرى، ولفت الى ان من المتوقع ان تكون هناك محاولة اخرى اليوم الخميس لإدخال قافلة المساعدات الى البلدة. ولكن لم تمضِ دقائق على اعلان المبادرة حتى عاد سماع اصوات القذائف والرصاص في جرود البلدة.
وكان تم الاتفاق خلال الاجتماع الذي عقد بين الهيئة ومخاتير عرسال وبعض فاعلياتها و”داعش” و”جبهة النصرة”، في جامع اسماعيل في البلدة على إنهاء المظاهر المسلحة وانسحاب المسلحين من عرسال إلى الجرود في مقابل تعهد اهل عرسال بعدم المساس بالنازحين السوريين الموجودين في المخيم. كذلك تعهد المسلحون بعدم المساس بالجنود المحتجزين لديهم.

ترحيل لاجئين
ومساء أمس نقلت شاحنات للجيش نحو 300 لاجئ سوري وقد وضعت جداول لترحيلهم إلى قراهم التي باتت آمنة، إلى دير الراهبات في رأس بعلبك. وينتظر أن تعبر القافلة التي تنقلهم إلى قراهم بعد موافقة السلطة السورية، من معبر جوسية الحدودي المقفل منذ بداية الحوادث السورية.

السابق
السفارة الأميركية: المزاعم حول دور واشنطن في انشاء ’داعش’ باطلة
التالي
الانذار الاقصى لمواجهة ايبولا